جامع النوري الكبير في الموصل: نبذة تاريخية
لندن (بي بي سي)
شيد جامع النوري الكبير في الموصل في عام 1173، من قبل نور الدين زنكي بعد ان سيطر على المدينة.
يقول المؤرخ ابن الأثير إن نورالدين أمر ابن اخيه فخرالدين ببناء المسجد، وان "نورالدين جاء شخصيا الى موقع المسجد لتفقده، وأمر بمصادرة الاراضي المحيطة به بعد تعويض مالكيها تعويضا مجزيا."
وجامع النوري هو من مساجد العراق التاريخية ويقع في الساحل الأيمن للموصل، وتسمى المنطقة المحيطة بالجامع محلة الجامع الكبير.
وتردد اسم الجامع في الاخبار كثيرا بعد استيلاء ما يعرف بتنظيم الدولة الاسلامية على الموصل عام 2014. ويعتقد ان زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي القى خطبته التي اعلن فيها قيام "دولة الخلافة" من منبر الجامع.
المئذنة الحدباء
ويشتهر الجامع بمنارته المحدَّبة، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي.
وعادة ما تقرن كلمة الحدباء مع الموصل وتعد المئذنة أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة.
قال الرحالة الانجليزي غراتان غيري الذي زار الموصل في القرن الـ 19 عن المئذنة الحدباء "انها تميل عن الزاوية القائمة بعدة اقدام، رغم انها تنتصب من الارض بشكل سليم، كما تسترد استقامتها عند قمتها. إن شكلها يشبه رجلا وهو ينحني."
بلغ ارتفاع المئذنة عند انشائها 45 مترا، وكانت مستقيمة تماما. ولكن في الوقت الذي شاهدها الرحالة ابن بطوطة في القرن الـ 14، كانت بدأت بالميلان وحصلت على لقبها "الحدباء."
وتشبه المئذنة في هندستها مآذن ايران وآسيا الوسطى كما تشبه مآذن اخرى في ماردين وسنجار واربيل.
وحسب المخيلة الشعبية المحلية، فإن المئذنة انحنت للنبي محمد عند عروجه الى السماء، بينما يقول مسيحيو الموصل انها تنحني باتجاه قبر مريم العذراء الذي يعتقد البعض انه يقع قرب اربيل.
كان نورالدين زنكي، المولود في الموصل في عام 1118، هو ابن عماد الدين زنكي وكان أمير دمشق وملك الدولة الزنكية.
ونورالدين كان الابن الثاني لعماد الدين زنكي، وحكم حلب بعد وفاة والده، وقام بتوسيع إمارته بشكل تدريجي، كما ورث عن أبيه مشروع محاربة الصليبيين.
وشملت إمارته معظم بلاد الشام، وتصدى للحملة الصليبية الثانية، ثم قام بضم مصر لإمارته وإسقاط الفاطميين وبذلك مهَّد الطريق أمام صلاح الدين الأيوبي لمحاربة الصليبيين وفتح القدس بعد أن توحّدت مصر والشام في دولة واحدة.
خضع الجامع والمدرسة الملحقة به لعملية تجديد وترميم من قبل الحكومة العراقية في عام 1942، ولكن المئذنة لم ترمم. وفي عام 1981 استقدمت شركة ايطالية وكلفت بتثبيتها.
الا ان المئذنة تعرضت للمزيد من الضرر ابان الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات، اذ تسبب القصف الجوي الايراني في تكسر انابيب الماء الموجودة تحت اسسها مما اضر بهذه الاسس.
وقد زاد ميلان المئذنة بحوالي 40 سنتمترا منذ ذلك الحين.
كما استهدف مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية المئذنة الحدباء بعد استيلائهم على الموصل في يونيو 2014، ولكن سكان الموصل - الذين اغضبهم تدمير مسلحي التنظيم المذكور لقبر النبي يونس - حموا المسجد ومئذنته ومنعوا مسلحي التنظيم من الإضرار به.
فيديو قد يعجبك: