لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد الاعتراف بالقدس ـ هل فقدت واشنطن دورها كوسيط "نزيه"؟

03:27 م الجمعة 08 ديسمبر 2017

برلين (دويشته فيله)
بعد قرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل واعتزامه نقل سفارة بلاده إليها، تصاعدت الأصوات الرافضة للقرار، وسط تشكيك في دور واشنطن كـ"وسيط نزيه" في الصراع، فيما تزايدت احتمالات دخول لاعبين جدد على خط الأزمة.

بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل واعتزامه نقل السفارة الأمريكية إليها، نشرت العديد من الصحف العالمية ومنها الألمانية ما مفاده بأن أمريكا أصبحت طرفاً في الأزمة ولا يمكن أن تلعب بعد اليوم دور الوسيط.

صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" قالت إن "ترامب يلعب بالنار" وأنه تسبب في رفع مستوى التوتر في القدس بشكل كبير كما تسبب في تصاعد المخاوف من تعرض الدبلوماسيين الأمريكيين للخطر. صحيفة " هسيشه نيدرزيكسيشه ألغماينه" قالت إن الولايات المتحدة الأمريكية تخلت عن دورها كراع صادق لعملية السلام، وهي الآن طرف في النزاع. صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" قالت إن قرار ترامب قد يحقق صفقة لكنه لا يخدم السلام.

فمن الذي يمكنه أن يلعب دور الوسيط في الأزمة التاريخية المستمرة إلى اليوم إن كان هناك من يرى أن أمريكا قد فقدت هذا الدور؟ وما حجم الدور الذي يمكن أن يضطلع به الوسيط الجديد المحتمل؟ وهل يمكنه الضغط على طرفي الصراع للوصول إلى تسوية أو العودة إلى طاولة المفاوضات؟ ثم هل يمكن أن تترك أمريكا هذا الدور طوعاً أو كرهاً؟

الدور الأمريكي في عملية السلام.. هل هو على المحك فعلا؟
يقول يوني بن مناحم المحلل السياسي الإسرائيلي في مقابلة مع DW عربية إن ما تقوله القيادة الفلسطينية بأن أمريكا فقدت دورها كوسيط بينها وبين إسرائيل نابع من غضب شديد على ما حدث، لكن هذه القيادة تعلم تماماً بأنه ليس هناك أي إمكانية لأن تحل دولة أخرى محل الولايات المتحدة كوسيط، لأنها الدولة الوحيدة في العالم التي تملك القوة للضغط على إسرائيل في أي مفاوضات مستقبلية، وبالتالي فالقيادة الفلسطينية ستتراجع مستقبلاً عما قالته وعندما تهدأ الأمور ستعود أمريكا وسيطاً من جديد.

يتفق معه في الرأي الدكتور نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، لكن الأخير يرى الأمر من وجهة نظر أخرى، وهي أن ترامب بإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل هدف إلى دعم مشروعه المعروف باسم "صفقة القرن"، وهي "تصفية نهائية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بما فيها عدم الإعلان عن دولة فلسطينية مستقلة" حيث قضى على أمل تقاسم القدس بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأضاف ميخائيل أن إعلان ترامب يعني دوراً أكبر لأمريكا في المفاوضات لأنه يحاول رسم خريطة طريق للحل النهائي، رغم رفض الجانب الفلسطيني لهذه الرؤية.

الدب الروسي .. هل يفرض قواعد جديدة للعبة؟
فرضت روسيا الحاضرة بقوة دبلوماسياً وعسكرياً في المنطقة، وجودها وأصبحت رقماً هاماً في المعادلة بالشرق الأوسط، ما دفع بالبعض لأن يرى دوراً روسياً محتملاً وقوياً قد يتصاعد في الفترة المقبلة في عملية السلام سواء قبلت به أمريكا وإسرائيل أم لا.

يقول بن مناحم إن روسيا دولة في غاية الأهمية ولديها حضور قوي في الشرق الأوسط لكن الموقف الإسرائيلي واضح وهو أن "روسيا منحازة للطرف العربي والفلسطيني، فهي تقيم علاقات مع حركة حماس التي تصنفها إسرائيل كمنظمة إرهابية"، لذلك لن تقبل إسرائيل بأي دور لروسيا كوسيط رئيسي بين الطرفين وإن قبلت فسيكون دوراً مساعداً وبموافقة الولايات المتحدة، "فإسرائيل لن تخون الولايات المتحدة التي هي الداعم الرئيسي لها في الشرق الأوسط ولا يمكن أن تحل أي دولة محلها في هذا الشأن، وبالتالي الولاء الإسرائيلي سيظل كما هو لأمريكا وليس هناك مجال لأي دولة أخرى لأن تحل محلها".

لكن الدكتور نبيل ميخائيل يختلف مع بن مناحم حيث يرى أن الدور الروسي في المنطقة والذي يتسع يوماً بعد يوم أصبح محل نقاش كبير في الولايات المتحدة بين الجمهوريين والديمقراطيين.

وقال إن أي دور روسي محتمل يعتمد على قضيتين الأولى: ماهي نوعية التصريحات الصادرة من موسكو بخصوص القدس خلال الأيام المقبلة وهي ما سيعكس كثيراً وجهة النظر الروسية حيال الأزمة. الأمر الآخر هو هل ستحاول موسكو إقامة صلة بين النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وموضوع سوريا. فأمريكا تعرف أن روسيا باقية في سوريا لفترة طويلة، هذا البقاء الطويل يؤثر أيضاً على لبنان، فهل ستكون الدبلوماسية الروسية شاملة ايضا لهذا النزاع كجزء من بقائها الطويل في المنطقة؟ وقال إن روسيا سترسل رسائل لإسرائيل مفادها بأننا في سوريا ليس لتهديدكم وإنما لإعادة الاستقرار. وبالتالي قد تصل الضغوط الروسية على إسرائيل فيوقت ما لأن تكون قوية جداً.

الاتحاد الأوروبي.. لاعب جديد-قديم
عقب إعلان الرئيس الأمريكي القدس عاصمة لإسرائيل صدرت العديد من التصريحات الأوروبية الرافضة للقرار، رأت في مجملها أن القرار سيتسبب في إشعال المنطقة بجانب مخالفته لقرارات الأمم المتحدة، وهو ما قد يجعل الجانب الفلسطيني يرى في الاتحاد الاوروبي وسيطأ محتملاً قد يلجأ إليه لدعمه. لكن ماذا عن إسرائيل؟

يقول المحلل الإسرائيلي بن مناحم إن بلاده ترى "الاتحاد الأوروبي كجهة منحازة للفلسطينيين وله مواقف مضادة للمواقف الإسرائيلية، بل أحياناً مواقف معادية للسياسة الإسرائيلية مثل معارضة عملية الاستيطان ورفض دور إسرائيل في القدس الشرقية. وبالتالي إسرائيل لن تدخل في أي مغامرة جديدة بقبول وسطاء آخرين في عملية السلام، رغم أنها تعلم تماماً أن القوة الوحيدة التي تستطيع أن تضغط عليها في أي مفاوضات مستقبلية وتؤدي إلى تنازلات إسرائيلية هي الولايات المتحدة، لأن إسرائيل تثق بها ولا تثق في أي دولة أخرى".

أما الدكتور نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية فقال إنه إذا حدث ووجد دور أكبر للاتحاد الأوروبي في عملية السلام فإن إسرائيل قد تصبح في موقف مشابه لموقف الفلسطينيين، حيث ترفض إسرائيل المواقف الأوروبية الخاصة بالقدس والمستوطنات وقيام دولة فلسطينية، ولن تستطيع إسرائيل تغيير مواقف الأوروبيين. وأضاف أنه حينما نتحدث عن أوروبا يضاف إليها روسيا، والسؤال سيكون هو: هل يمكن لروسيا الضغط على أمريكا وإسرائيل بمساعدة الاتحاد الأوروبي من أجل تعديل موقفيهما فيما يتعلق بالقدس؟

العالم العربي.. الصراع مع إسرائيل ليس على سلم الأولويات
بعد أن قرر الرئيس الأمريكي نقل سفارة بلاده إلى القدس توالت التصريحات العربية الغاضبة والرافضة للقرار. لكن هل فعلا تستطيع الدول العربية نقل هذا الغضب الى قرارات على الأرض قد تجبر أمريكا على تغيير قرارها؟ أم أنها في الواقع تصريحات تستهدف في المقام الأول تهدئة شعوبها.

يقول المحلل الإسرائيلي بن مناحم إن هناك أزمة ثقة شديدة نشأت بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية وبين الولايات المتحدة والدول العربية قد تستمر عدة أسابيع، لكن سيكون لها حل بالتأكيد والرئيس الامريكي في حديثه مع رئيس السلطة الفلسطينية قدم له الدعوة للقدوم الى واشنطن، وهي الدعوة التي قد لا يلبيها محمود عباس في الوقت الحالي، لكنه في المستقبل سيفهم أنه ليس هناك أي طريق آخر وسيتم معالجة الموضوع.

وأضاف أن الدول العربية "خاصة الدول السنية الكبرى" بقيادة السعودية بحاجة إلى الولايات المتحدة لأن "الأزمة الرئيسية في العالم العربي والخطر المحدق بالدول السنية يأتي من إيران، ولذلك القضية الفلسطينية لا تأتي على رأس سلم أولويات الدول العربية وكل ما نسمعه اليوم من تنديدات وشجب واستنكار من قبل الدول العربية لما حدث من إعلان للقدس عاصمة لإسرائيل هي حالة مؤقتة، ولن يكون هناك قطيعة بين أمريكا والدول العربية، والأزمة مرحلية وستعود العلاقات بين الجانبين وخاصة مع السلطة الفلسطينية الى ما كانت عليه، فهي مسالة وقت فقط ".

وقال بن مناحم إن على الجميع تجاوز هذه الأزمة خاصة الطرف الفلسطيني الذي لا يملك القوة للانتصار عسكرياً على دولة إسرائيل، كما أنه ليس هناك أي جدوى من أي انتفاضة جديدة أو أي عمليات عنف لأنها لن تؤدي إلى أي انجازات سياسية، والطريق الوحيد للفلسطينيين للحصول على دولة أو أي اتفاق سياسي مع إسرائيل هو عن طريق التفاوض فقط وليس العنف.

فيما يقول الدكتور نبيل ميخائيل إن إعلان ترامب قد يسبب تصاعداً في مواقف بعض الدول العربية تجاه أمريكا بضغط من شعوبها، وفي هذه الحالة سيكون هناك أمران: الأول أن العرب لن يتقاربوا كثيراً مع تركيا في موضوع القدس لموقفهم من أردوغان وكأنهم يقولون " نحن لانوافقك حتى لو اتفقنا معك"، الأمر الآخر أنه سيكون هناك دور أكبر ومتصاعد للأردن قد يكون مدفوعاً من الدبلوماسية العربية لأن يكون هو الصوت المعارض للقرار الأمريكي وقد يذهب الملك عبد الله إلى واشنطن قريباً بخصوص هذا الأمر.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان