قرار الأمم المتحدة بشأن الاستيطان يبقى مجرد "حبر على ورق"
نيويورك – (أ ف ب):
بعد ثلاثة أشهر على قرار الأمم المتحدة التاريخي الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يحذر الخبراء من أن القرار لن يكون لديه أي تأثير بينما تستعد إسرائيل لبناء أول مستوطنة منذ أكثر من 25 عاما.
واعتمد مجلس الأمن الدولي في ديسمبر القرار رقم 2334، دون أي تأثير يذكر في وقف البناء الاستيطاني، بينما أعلن مسؤولون اسرائيليون سلسلة وحدات استيطانية جديدة في الاسابيع التي أعقبت القرار.
وكانت الادارة الاميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب ذكرت هذا القرار كمثال على استهداف إسرائيل في الأمم المتحدة.
بينما اعتبر دبلوماسيون أن القرار ليس له صلة بالواقع، وحتى له آثار عكسية، بينما وصفه أحدهم انه "زوبعة في فنجان".
وفي 23 ديسمبر، أصدر مجلس الأمن الدولي للمرة الأولى منذ 1979 قرارا يدين بناء المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد أن امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، وذلك بعد سنوات من التوتر بين حكومة نتانياهو وإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
ويطالب القرار إسرائيل بالوقف الفوري والكامل لأنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس الشرقية.
وردت إسرائيل بعنف على القرار، وسحبت سفراءها من الدول التي دعمت القرار وهددت بفرض عقوبات.
وبالإضافة الى ذلك، أعلنت الدولة العبرية عن خطط لبناء اكثر من 5500 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، منذ يناير الماضي.
وأعلنت اسرائيل أيضا الاسبوع الماضي عزمها بناء أول مستوطنة مدعومة رسميا من قبل الحكومة منذ أكثر من 25 عاما.
وتعهدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي باتباع مقاربة مختلفة تماما تجاه الدولة العبرية، أمام أكبر لوبي مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة مؤكدة أن زمن "تقريع" الدولة العبرية "ولّى".
ويعتبر المجتمع الدولي كل المستوطنات غير قانونية، سواء أقيمت بموافقة الحكومة الاسرائيلية ام لا، وانها تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام.
ويعكس تسريع وتيرة الاستيطان رغبة الحكومة في اغتنام فترة حكم ترامب بعد ثماني سنوات من ادارة باراك اوباما التي كانت تعارض الاستيطان.
"وقت متأخر كثيرا"
وتعد الحكومة التي يتزعمها نتانياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وتضم مؤيدين للاستيطان دعوا منذ تولي ترامب الرئاسة إلى الغاء فكرة حل الدولتين وضم الضفة الغربية المحتلة.
مع أن الرئيس الأمريكي الجديد الذي أكد دعمه الكامل لإسرائيل، طلب من نتانياهو "التريث في مسألة الاستيطان" بينما تدرس إدارته طرق استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتعثرة.
واعتبر مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط السابق روبرت سيري أن القرار حكم عليه بالفشل قبل إقراره كونه جاء في وقت متأخر للغاية من ولاية ادارة باراك أوباما.
وقال سيري لوكالة فرانس برس "اني اؤيد مضمون القرار، ولكنه مثال على ما يمكن ان يحدث في حال حصول أمر في وقت متأخر كثيرا".
وبحسب سيري، فانه لو لم تقم إدارة أوباما باستخدام حق النقض (الفيتو) لقرار مماثل في عام 2011، فأنه لكان تسبب بالضغوطات على إسرائيل.
وأضاف "ولكن ما رأيناه الآن هو أن القرار أصبح محور كافة أنشطة إسرائيل فيما تدعي الولايات المتحدة أنه مثال آخر على تقريع إسرائيل".
وعلى سبيل المثال، بدا أن بريطانيا تراجعت عن القرار في وقت لاحق، فبعد تصويتها لصالح القرار في الأمم المتحدة، رفضت لاحقا دعم بيان في مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط عقد في باريس في يناير الماضي، والذي عارضته إسرائيل بشدة.
وكان هناك تكهنات أن لندن كانت متخوفة جزئيا من إزعاج إدارة ترامب الجديدة.
ومن جانبه، أكد آلان بيكر وهو دبلوماسي إسرائيلي كبير ومفاوض سابق أن ما قام به ترامب والحكومة الإسرائيلية، جعل القرار غير متصل بالواقع كثيرا.
وقال بيكر "أوباما كان في نهاية ولايته وشعر أن بإمكانه التعبير بصراحة عن انتقاداته. وآلان على منتقدي إسرائيل أن يضبطوا أنفسهم".
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف أكد في 24 مارس الماضي في تقريره الأول إلى مجلس الأمن منذ تبني القرار إن "إسرائيل لم تتخذ أي إجراء في هذا الاتجاه" خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ويشير سيري الى أن إعلان دونالد ترامب رغبته خفض التمويل الأمريكي إلى الأمم المتحدة يقلل هامش المناورة للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش.
وبحسب سيري فإن الخلافات حول إسرائيل والفلسطينيين تهدد بتخريب عمل الأمم المتحدة في مناطق أخرى من العالم.
وأضاف "هذا قد يضعف أعمال الأمم المتحدة بذاتها".
وقال دبلوماسي أوروبي اشترط عدم الكشف عن اسمه "كنا نعرف جميعنا أنه لن يكون هناك أي تأثير حقيقي. الأمر كان متعلقا أكثر بتوضيح موقف".
وأضاف "لا نشير بعد الآن إلى قرارات من الثمانينيات. بل نشير إلى قرار من عام 2016".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: