وزير خارجية فلسطين: قرار ترامب بشأن القدس مكافأة للاستعمار
القاهرة - )أ ش أ(
تصوير – محمد حسام الدين:
أعرب وزير الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطيني رياض المالكي، عن رفض بلاده القاطع للإعلان الذي أدلى به رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، والذي اعترف فيه بالقدس الشريف كعاصمة لإسرائيل ، تلك السلطة القائمة بالاحتلال ، مؤكدا أن هذا الاعتراف يُشكل اعتداء على كل الشعب الفلسطيني وعلى حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف.
وقال المالكي ، في كلمته مساء اليوم السبت ، أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب برئاسة جيبوتي ، إن دولة فلسطين تعتبر الإعلان إساءة للقانون الدولي بما فيه ميثاق الأمم المتحدة الذي يُؤكد على عدم مَشروعية حيازة الأرض بالقوة ، بما فيها الحقوق الأصيلة والثابتة وغير القابلة للتصرف، بما فيها حق تقرير المصير.
وأضاف المالكي :" أن هذا التغيير في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاهنا هو خرق صريح لرسالة الضمانات التي أكدت الولايات المتحدة من خلالها لمنظمة التحرير الفلسطينية التزامها بعدم الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل عام 1993 ،بالإضافة إلى العديد من قرارات مجلس الأمن التي لا تعترف بأي من قرارات الاحتلال الإسرائيلي غير القانونية، والتي تسعى لضم القدس الشرقية".
وقال المالكي ، إن إعلان الرئيس ترامب يُمثّل مكافئة للاستعمار ولانتهاكات القانون الدولي الجسيمة، بالإضافة للخرق الممنهج لحقوق الإنسان.
وأوضح :"أن قرار الرئيس ترامب يُجرّد الولايات المتحدة الأمريكية من أهليتها للعب دور الوسيط في عملية السلام، وفي العمل لإنهاء الصراع في المنطقة، ويُظهر مدى تحيّز الولايات المتحدة الأمريكية وعدوانيتها تجاه حقوق الشعب الفلسطيني والقانون الدولي، كما يقُصي بل ويعزل الولايات المتحدة عن بقية دول المجتمع الدولي، ويُجرّدها من أهليتها لاتخاذ أي دور قيادي في عملية السلام في المنطقة".
وتابع المالكي :" أكانت خطيئة تنم عن جهل أو تجاهل فهذا سيان ، فلا الجهل مقبول مع القدس ولا التجاهل مُحتمل، لقد استسهل القرار فرفضه العالم ، وبرر خطيئته ببدع دينية فعزل نفسه وبلده عن لعب أي دور محتمل، أكان اليوم أو في المستقبل".
وقال :" نحن لم نستثنيه وإنما استثنى نفسه وبلده من لعب دور الوسيط في إيجاد حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ، والعربي - الإسرائيلي ، وفشل في الامتحان قبل أن يبدأ وأثبت عدم إدراكه لخطورة خطوته وانعكاساتها على فرص السلام، وعلى الأمن والاستقرار، ليس فقط في منطقتنا وإنما في العالم أجمع".
وحذر المالكي أن لهذا القرار توابع سياسية جسيمة وواسعة النطاق، ولن تبقى محصورة في الأرض الفلسطينية المحتلة، أو حتى في المنطقة، مشيرا إلى أن القرار يُضعف من مكانة المجتمع الدولي ككل، ويضرب عُمق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وقال المالكي "إننا نلتقي في هذا الاجتماع الطارئ لمناقشة كيفية التعاطي الجمعي العربي مع خطيئة أقدم عليها الرئيس الأمريكي عن سبق إصرار بحق القدس أولى القبلتين ، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى النبي الكريم ، وعاصمة دولة فلسطين ، خطيئة تخطت المحتمل عربياً ، وتعدت المقبول به أو المسموح له، مهما كان أو على شأنه".
وأضاف "فهذه القدس أقدس الأقداس ودرة التاج، وقلب العرب النابض، مدينة السلام، مدينة كنيسة القيامة وقبة الصخرة، عاصمة دولتنا ، تلك المدينة التي إن قالت تحرك القاصي والداني من كل صوب، وإن نادت لبى لها النداء كل عربي ومسلم، وإن أنّتْ تداعى لها العالم أجمع، وإن غضبت فلا مُتسع لغضبها في هذا الكون والقدس غاضبة اليوم".
وأعرب المالكي عن أسفه على الوضع الذي وصلت إليه الإدارة الأمريكية من رؤية ضيّقة لطبيعة الصراع وامكانيات الحل، فهناك انقياد أعمى من قبل الموقف الإسرائيلي واختطاف لموقفها كدولة راعية لعملية السلام من قبل العرّاب الإسرائيلي ، الذي ما انفك يتعهد ويعمل على القضاء على كل فرص السلام مهما كلّفه ذلك من جهد.
وقال المالكي إنه في الوقت الذي نأسف فيه لهذا الوضع، هناك من يحتفل بالقرار، حيث يلتقي المتطرف اليهودي الذي يدّعي أن وعد ترامب يأتي مُكملاً لوعد بلفور ، والذي جاء مكملاً لوعد الرَّبْ ، يلتقي مع المتطرف الداعشي الذي يرى في القرار فُرصة يتكئ عليها في مواصلة إرهابه.
وأشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال في خطابه الأخير "إن هذا الوعد يُمثّل مكافأة لإسرائيل على تنكرها للاتفاقات وتحديداً للشرعية الدولية وتشجعياً لها على مواصلة سياسة الاحتلال والاستيطان والتطهير العرقي ، كما تصب هذه الخطوة في خدمة الجماعات المتطرفة التي تحاول تحويل الصراع في منطقتنا إلى حرب دينية تجر المنطقة التي تعيش أوضاعاً حرجة في أتون صراعات دموية وحروب لا تنتهي".
وأكد المالكي أن هذا القرار إنما يُشجع منتهكي القانون الدولي، بما في ذلك الخروقات الصارخة لمبادئ حقوق الإنسان على الاستمرار باتباع هذه السياسات ، كما يستخف القرار بموقف وقرارات دول المجتمع الدولي بما في ذلك ما عبّرت عنه الأمم المتحدة، وهو سيوحي للدول المارقة بأنه بإمكانها خرق القانون الدولي وفرض وتغيير الحقائق بالقوة ، وهذا سيُطلِق العنان لحقبة جديدة من العنف وعدم المبالاة بالقانون الدولي ومبادئه.
وأشار إلى أن أي إعلان يأتي من إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال ، أو من الولايات المتحدة الأمريكية، بخصوص واقع مدينة القدس لن يُغير من حقيقة أن الأرض الفلسطينية المُكونة من قطاع غزة والضفة الغربية ، بما في ذلك القدس الشرقية، هي أرض محتلة وفق القانون الدولي، وهي حقيقة راسخة قانونياً.
وأكد أن الحقوق الوطنية الفلسطينية وحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني هي حقوق غير قابلة للتصرف ، وهي أيضاً حقائق قانونية وسياسية راسخة بموجب القانون الدولي، واجماع ودعم من المجتمع الدولي.
وشدد على أنه لن تتغير هذه الحقيقة بالإعلان غير القانوني للرئيس ترامب بنقل السفارة أو بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، لذلك يجب أن نؤكد بما لا يدعُ للشك أنه ليس لهذا القرار أو الإعلان أو الوعد أي توابع على المكانة القانونية لمدينة القدس التي هي جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، أو لحقوق الشعب الفلسطينية المكفولة في القانون الدولي.
وأكد أن دولة فلسطين تقدّر وبشدة الرفض والمعارضة المدوية عالمياً لهذا القرار غير القانوني، وتشكر شقيقاتها الدول العربية على هذا الموقف المشرف واتصالاتها مع دولة فلسطين لتأكيد دعمها وتضامنها وتحركها السريع في كافة المستويات دعماً للموقف الفلسطيني.
ونوه بموقف المملكة الأردنية الشقيقة ممثلةً في الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي، التي شاركت في الدعوة لهذا الاجتماع وتحركت معنا في كافة المجالات وأنبرت في التصدي لتداعيات هذا القرار، كما نشكر خصيصاً مصر ، والمملكة العربية السعودية، والمملكة المغربية، ودولة الكويت، وتونس الذين تواصلوا معنا خلال الأيام الماضية.
وقال المالكي" إننا نتابع في دولة فلسطين ردود فعل العواصم في كافة أنحاء العالم، ونرحب بالتزام المجتمع الدولي تجاه حقوق الشعب الفلسطيني المكفولة في القانون الدولي"، مؤكدا أنه يقع التزاماً قانونياً وسياسياً على كافة الدول برفض قرار الإدارة الأمريكية غير القانوني، وفي حماية حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير غير القابل للتصرف، وسيادته على الأرض التي تحتلها إسرائيل بشكل غير قانوني منذ عام 1967، بما في ذلك قلبها العاصمة الأبدية القدس.
وأضاف المالكي " أننا نتوقع من الدول الصديقة التي تعترف بدولة فلسطين ، أن تؤكد على اعترافها بالدولة وعاصمتها القدس الشرقية ، علاوةً على رفضها وإدانتها لهذا القرار غير القانوني، ومطالبة كافة الدول تحديد موقفها من قضية القدس بما ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية".
وتابع المالكي :" أننا نأمل تكليف وزاري عربي للتحرك السريع تجاه عواصم الدول بما فيها الأوروبية ومطالبتها بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين باعتباره الوقت الأنسب لحماية حل الدولتين ولحماية فرصة السلام، وتعبيراً عن موقفهم الرافض لأي تغيير على حدود العام 1967، بما في ذلك ما يخص القدس، عملاً بقرارات الأمم المتحدة ومبادئ هذه الدول".
وقال المالكي :" إن دولة فلسطين تؤكد أنه لن يكون هناك سلام بدون إقامة الدولة الفلسطينية، والدولة الفلسطينية لن تقوم بدون أن تكون القدس الشرقية عاصمتها".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: