لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إيران والسعودية – علاقات لا تقتصر على النزاع المذهبي فقط

11:25 ص الأحد 26 فبراير 2017

بون/ألمانيا – (دويتشه فيله):

بالنسبة للغرب تقتصر إشكالية النزاع القائم بين السعودية وإيران في غالب الأحيان على الجانب العقائدي بين الوهابية والمذهب الشيعي، غير أن العلاقات بين الجانبين أكثر تعقيدا من ذلك وتتعدى النزاع المذهبي.

ينبغي إصلاح تلك الصورة التي تنطلق من أن الصعوبات في العلاقات بين إيران والسعودية تعود إلى خلافات عقائدية، خصوصا عندما نرجع الى تاريخ البلدين الحديثين.

فعندما تشكلا عام 1920 كان هدف حكامهما، الشاه رضا بهلوي والملك إبن سعود – العمل بالخصوص على عصرنة بلديهما. وقد تم ذلك رغم مقاومة رجال الدين الإيرانيين والفقهاء في السعودية.

وساهم ذلك في التقريب بين زعماء البلدين. ففي عام 1929 أبرم الجانبان اتفاقية صداقة بينهما.

وزادت العلاقات متانة عندما تم – بنفوذ أمريكي - في طهران تنصيب محمد رضا بهلوي شاها على إيران عام 1941، أي بعد مرور 10 أعوام على نفس التنصيب بالنسبة لملك السعودية في الرياض. وقد هدف كلا الطرفان إلى العمل مع الولايات المتحدة جنبا إلى جنب لإضعاف توجهات القومية العربية ذات الصبغة الاشتراكية والحد من النفوذ الشيوعي للاتحاد السوفياتي في المنطقة.

الخميني والملك فهد: علاقات معقدة
عندما أطيح بالشاه في إيران عام 1979 وتأسست الجمهورية الإسلامية، اعترفت السعودية سريعا بالنظام الجديد. وكان السعودية تأمل في أن تستمر تلك العلاقات ولكن ذلك لم يتحقق.

ففي الوقت الذي كانت لخميني رؤية العمل على نشر الثورة الإسلامية في الخارج، كانت السعودية ترفض مثل ذلك. واعتبرت قيادة الثورة الإسلامية في إيران الموقف السعودي هذا عامل كبح لمشاريعها ، حيث سعى الخميني إلى تحريض الجالية الشيعية في العربية السعودية.

ولكن ذلك قلما كان بدعوى الخلافات الطويلة القائمة بين الشيعة والسنة بقدر ما كان من خلال الحديث عن "تحرير المستضعفين" وهو التوجه الذي نهجته طهران والإسلاميون السنة من أجل الاستقطاب.

الخلاف في المواقف المذهبية بين السنة والشيعة كان أيضا قائما كأحد العناصر في النزاع، ووظهر الخلاف أيضا عندما طالب الخميني بالمشاركة في إدارة شؤون الحج في مكة المكرمة والتي يتظاهر فيها الحجاج الإيرانيون من وقت لآخر، مما يؤثر على مسار فعاليات مناسك الحج.

وقد دعا هذا التطور الملك فهد للعودة الى استخدام لقب "خادم الحرمين الشريفين" الذي لم يكن يُستخدم كثيرا من قبل.

وأصبح واضحا أن السعودية لا تود أن تتسامح مع أي تدخل لطهران، عندما قامت الشرطة السعودية بإطلاق النار على متظاهرين إيرانيين حجاج في مكة.

وردت إيران على ذلك عبر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع السعودية، خصوصا وأن العلاقات بين البلدين كانت قد وصلت الى أدنى مستوى. فالسعودية كانت قد ساعدت صدام حسين في الحرب العراقية الإيرانية منذ عام 1980.

وكانت صفة تلك المساعدة عن قناعة وليست فقط على أنها مساعدة معنوية. وخلال تسعينات القرن العشرين تغيرت الأوضاع السياسية في المنطقة، حيث بات صدام حسين محل تشكك بعد قيامه باجتياح الكويت عام 1990، ما بدأ يثير شعور الخوف لدى الاسرة الملكية في السعودية أيضا.

وعلى خلفية ذلك وبعد وفاة خميني عام 1989 حصل تقارب بين طهران والرياض، حيث تمت إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وساهم في ذلك التطورالرئيس الإيراني الراحل آية الله أكبر رفسنجاني، على خلفية تراجع أيران عن مواقفها بنشر الثورة الإسلامية على الصعيد الخارجي وانتقالها في سياساتها الخارجية إلى التركيز على المنطقة المحيطة بها.

التقارب السوري السعودي
رغم التحول في أولويات البلدين والتوقيع على اتفاقية التعاون الأمني بينهما عام 2001 بدت مشاكل أخرى في العلاقات بين إيران والسعودية. وتجلى ذلك في تسليح إيران لميليشيات حزب الله المناصرة لها، مما أقلق الرياض التي ردت على ذلك من خلال تقديم مساعدات للمعسكر السني-المسيحي في لبنان. كما أقلق السعودية إصرار إيران على برنامجها النووي.

ولم تكن الخلافات الدينية القديمة هي التي تفصل بين البلدين اللذين كانا معاديان للشيوعية، بل شعور الكراهية الذي كان نظام طهران يكنه لواشنطن، خصوصا بعد قيام واشنطن باجتياح العراق عام 2003 .

وعندما بدأت طهران تتدخل في الشؤون الخاصة للعراق عند انسحاب القوات الأمريكية منه، بدأت السعودية في التقارب مع الرئيس بشار الأسد الذي كان آنذاك حليفا لطهران.

لكن التقارب الحاصل بين السعودية وسوريا عام 2010 سريعا ما انتهى بسبب الثورات العربية المفاجئة والحرب الأهلية في سوريا. ولم يعتمد التحالف بين طهران والنخبة العلوية الحاكمة في دمشق أساسا على الجانب الديني ولكن بالخصوص بسبب عدائهما المشترك لإسرائيل وصدام حسين.

وحتى الآن هناك تقاتل بين مجموعات سنية في سوريا، كما إن هناك عداء تكنه عناصر الدولة الاسلامية الارهابية للشيعة و"للمجاهدين" السنة.

وبما أن السعوية وأيران تعتبران أن هذا التنظيم الارهابي يشكل خطرا كبيرا عليهما فإنهما تسعيان حسب الإمكان تبادل التصريحات الدينية المعادية بينهما في الخطابات المتبادلة، خاصة وأنهما واقعتان تحت ضغوط العديد من المطالب في الداخل.

وتتنوع الخطابات المتبادلة بين الاتهام بالارهاب ومساندة الارهاب والعمل على التوسع. ولا تعكس مثل هذه التصريحات تلك النظرة الغربية بشأن خلفية المنافسات والخصومات القائمة بين البلدين.

وخلال مؤتمر الأمن الذي انعقد أخيرا في ميونيخ اعتبر وزير الخارجية السعودي بأن إيران تحالفت خفية مع تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي.

من جهتها ترى طهران وحرسها الجمهوري أن هذا التنظيم الإرهابي من صنع إسرائيل وهو جزء من المؤامرة الأمريكية التي تشارك فيها الرياض.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان