العالم يترقب قرار ترامب بشأن القدس
كتب – سامي مجدي:
يترقب العالم خطابا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتوقع أن يعلن فيه مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل في خطوة نأى أسلافه من الرؤساء الأمريكيين بأنفسهم عنها منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.
وقال مسؤولون في الإدارة الأمريكية إن ترامب سيعترف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل، بيد أنه لن يعلن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة على الفور، حسبما أفادت وكالة أسوشيتد برس.
ويتوقع أن تؤجج تلك الخطوة التوتر والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، وتثير غضب العالمين العربي والإسلامي بالنظر إلى أن المجتمع الدولي لا يعترف بسيادة إسرائيل على كل القدس التي تضم مواقع إسلامية ويهودية ومسيحية مقدسة، كما أن الفلسطينيين يطالبون بالمدينة عاصمة لدولة مستقلة معترف بها دوليا على أساس حدود ما قبل الخامس من يونيو 1967.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء، الأربعاء، عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن ترامب سيعلن في خطابه أنه أمر وزارة الخارجية بالبدء في إعداد خطة لنقل السفارة من تل أبيب في عملية يتوقع أن تستغرق ثلاث أو أربع سنوات. ولن يحدد الرئيس الأمريكي جدولا زمنيا لذلك.
وأضاف المسؤولون أنه سيوقع وثيقة أمن قومي تجيز له تأجيل نقل السفارة في الوقت الحالي نظرا لعدم وجود مبنى في القدس يمكن أن ينتقل إليه الدبلوماسيون الأمريكيون حتى الآن ولتجهيز الترتيبات الأمنية ومساكن للدبلوماسيين.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن الاعتراف بالقدس عاصمة للإسرائيل "اعتراف بالواقع".
ومن شأن إقرار الولايات المتحدة بزعم إسرائيل بأن القدس كلها عاصمة لها، أن يقضي على سياسة أمريكية قائمة منذ عقود مفادها أن وضع المدينة يجب أن يحسم من خلال المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويتمسك ترامب بقراره المرتقب برغم تحذير عربي ودولي من تداعيات خطيرة لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وجرت اتصالات هاتفية بين عواصم عربية عدة وواشنطن ناقشت هذا الشأن.
واتصل ترامب بأربعة زعماء عرب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مساء الثلاثاء، حيث أبلغهم بقراره المرتقب، حسب بيان للبيت الأبيض.
وقال البيان البيضاوي إن ترامب "أكد التزامه بدفع محادثات السلام في اتصالاته بكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز إن ترامب يبدو "متمسكا" بفكرته تجاه القدس.
وحذر الرئيس عبد الفتاح السيسي الثلاثاء ترامب من "القيام بإجراءات من شأنها ان تقوض فرص السلام في الشرق الأوسط. وقال بيان للرئاسة إن السيسي أبلغ ترامب بأنه "لا داعي إلى تعقيد الوضع" في المنطقة.
وعلى نفس المنوال سار العاهل السعودي الملك عبد بن عبد العزيز، أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة. وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الملك سلمان حذر ترامب من أن "أي إعلان أمريكي بشأن وضع القدس يسبق الوصول إلى تسوية نهائية سيضر بمفاوضات السلام ويزيد التوتر بالمنطقة".
وأضافت الوكالة أن العاهل السعودي شدد على دعم السعودية للشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية وعلى "أن من شأن هذه الخطوة الخطيرة استفزاز مشاعر المسلمين كافة حول العالم نظرا لمكانة القدس العظيمة والمسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين".
كما حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس ترامب "من خطورة تداعيات مثل هذا القرار على عملية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم". وقال متحدث باسم حركة فتح التي يتزعمها عباس إن ما بلغهم من واشنطن أن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل "اتخذ بالفعل."
وقال أسامة القواسمي إن الولايات المتحدة تخرج نفسها بهذا القرار من التسوية السياسية. ووصف القرار ب"الخطير والمرفوض تماما وخرق للقانون والشرعية الدولية".
وقال أسامة حمدان مسؤول العلاقات الخارجية بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وعضو المكتب السياسي، إن قرار إدارة ترامب المرتقب يعني مزيدا من الإحكام والاحتلال لأرض فلسطين؛ حيث أنه "يجعل الإدارة الأمريكية الحالية في موقف لا يمكن أن يكون وسيطا أو محايدا بل هو موقف شريك للعدوان والاحتلال على أرض وشعب فلسطين".
وقال الديوان الملكي في الأردن أن الملك عبد الله الثاني أبلغ ترامب أن هذا القرار "سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وسيقوض جهود الإدارة الأمريكية لاستئناف العملية السلمية ويؤجج مشاعر المسلمين والمسيحيين".
كما أعلن وزير الخارجية الاردني أيمن صفدي أن الاردن سيدعو إلى عقد جلسة طارئة للجامعة العربية لمناقشة نوايا ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وقال الصفدي في بيان نقلته وكالة الأنباء الأردنية الثلاثاء "ندعو إلى عقد جلسة طارئة للمجلس الوزاري للجامعة العربية ووزراء خارجية منظمة التعاون الاسلامي السبت المقبل".
وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية الولايات المتحدة من اتخاذ أي إجراءات تغير من الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس. كان أحمد أبو الغيط يتحدث الثلاثاء خلال اجتماع في القاهرة لممثلي الجامعة العربية الذين اجتمعوا لمناقشة اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المحتمل بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال أبو الغيط إن القرار الأمريكي المحتمل صدوره سيكون إجراء "خطيرا" وسيحمل تبعات تؤثر على الشرق الأوسط بأكمله، داعيا ترامب إلى إعادة النظر في الأمر.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد هدد في وقت سابق بقطع العلاقات مع إسرائيل إذا اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لها. وقال أردوغان إن مثل هذه الخطوة تعد تجاوزا لـ"لخط أحمر" بالنسبة للمسلمين.
أوروبيا، أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأمريكي أنه "قلق" من الخطوة ستعني اعترافا أحادي الجانب بأن القدس هي عاصمة إسرائيل، قائلا إن أي قرار في هذا الشأن يجب أن يأتي "في إطار مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
كما حذر الاتحاد الأوروبي من "تبعات خطيرة على الرأي العام في مناطق كبيرة من العالم". والاتحاد الأوروبي عضو في اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط والتي تضم الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا.
ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو هو الوحيد الذي لم يصدر مكتبه بيانا بعد الاتصال.
ويبدو ترامب، الذي وعد خلال حملته الانتخابية الرئاسية العام الماضي بنقل السفارة إلى القدس، عازما على إرضاء القاعدة اليمينية المؤيدة لإسرائيل التي ساعدته في الفوز بالرئاسة.
وتحسبا لاندلاع احتجاجات عنيفة في المنطقة والأراضي المحتلة خصوصا، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية بفرض قيود على حركة دبلوماسييها داخل وحول أجزاء من القدس وحذرت البعثات الدبلوماسية الأمريكية في أرجاء الشرق الأوسط من احتمال وقوع اضطرابات.
والقدس من أهم قضايا النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يطالبون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية. ولا توجد لأي دولة أخرى سفارة في القدس التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم تحظ باعتراف دولي.
وتنص اتفاقيات 1993 على التفاوض بشأن وضع المدينة في آخر المراحل من مسار السلام بين الطرفين. وأقامت إسرائيل منذ 1967 عشرات المستوطنات في القدس الشرقية لنحو 200 ألف يهودي. وتعد هذه المستوطنات غير قانونية، وفق القانون الدولي، على الرغم من اعتراض إسرائيل على ذلك.
فيديو قد يعجبك: