22 عامًا على قانون نقل السفارة للقدس.. هل ينفذ ترامب ما خاف منه سابقوه؟
كتبت- هدى الشيمي:
أصبح الحديث حول العاصمة الإسرائيلية، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أكثر شيوعا في المناقشات السياسية داخل أروقة الكونجرس الأمريكي، والمكتب البيضاوي في التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن الخارجية الأمريكية عارضت على مدى سنين نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مُصرة على أن وضع هذه المدينة يجب تحديده في إطار المفاوضات الختامية بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويترقب العالم خطابا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتوقع أن يعلن فيه مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل في خطوة نأى أسلافه من الرؤساء الأمريكيين بأنفسهم عنها منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.
يتوقع أن تؤجج تلك الخطوة التوتر والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، وتثير غضب العالمين العربي والإسلامي بالنظر إلى أن المجتمع الدولي لا يعترف بسيادة إسرائيل على كل القدس التي تضم مواقع إسلامية ويهودية ومسيحية مقدسة، كما أن الفلسطينيين يطالبون بالمدينة عاصمة لدولة مستقلة معترف بها دوليا على أساس حدود ما قبل الخامس من يونيو 1967.
وينفذ ترامب بقراره المتوقع قانونا أقره الكونجرس الأمريكي في 23 أكتوبر 1995 على قانون "يسمح بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأعطى الحرية للرئيس بالتوقيع عليه لإقراره، مع امكانية تأجيل التصديق عليه ستة أشهر".
وعمل الرؤساء الأمريكيون على تفادي تنفيذ القانون بحجة تداعيات ذلك على الأمن القومي الأمريكي... وفيما يلي رصد لمواقف هؤلاء الرؤساء بداية من بيل كلينتون حتى دونالد ترامب..
بيل كلينتون (1993- 2001)
أعلن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون تأييده للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في الانتخابات التمهيدية بالحزب الديمقراطي، في فبراير 1992.
وخلال حملته للرئاسة، انتقد كلينتون سلفه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب، لتحديه سيادة إسرائيل بشأن القدس الموحدة، وتعهد بأن يعترف بها عاصمة لإسرائيل.
وبعد وصول كلينتون إلى البيت الأبيض، بدأت الحركات المؤيدة ليهود إسرائيل بالعمل على إقناع الرئيس الديمقراطي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك، وهذا ما وجده كلينتون أمرا أكثر تعقيدا مما توقع.
وبحلول عام 1995، وجدت إدارة كلينتون نفسها تعارض قانون نقل السفارة إلى القدس، والذي تم تمريره في الكونجرس وسط تأييد كبير، إلا أن فشل محادثات السلام وقتذاك، جعل الأمر وشيكا.
وأعلن كلينتون بعد فترة قصيرة، أنه سيعمل على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، في نهاية عام 1995، وذلك بسبب غضبه الشديد من موقف الرئيس الفلسطيني، آنذاك، ياسر عرفات، من معاهدة كامب ديفيد، والذي قال له: "إذا أنت بدك ياني أنا أمضي على هذا الاتفاق، أنا بدعوك إلى جنازتي".
وقال كلينتون، وقتذاك، إنه رغب دائما في نقل السفارة إلى القدس، ولكنه خشى أن يؤثر ذلك على دور "الوسيط المحايد" الذي تلعبه أمريكا في عملية السلام.
وتلاشت الفكرة تماما، بعد تحذيرات مسؤولين بارزين في إداراته بالمخاطر المترتبة على هذه الخطوة، فترك كلينتون الأمر للرئيس المقبل.
جورج دبليو بوش (2001-2009)
في حملته الانتخابية عام 2000، تعهد المُرشح الجمهوري آنذاك، جورج بوش الابن بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وانتقد سلفه بيل كلينتون على فشله في تنفيذ وعوده. وقال بوش إنه سيبدأ في تنفيذ عملية النقل فور تنصيبه رسميا رئيسا للبلاد.
أجرى بوش عدة محادثات مع المنظمات اليهودية الرائدة في الولايات المتحدة، وأكد لهم أنه يأخذ الأمر على محمل الجد، إلا أن الأمر لم يختلف كثيرا عما حدث لكلينتون، فبعد وصوله إلى البيت الأرض، وجد أن الأمر أصعب مما يتصور، فأرجأ الأمر.
وبحسب ما نقلته صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن مسؤولين بارزين في إدارة بوش، فإنه أكد لهم أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لن يحدث في أي وقت قريب.
وفي مارس 2001، قال كولين باول، وزير الخارجية آنذاك، لأعضاء الكونجرس الأمريكي إن عملية نقل السفارة ما تزال جارية، إلا أنه لم يمدهم بأي تفاصيل أخرى.
وبحسب دانيال كيرتزر، السفير الأمريكي لدى إسرائيل في إدارة بوش، فقد علم الجميع إن بوش لن ينفذ وعوده، ربما لأسباب سياسية، ولم يتوقع أحد أن تنقل السفارة.
وقال كيرتزر إنه عمل في إدار بوش لأربعة أعوام ونصف، ولا يتذكر في أن الرئيس الأمريكي السابق اتخذ قرارا حاسما بشأن نقل السفارة، أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
باراك أوباما (2009- 2017)
لم يختلف البرنامج الانتخابي لباراك أوباما، المرشح الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة عام 2008، عن غيره من أسلافه، إذ تضمن وعدًا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى العاصمة الجديدة.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن النسخة الأولى من البرنامج الانتخابي للمرشح الديمقراطي، آنذاك، لم تتضمن هذا الوعد، ولكنه أضافها في النسخة الجديدة من البرنامج، بعد استغلال منافسه الجمهوري ميت رومني للأمر، واتهمه بالتراجع عن تأييد إسرائيل، الحليف الأقرب للولايات المتحدة.
وأكد أوباما في خطابه أمام منظمة أيباك المؤيدة لإسرائيل أن القدس ستبقى عاصمة إسرائيل، ويجب أن تبقى موحدة، وفي وقت لاحق، قال في حوار لشبكة "سي إن إن" الأمريكية إن مطالبة الفلسطنيين بحقهم في اتخاذ القدس عاصمة لهم متروك للتفاوض بين طرفي الصراع.
ودعا سياسيون في الكونجرس الأمريكي أوباما بتنفيذ القرار، والاعتراف بإسرائيل عاصمة للقدس، والبت في مسألة نقل السفارة. وفي ديسمبر 2016، استخدم أوباما حقه في تأجيل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ستة أشهر أخرى، وترك الأمر في يد الرئيس المقبل.
دونالد ترامب (2017- .... )
أكد دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية أنه سيبذل قصارى جهده لتنفيذ قرار الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
وقال ترامب، خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن "القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي منذ 3000 عام".
وأبلغ الرئيس الأمريكي، أمس الثلاثاء، كل من الرئيس الفلسطني محمود عباس (أبو مازن) والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاجح السيسي خلال اتصالات هاتفية نيته نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
ورفض الزعماء العرب الثلاث قرار ترامب المحتمل، محذرين من انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وسيقوض جهود الإدارة الأمريكية لاستئناف العملية السلمية، ويؤجج مشاعر المسلمين والمسيحيين.
وأكد مسؤولون بارزون في الإدارة الأمريكية اليوم، الأربعاء، أن ترامب سيعلن خلال الساعات المقبلة قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسيوجه وزارة الخارجية الأمريكي للبدء بإجراءات نقل السفارة من تل أبيب إلى المدينة التي تشكل نقطة نزاع رئيسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وترى مجلة التايم الأمريكية أن ترامب، الذي أوشك على إنهاء العام الأول له في الرئاسة، يحاول انجاز أي شيء، مُشيرة إلى أنه يحاول عن طريق تحركاته في الشرق الأوسط احراز أي انتصار في الداخل، لاسيّما وأنه يواجه الكثير من الأزمات الخارجية على رأسها أزمة كوريا الشمالية.
وقالت إن الرئيس الأمريكي يراهن أن يهلل أنصاره في الداخل باعترافه بالقدس عاصمة لأسرائيل، وأن تتجاوز فرحتهم مشاعر أي شخص يؤدي القرار في المنطقة، رغم أنه لم يتضح حتى الآن تأثير القرار على الأمريكيين.
فيديو قد يعجبك: