بدائل "حل الدولتين" ـ خيارات أحلاها مرٌّ
برلين (دويتشه فيله)
أقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خطوة اعتبرها المراقبون خرقا لإحدى تواثب السياسة الخارجية الأمريكية حيال الشرق الأوسط، بعدما أكد أن "حل الدولتين" ليس السبيل الوحيد لإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
شدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في البيت الأبيض على العلاقات "المنيعة" للولايات المتحدة مع إسرائيل.
وكان البيت الأبيض أعلن في وقت سابق أن واشنطن لن تتمسك بعد الآن بحل الدولتين، ولن تملي شروط أي اتفاق سلام محتمل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ويذكر أن حل الدولتين شكل إحدى ركائز السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ودافع عنه الرؤساء الأمريكيون السابقون الجمهوريين أو الديمقراطيين.
غير أن ترامب خرق مرة أخرى إحدى "المحرمات" في الدبلوماسية الأمريكية وقال "أنظر إلى (حل) الدولتين و(حل) الدولة (...) إذا كانت إسرائيل والفلسطينيون سعداء، فسأكون سعيدا بـ (الحل) الذي يفضلونه. الحلان يناسبانني".
غير أن الابتعاد عن حل الدولتين ليس حلا سحريا، بل إن البدائل المتبقية لا تقل صعوبة وتعقيدا، كما عبر عن ذلك عدد من الخبراء والسياسيين الذين حاورتهم DW.
وذهب نبيل عمرو القيادي في حركة فتح ووزير الإعلام الفلسطيني السابق إلى القول إنه حتى حل الدولتين لم يكن مطروحا بآلية تنفيذية، وإنما الحديث كان يدور حول طريقة الوصول إليه.
فيما أكد آفي بريمور السفير الإسرائيلي السابق في برلين على المعضلات التي سيطرحها أي ضم للأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل.
التخلي عن دولة لم تشكل أبدا!
تخلى دونالد ترامب عن الالتزام الأمريكي بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس دولتين تعيشان بسلام جنبا إلى جنب.
وقال ترامب إنه سيدعم أي حل تقبل به أطراف النزاع واستطرد موضحا "اعتقدت لبعض الوقت أن حل الدولتين بدا أنه قد يكون الأسهل للاثنين لكن في الحقيقة إذا كان بيبي (نتنياهو) والفلسطينيون، وإذا كانت إسرائيل والفلسطينيون سعداء فأنا سعيد بما يحبذونه".
ويضع هذا التحول في سياسة واشنطن السلطة الفلسطينية في موقع بالغ الحرج، فلا هي قادرة على انتقاد إدارة ترامب ولا هي قادرة على بلورة خطاب جديد أمام الرأي العام الفلسطيني وهي التي راهنت دوما على خيار التفاوض في أفق تأسيس دولة فلسطينية مستقلة.
والواقع أن مشروع الدولة هذه لم يرتسم في الأفق أبدا كما أكد ذلك نبيل عمرو بقوله "أعتقد أن حل الدولتين لم يعد مطروحا للتنفيذ. وحتى لو طرح كحل فإن تفاصيل هذا الحل غير محسومة لا عند الأمريكيين ولا عند الفلسطينيين ولا عند الإسرائيليين.
فالسجال يدور لحد الآن حول الطريق إلى هذا الحل. وبالتالي لا أمل في المدى المنظور أن يكون هناك تفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول هذا الحل. أما الخيار الآخر، فليس لدي شخصيا أي تصور عن ما هو البديل عن حل الدولتين".
غموض في البدائل
لم يقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أية أفكار جديدة في سبيل تحريك عملية السلام خصوصا وأن تخليه عن هدف حل الدولتين قد يدفع الفلسطينيين إلى الابتعاد نهائيا عن طاولة المفاوضات.
وقد تكون لخطوة ترامب عواقب غير محسوبة كما أوضح الصحفي والمحلل السياسي كريستوف زيدوف في تحليل نشره موقع "شبيجل أونلاين" الألماني بقوله إن إلغاء حل الدولتين "سيكون نهاية لإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. فداخل هذه الدولة سيعيش، حسب المعطيات الحالية، أكثر من ستة ملايين يهودي ونفس العدد تقريبا من الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين. وإذا ما حصلوا على نفس الحقوق كاليهود، فإن إسرائيل لن تبقى دولة يهودية. وإذا ما لم يُمنحوا تلك الحقوق فلن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية".
وذهب آفي بريمور السفير الإسرائيلي السابق في برلين في حواره مع DW في نفس الاتجاه معتبرا أن التخلي عن الإصرار على حل الدولتين يعني عمليا خيارين "إما أن يتدخل المجتمع الدولي ويمارس الضغط على إسرائيل وأنا لا أرى أن ذلك واقعي، لأسباب مختلفة يمكن فهمها. أو أن تضم إسرائيل جميع المناطق الفلسطينية، ولكن بعد ذلك يجب أن تمنح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين، والكثير منهم يتمنون ذلك لأن ذلك مفيد لهم. ولكن الذين يريدون ضم المناطق الفلسطينية لا يريدون منح الجنسية الإسرائيلية للفلسطينيين وهذا يعني استمرار الاحتلال".
فيديو قد يعجبك: