كيف ينظر مُرشّحا الانتخابات الفرنسية إلى الأزمة السورية؟
كتبت- رنا أسامة:
تأهّل مُرشح حركة "إلى الأمام" الوسطي إيمانويل ماكرون، ومُرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، إلى الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية بعد إحرازهما تقدمًا على منافسيهم في الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية، إذ حصل الأول على 23.7 في المئة من الأصوات الانتخابية، فيما حصلت الثانية على 21.5 في المئة منها.
وفي خِضم ذلك، تزداد حِدّة الأزمة السورية المُشتعلة منذ ست سنوات، يومًا بعد يوم، وتتشابك تعقديداتها، وهو ما جعل الملف السوري حاضرًا وبقوة في الجدل الانتخابي الفرنسي، لاسيّما بعد الهجمات الإرهابية التي شهدتها فرنسا في السنوات الأخيرة، والتي تبناها تنظيم داعش، وهجوم خان شيخون الذي ردّت عليه أمريكا بغارة جوية على قاعدة الشُعيرات وسط حمص، والتصعيدات الأخيرة بين موسكو وواشنطن على خلفية ذلك.
"ترتيب الأولويات"
وفي الوقت الذي وقفت فيه باريس خلال ولاية الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وسلفه نيكولا ساركوزي تنادي برحيل الأسد، يسعى المُرشّح الرئاسي الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إدخال بعض التعديلات التي تُميّزه عن هولاند وتحديدًا فيما يخُص الملف السوري.
وتقول صحيفة "الشرق الأوسط" إن ماكرون يعتبر أن "لفرنسا عدو هو (داعش) والتنظيمات الإرهابية الأخرى، لكن للشعب السوري عدو واحد، هو الأسد."
وتشير الصحيفة إلى أن ماكرون يتعامل مع الملف السوري اعتمادًا على "ترتيب الأولويات"، لافتة إلى أن أولى الأولويات بالنسبة إليه تمثُل في محاربة داعش، التي يصفها بـ"الأولوية المُطلقة".
وانطلاقًا من هذا الأمر، يرى ماكرون أنه "لا يتعيّن ارتكاب الخطأ" الذي ارتُكِب في السنوات الأخيرة، وهو المطالبة برحيل الأسد فورًا ، لأن ذلك من شأنه شق جبهة محاربة الإرهاب من ناحية، وعدم تحقيق الهدف في السنوات الأخيرة من ناحية أخرى.
وفي مقابلة إذاعية أُجريت معه يوم 9 أبريل، ندّد ماكرون باستخدام الكيماوي ضد خان شيخون، وحمّل الأسد مسؤولية هذه الجريمة، مشددًا على ضرورة "مثوله (الرئيس السوري) أمام المحاكم الدولية."
كما طالب بفرض عقوبات على النظام السوري وأعرب عن موافقته على مشاركة فرنسا في عمليات عسكرية ضد نظام الأسد "في إطار مجلس الأمن الدولي، وليس بصفة أحادية"، وفقًا للصحيفة.
وفي السياق ذاته، تُشير وكالة أنباء "سبوتنيك" إلى تنديد ماكرون بالتدخل الروسي في سوريا، وتأكيده على ضرورة ألا يكون لبشار الأسد أي دور في سوريا المستقبلية.
إضافة إلى دعوته إلى "سياسة فرنسية متوازنة ومستقلة"، تُمكن من إجراء محادثات مع كافة الأطراف السورية، مخالفًا بذلك السياسة المؤيدة للمجموعات المُسلّحة التي تتبنّاها باريس منذ بداية الأزمة في سوريا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت وكالة "رويترز" الإخبارية عن المُرشّح الفرنسي يوم الخميس، قوله "ينبغي أن تتدخل قوة عسكرية دولية بتفويض من الأمم المتحدة في سوريا إذا ثبت استخدام حكومة الأسد لأسلحة كيماوية."
كما صرّح في مقابلة مع القناة الفرنسية الثانية بأن التدخّل الدولي في سوريا بات أمًرًا مُلِحًا، معتبرًا أنه "أفضل أن يكون هناك تدخل تحت إشراف الأمم المتحدة."
وقال ماكرون على هامش كلمة ألقاها في المعهد العالي للأعمال في العاصمة اللبنانية بيروت، يناير الماضي: "هذا منطق بناء السلام أكثر منه منطق تدخل لمصلحة جماعة أو أخرى."، مُشيرًا إلى معارضته فكرة أن يكون تنحي الرئيس الأسد شرطًا مُسبقًا لأي شيء.
وشدد ماكرون على أن "فرنسا ليست هنا لإعطاء نقاط جيدة وسيئة لأي كان، بل هي هنا لبناء السلام"، معتبرًا ذلك بأنه أكثر تعقيدًا.
وفي حال انتخابه، تُرجّح وكالة اسوشيتد برس الأمريكية أن يُصعّد من العمليات الفرنسية ضد المتطرفين في العراق وسوريا ومنطقة الساحل الأفريقي، ويصعد من الضغط على روسيا بشأن أوكرانيا وتصرفاتها لدعم بشار الأسد.
"نظرة معاكسة"
أما منافسته لوبان، فتتبنّى نظرة مُعاكسة، إذ ترى أن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة "ضروري" لحماية الأقليات وتجنّب الفوضى التي سيستفيد منها تنظيم داعش، كما تدعم التدخل الروسي في سوريا، الذي وبحسب رؤيتها أدى لإضعاف التنظيم، وفقًا لوكالة سبوتنيك.
وبحسب وكالة "اسوشيتد برس"، فإن لوبان تدعم بقوة بشار الأسد، وترى أن النظام الحالي هو الأسلم لسوريا.
كما تعهّدت بتقديم الدعم له، حتى أنها نأت بنفسها عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الضربات الصاروخية الأخيرة التي استهدفت نظام الأسد.
وفى مقابلة لها مؤخرًا، قالت: "استمعوا إلى السوريين، وسترون أن ما ينتظرونه هو أن يربح بشار الأسد هذه الحرب ضد الإسلاميين المتطرفين."
وحذّرت اليمينية المتطرفة لوبان، ترامب، من تكرار سيناريو العراق وليبيا، الذي وصفته بالـ"فاشل" في سوريا.
وقالت لوبان في تصريحات لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية: "أقول لترامب راقب خطواتك جيدا، ولا تكرر الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن في العراق وليبيا."
وتابعت "ينبغي أن يكون ترامب حذرا للغاية في كيفية عمله في سوريا، حيث أن التدخل العسكري في كل من العراق وليبيا، أدى إلى المزيد من الخطر على المدنيين، بدلا من السلام المنشود".
ومضت قائلة "أحث ترامب على توخي الحذر، لأننا رأينا ما حدث في العراق، ورأينا ما حدث في ليبيا، والحقيقة أن التدخل لم يجلب المزيد من السلام، ولم يوفر المزيد من الحماية للمدنيين."
فيديو قد يعجبك: