متحدث حملة مرشح الرئاسة الفرنسية لمصراوي: مصر في حاجة إلى ماكرون
كتبت- هدى الشيمي:
فاجأ المرشح الوسطي للانتخابات الفرنسية إيمانويل ماكرون الجميع بحصوله على أعلى نسبة أصوات في الجولة الأولى من عملية الاقتراع التي جرت منذ أسبوعين، ليلحق الهزيمة بسياسيين وأحزاب رئيسية كانت تتصدر المشهد السياسي في فرنسا منذ قيام الجمهورية الخامسة.
ينافس ماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات المقرر إقامتها الأحد المُقبل، مارين لوبن مُرشحة الجبهة اليمينية المتطرفة، والتي تتبنى سياسات واستراتيجيات مختلفة عن التي يحملها المُرشح الوسطي، ما يجعل كل منهما يحمل لبلده تصورا مغايرا للذي يحمله الآخر.
التقى مصراوي مع المتحدث باسم الحملة الانتخابية لماكرون، تيبو فاك، على هامش ملتقى فكري في "كلوب هاوس" في المقطم شرق القاهرة. تحدث فاك عن النهج المقرر أن يسير عليه ماكرون في حالة وصوله لقصر الاليزيه، وعن جهوده في مكافحة الإرهاب والتطرف الإسلامي في ظل الهجمات العنيفة التي شهدتها فرنسا وأوروبا خلال الفترة الماضية.
"اختلاف"
منذ البداية، ظهر اختلاف ماكرون (39 سنة) عن منافسيه الثلاثة الأبرز للرئاسة، وهم مارين لوبن، وفرنسوا فيون مُرشح يمين الوسط، وجان لون ميلانشون المرشح اليساري الراديكالي، ولا يقتصر هذا الاختلاف على كونه أصغر مُنافس رئاسي، أو أن فوزه سيجعل أصغر رئيسا فرنسيا في تاريخ بلاده الحديث.
يقول فاك إن ماكرون مختلف عن غيره من السياسيين في بلاده لعدة أسباب، أولها أنه عندما بدأ حركته "إلى الأمام" منذ عام، أعلن أن دعمه للأفكار الليبرالية، خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد، لأن بلاده لا تعيش في حالة من التحرر والانفتاح الاقتصادي كما الحال في بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
كما كان ماكرون الوحيد، من بين مُرشّحي الرئاسة، الذي شدد على ضرورة الاندماج مع الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي، كما أنها الوحيد الذي ظهرت في اجتماعاته الأعلام الفرنسية تعانقها أعلام الاتحاد الأوروبي.
تأتي تصريحات ماكرون، الذي شغل منصب وزير الاقتصاد السابق في حكومة مانويل فالس، فيما يتعلق بدعم وتطوير الاقتصاد في وقت تسير فيه الإصلاحات الاقتصادية بخطى بطيئة، حسب الكثير من المحللين والمراقبين الاقتصادين، بالإضافة لارتفاع نسبة البطالة إذ وصلت إلى 10 في المئة في فبراير الماضي، مقابل 9.6 في المئة في ديسمبر، بحسب تقدير موقع "كونتري إيكونومي."
"استقطاب"
ومن جهة أخرى، يرى فاك أن صعود ماكرون في هذا الوقت كان نتيجة لانقسام الأحزاب في فرنسا بصفة خاصة وفي أوروبا عموما، إلى يسارية ويمينية، والذي نتج عن عمليات الاستقطاب التي حدثت في القرن التاسع عشر.
ويتابع فاك: "أسس ماكرون حركته لأن الأحزاب الموجودة حاليا لا يدور بداخلها الجدال الذي يجب أن يجري في المجتمع الآن، ولا تعترف بأن العالم يعيش انقساما حقيقيا بين الانفتاح والانغلاق والعزلة".
"منافسة"
وحاولت المرشحة اليمينية مارين لوبن استغلال سياسات ماكرون ضده، إذ قالت في أكثر من لقاء إعلامي، إنه "مضارب شاب" و"ممثل العولمة الجامحة"، مشيرة إلى أنه يريد تطبيق سياسة تفرط في الليبرالية، تلغي الضوابط بالكامل، وتلحق دمارا اجتماعيا.
ورغم علمه مدى خطورة منافسيه، إلا أنه لم يتردد عندما قرر الترشح للرئاسة، ولم تثنيه محاولاتهم، خاصة لوبن وميلانشون عن مواصلة جهوده، والتأكيد على أنه سيكون رئيسا لكل الفرنسيين، وسيعمل على أن يحيا الجميع حياة كريمة، داخل مجتمع يعاملهم بمساواة.
وأرجع فاك ذلك إلى أن منافسي ماكرون، أصحاب التاريخ الكبير والذين عملوا سياسيين محترفين لسنوات إن لم يكن لعقود، يعملون وفق دوائر تجارية خاطئة وقديمة، ويعملون وفقا لسياسات ظهرت منذ مئات السنين.
وأضاف: "ليس لديهم القدرة أو ربما الشجاعة على التغيير كما يتغير العالم الآن، وفجأة يظهر شخصا لديه الشجاعة للنهوض والتأكيد على أن العالم أصبح مختلفا".
حصل ماكرون على أكثر من 23 في المئة من أصوات الناخبين، وهذا ما فسره فاك بأن الشعب ليس غبيا، فهو يرى الحقيقة، ويشعر أن حالة الانقسام بين اليمين واليسار المنتشرة حاليا ليست صحيحة، وأن الوسط والتحرر هو الحل.
"التطرف"
وبجانب اتهام لوبن وغيرها من السياسيين لمرشح الوسط بوقوفه وراء انهيار الاقتصاد الفرنسي، استغلوا موقفه – غير المتشدد- تجاه التطرف الإسلامي في إبعاد الناخبين عنه، إذ أنه طوال حملته الانتخابية لم يتحدث علنا أو صراحة عن كيفية مواجهة العمليات المتطرفة.
وفي هذا الشأن، يقول فاك إن ماكرون لديه الوعي الكافي بخطورة التطرف والإرهاب على بلاده، ولكنه عندما أسس حركته لم يرغب في بناءها على أزمة ولكن على وعود بالمستقبل، ونظرة على الفرص المتاحة في المجتمع، وليس على تهديدات، ثم سيعمل بعد ذلك على حل الأزمة.
وأضاف: "لن يساوم ماكرون على حرية الأفراد، وعلى عيشهم بمساواة، وهو يعلم مدى خطورة التطرف الإرهابي، ولكنه لم يستخدمه كأداة للوصول إلى السلطة، لأن هدفه الحقيقي هو العثور على طريقة يتمكن من خلالها الجميع على العيش معا".
ويؤكد فاك أن ردود الأفعال المتطرفة في مكافحة الإرهاب، أو الراديكالية في التعامل مع التطرف الإسلامي، ومثلما يفعل باقي الساسة ومن بينهم لوبن لم يساعد على إيجاد طريقة للجمع بين أوروبا، والشرق الأوسط وشمال افريقيا، وهذا ما يعيه ماكرون جيدا.
وكانت لوبن قالت في حوارها مع صحيفة "لوباريزيان"، إنها تنوي تحصين الحدود الفرنسية وترحيل الأجانب الذين لهم سوابق أمنية وصلات بالتطرف، مؤكدة أنها تعتزم محاربة الإسلام المتطرف من خلال إغلاق مساجد السلفيين، وحظر اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا.
وانتقد رئيس الوزراء الفرنسي برنار كازنوف، لوبن باستخدام هجوم الشانزليزيه الذي وقع بالتزامن مع الندوة الأخيرة لمرشحي الرئاسة الـ11، في تحقيق مكاسب سياسية، واتهمها باختيار "التطرف والانقسام"، بحسب ما جاء في وكالة فرانس برس.
"التحالف"
وفي إطار خطته للانفتاح على العالم، يشير فاك إلى أن ماكرون سيتابع التحالف القوي مع مصر، وسيعمل على دعم جهودها في كافة المجالات، وخاصة في حربها على الإرهاب.
وسيواصل جهوده أيضا، بحسب فاك، للقضاء على التطرف في الشرق الأوسط وخاصة سوريا، ويقول في هذا الشأن: "سيسعى للوصول إلى تسوية سياسية، حتى يستطيع الشعب السوري تحديد مصيره بنفسه."
وأضاف: "إيمانويل ماكرون سيعيد القوة إلى فرنسا وأوروبا مرة أخرى، وأظن أن مصر والشرق الأوسط تحتاج إليهم أقوياء لمساعدتهم على تحقيق أهدافهم."
فيديو قد يعجبك: