توماس فريدمان: على العرب مساندة "بن سلمان" لمواجهة التمدد الإيراني
القاهرة – (مصراوي):
قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، إن هناك قاسم مشترك يفسر الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، وتصرفات المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة، وسوريا، وإسرائيل، واليمن، وهو: "إيران"، موضحًا أن هؤلاء الأطراف جمعهم هوسًا بنفوذ إيران.
وأضاف فريدمان –في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية- إن إدارة ترامب، مثل باراك أوباما، تريد في الواقع الابتعاد عن الشرق الأوسط قدر المُستطاع، لكنها في الوقت ذاته ترغب أن تترك خلفها أقل نفوذ إيراني ممكن.
وشدد على أنه يجب على الأميركيين، والأوروبيين، والقادة العرب أن يشجعوا بن سلمان على الذهاب إلى حيث لم يتجرأ أي زعيم سعودي سابق، والسعي لتحقيق هدفه المعلن المتمثل في الرجوع عن منعطف اليمين الديني الذي سلكته المملكة في 1979، بعد سيطرة متطرفين إسلاميين على المسجد الحرام في مكة.
ووجه الكاتب في مقاله، مجموعة من النصائح لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للتعامل مع التمدد الإيراني في المنطقة، وحذره في الوقت نفسه من الهدية التي يعتزم حليفه الرئيس الأميركي تقديمها إلى طهران.
وأوضح أن المملكة العربية السعودية، تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تريد المضي قدما في الشرق الأوسط وإصلاح اقتصاد القرن الـ21، في حين تريد أن تقلص قدر التأثير الإيراني في المنطقة بأقصى ما يمكن.
واستطرد "يريد الإيرانيون توسيع نفوذهم من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط، ليس عن طريق مشروع إنمائي يؤيده العرب بل يشقون طريقهم إلى لبنان، سوريا والعراق من خلال ميليشيات حزب الله، التي أنشأت دولا داخل هذه الدول".
وأكد فريدمان أن هذا الطموح الإيراني يولد الكثير من القلق في العالم العربي والولايات المتحدة وإسرائيل.
وانتقد الكاتب الإيرانيون الذين وصفهم بأنهم يتمتعون بمواهب كثيرة، وثقافة فارسية ثرية، لكن بدلاً من إطلاق العنان لذلك وتمكين الشباب الإيرانيين من إدراك قدرتهم الكاملة، وجعل البلاد مؤثرة على ذلك النحو، يقمع المرشد الأعلى الإيراني تلك المواهب في الداخل، ويطلقون العنان لقوة المرتزقة في لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، ويفرضون النفوذ بتلك الطريقة.
قال فريدمان، إن الغرب أنفق مبالغ هائلة لمواجهة التطرف الإسلامي، مضيفًا "ربما أصبح لدينا في نهاية المطاف قائد سعودي مستعد للقيام بذلك من مهد الإسلام، ومن شأن ذلك أن يفيد المسلمين وغير المسلمين على حد سواء كثيراً بمرور الوقت
وأضاف أنه إذا حقق بن سلمان تعهده بإعادة الإسلام السعودي إلى الاعتدال، فذلك بالتأكيد سيحسن وضعية المرأة المسلمة، وجودة التعليم في المجتمعات المسلمة، والعلاقة بين المسلمين والأديان الأخرى في مختلف أنحاء العالم.
وانتقد الكاتب الحكام السعوديين في ذلك الوقت إلى حظر الترفيه، وتشديد قبضة الشرطة الدينية المعروفة باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على المجتمع، وتصدير تفسيرات الإسلام الأكثر مناهضة للنساء والتعددية إلى المساجد والمدارس الموجودة في مختلف أنحاء العالم بصورة أقوى، متسببة في إمالة المجتمع المسلم بأكمله إلى اليمين.
وأشار إلى أن "بن سلمان" يتطلب لتنفيذ تلك الأجندة مملكة قوية ومتعافية اقتصادياً. لكن للأسف، السعودية بعيدة في الوقت الراهن عن ذلك؛ فمساراتها في السنوات الأخيرة كانت في انحدار حاد.
ويضيف فريدمان "عليهم أيضاً أن يؤكدوا له أنه لكي يكون مدافعاً فعالاً ضد الفساد، عليه أن يكون منفتحاً على الانتقادات الموجهة له هو، وأن يعيش بتواضع، ولا مزيد من اليخوت العملاقة.
ولفت "من الرائع إلقاء القبض على المليونيرات السعوديين اللصوص، والزج بهم في ريتزكارلتون، لكن ينبغي أن يتم ذلك بشفافية، وفي إطار سيادة القانون -وهو الأمر الذي سيعزز شرعيته- وليس بطريقة تعسفية من شأنها أن تضر بشرعيته وتخيف المستثمرين المستقبليين".
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، قال فريدمان، إنه على أصدقاء بن سلمان الحقيقيين أيضاً إخباره أنه في حين وسعت إيران نفوذها في أنحاء العالم العربي، فإن السعوديين ليست لديهم القدرة على التعامل مع ذلك بصورة مباشرة في الوقت الراهن. فقد قضى الإيرانيون قرابة 40 عاماً وهم يطورون نفوذهم عبر شبكات تحت الأرض ووكلاء شيعة.
واستطرد "في الوقت نفسه، كتب السعوديون شيكات للميليشيات السنية، التي لم تبق موالية قط. أو اشتروا أنظمة أسلحة كبيرة عديمة الجدوى في عصر الحرب غير النظامية هذا، وتقود فقط إلى ذلك النوع من حملات القصف السعودية في اليمن التي أسفرت عن الكثير من القتلى المدنيين، والأمراض، والمجاعة- ومأزق مكلف للرياض".
ويتابع الكاتب الأمريكي: "رأيي في السعودية اليوم بسيط جداً، فأمامها الكثير من الإصلاحات المؤجلة لتقوم بها -قبل نفاد أموال نفطها- والسؤال الأكبر لا يتعلق بإذا ما كان بن سلمان شريراً، وقاسياً، ومتعطشاً للسلطة، ومعيباً للغاية. بل يتعلق بما إذا كان متأخراً للغاية، وأن السعودية أصبحت الآن عصية على الإصلاح".
فيديو قد يعجبك: