"رحيل الأسد" لم يعد أولوية.. كيف انتصر "بشار" في معركته مع الغرب؟
كتب - علاء المطيري:
في تغير دراماتيكي في المواقف الدولية حول الثورة السورية، قالت نيكي هالي، سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة، أمس الأول الخميس، إن رحيل الرئيس السوري "بشار الأسد" لم يعد من أولويات واشنطن؛ وإنها ستعمل مع دول مثل تركيا وروسيا للتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد للنزاع السوري.
ولم يكن الموقف الأمريكي هو التغير الوحيد في المواقف الدولية حول حل الأزمة السورية، فقد أبدت "باريس" تغيرا دراماتيكيا مماثلا، عندما قالت إن الأمر بات أكبر من الانشغال بمجرد رحيل الأسد.
عندما انطلقت الثورة السورية عام 2011 كان مطلبها الأول هو رحيل الأسد، وهو المطلب الذي دعمه الغرب على مدى 6 سنوات تحولت فيها سوريا إلى دولة منهارة، بسبب حرب طاحنة بين معارضة يٌسلحها الغرب دعما لـ"الحرية" التي تتجسد في سقوط الأسد، ونظام يصر على البقاء ويصف كل من يعارضه بالعمالة والإرهاب.
لكن بعد كل تلك السنوات، أعلنت واشنطن أن موقفها تغير قائلة: "رحيل الأسد ليس أولوية لنا"، تاركة معارضيه فرادى يبحثون عن حريتهم بين أنقاض دولة؛ وتبعتها فرنسا التي كانت هي الأخرى من أشد المعارضين لبقائه، بينما تواصل روسيا دعمها دبلوماسيًا وعسكريًا إلى أن تغير هي الأخرى موقفها عندما تحقق ما تريد.
الموقف الأمريكي
في ديسمبر 2011، قالت الولايات المتحدة على لسان "جاي كارني" الناطق باسم البيت الأبيض إن الوعود التي يطلقها نظام الأسد تفتقر إلى المصداقية لأنها تتبع دائمًا بأفعال فظيعة ومدانة، وفقًا لـ"بي بي سي".
وتابع: "الولايات المتحدة مقتنعة بأن السبيل الوحيد للإتيان بالتغيير الذي يستحقه الشعب السوري يتمثل في تنحي بشار الأسد عن الحكم."
للاطلاع على الموضوع الأصلي.. اضغط هنا
وفي نوفمبر 2016، أوردت مجلة "نيويوركر" قول وليد المعلم، وزير الخارجية السوري، إن الرئيس السوري بشار الأسد كان يفضل فوز "دونالد ترامب" بمنصب الرئيس الأمريكي، وأنه بات أكثر اطمئنانا على مستقبله.
ولفتت المجلة إلى أنه من المحتمل أن يعمل ترامب مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" - أكبر حلفاء النظام السوري - عن قرب، مشيرة إلى قوله، في حملته الانتخابية: "لا أحب الأسد على الإطلاق، لكنه يقتل داعش، وروسيا تقتل داعش، وإيران تقتل داعش".
لمزيد من التفاصيل.. اقرأ
وتحققت، أمس الخميس، نبوءة النظام السوري بإعلان واشنطن أن إسقاطه لم يعد من أولويات الإدارة الأمريكية، وفقًا لـ"نيكي هالي"، سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة.
وقالت "هالي" إن واشنطن ستعمل مع دول مثل تركيا وروسيا للتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد للنزاع السوري بدلاً من التركيز على مصير الرئيس السوري، مضيفة: "عندما ننظر إلى الوضع، يجب أن نغيّر أولوياتنا، وأولويّتنا لم تعد الجلوس هنا والتركيز على إخراج الأسد من السلطة".
الموقف الروسي
في ديسمبر 2011، نشرت "بي بي سي" تقريرًا عن الخلاف بين موقف موسكو وواشنطن بشأن التعامل مع الأزمة السورية، وقالت إن روسيا تعرضت لضغوط متزايدة للإسراع في إعداد مشروع قرار يدين العنف لعرضه على مجلس الأمن.
لكن وزارة الخارجية الروسية أعلنت، أمس الخميس، أن المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد تعرقل محاولات تحريك المفاوضات السورية وفصل المعارضة السورية المسلحة عن الإرهابيين.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: "إن موسكو توقفت عند تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت"، مؤكدة أن اشتراط باريس إيصال المساعدات إلى سوريا برحيل رئيسها الأسد، أمر غير معقول.
تفاصيل أكثر.. اقرأ
فرنسا
في فبراير 2015، قال البرلماني الفرنسي "جاك ميار" بعد زيارة لدمشق إن رحيل الأسد سيؤدي إلى انتشار الفوضى في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى قول مسؤولين سوريين إن مواصلة فرنسا مطالبتها برحيل الأسد سيؤدي لانهيار سوريا لأنه الوحيد القادرة على الحفاظ على وحدتها.
وأثار تصريح "ميار" جدلاً كبيرًا لتعارضها مع السياسة الرسمية القاضية بقطع كافة العلاقات مع الأسد؛ وأدان الرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند" ورئيس وزرائه "مانويل فالس" بأشد العبارات تلك التصريحات، مؤكدين أنها لا تحمل أي رسالة رسمية ولا تعكس مطلقًا موقف فرنسا من نظام الأسد.
لكن الموقف الرسمي الفرنسي اتخذ مسارًا جديدًا، بتصريح وزير الخارجية الفرنسي "جان مارك آيرولت"، الجمعة، بأنه لا يجب التركيز على مصير الأسد للتوصل إلى اتفاق سلام في سوريا.
وقال "آيرولت"، عند وصوله الى اجتماع لحلف شمال الأطلسي: "إذا كان البعض يريد أن يتركز الجدل بأي ثمن حول "هل نُبقي أو لا نُبقي على الأسد؟"، مضيفًا: "السؤال لا يُطرح بهذا الشكل، ينبغي أولًا أن نعرف ما إذا كانت الأسرة الدولية تحترم التعهدات التي قطعتها أم لا".
لمزيد من التفاصيل.. اضغط هنا
النظام السوري
في فبراير الماضي، رد الأسد على سؤال وسائل إعلام بلجيكية بشأن إمكانية تنحيه عن منصبه، قائلا: "إذا اختار الشعب رئيسًا آخر سأكون خارج هذا المنصب".
لكن وزير شئون المصالحة الوطنية السوري علي حيدر، عبر، أمس الجمعة، عن استبشار دمشق بالموقف الأمريكي الجديد الذي لا يرى رحيل الأسد أولوية، وقال إن انعطافات الإدارة الأمريكية في سياستها تجاه سوريا جاءت متعلقة بالعلاقات الروسية الأمريكية بالدرجة الأولى، على حد قوله.
وأضاف الوزير السوري أن دمشق كانت تنتظر مثل هذا التحول الأمريكي الذي سيجعل واشنطن راعيا لحل الأزمة في سوريا، موضحًا أنه من المبكر الحديث عما إذا كانت واشنطن قد أرسلت رسائل مباشرة إلى دمشق بشأن موقفها تجاه الأزمة أم لا.
موقف المعارضة
وعن التغير في الموقف الأمريكي تجاه نظام الأسد، أعلن رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية نصر الحريري أن الانتقال السياسي هو أساس الحل في سوريا، ومحاربة الإرهاب يكون عبر إزاحة بشار الأسد من السلطة فورًا، وأضاف: "حتى هذه اللحظة لم نجد شريكًا حقيقيًا في المفاوضات يسعى نحو الحل السياسي".
وأعرب المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات لقوى المعارضة السورية منذر ماخوس عن رفضه الموقف الأمريكي الجديد تجاه الأزمة السورية، مشددًا على أن المعارضة لا يمكن أن تقبل بأي دور للأسد في أي مرحلة من المراحل المقبلة.
كما انتقدت عضو الهيئة فرح الأتاسي ما وصفته بالرسائل المتناقضة الصادرة من وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض بشأن دور الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، مؤكدة على ضرورة أن تقوم واشنطن بدور أكبر في هذا الملف.
لماذا تغيرت المواقف؟
يرى المراقبون أن ثمة تغييرا في الموقف الأمريكي قد بدأ بعد ترحيب الرئيس الأسد بالقوات الأمريكية في سوريا لمحاربة تنظيم "داعش" الارهابي بشرط أن تنسق مع دمشق وتعترف بسيادة حكومته، وقال الأسد: "إذا أرادت الولايات المتحدة أن تبدأ بداية صادقة في محاربة الإرهاب ينبغي أن يكون ذلك من خلال الحكومة السورية".
كانت الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، أقرت في 18 ديسمبر 2015، القرار رقم 2254 الذي ينص على خارطة طريق لحل سياسي في سوريا بإقامة حكومة انتقالية واجراء انتخابات.
فيديو قد يعجبك: