حوار- برلماني عراقي: إيران أول من ساعدنا.. ونريد لمصر أن تأخذ دورها في قيادة العالم العربي
كتبت – إيمان محمود:
أكد عباس البياتي، عضو البرلمان العراقي وعضو البرلمان العربي، أنه لم يتبقى سوى 7 في المئة فقط من الأراضي العراقية تحت سيطرة تنظيم "داعش"، مؤكدًا أن المعركة تسير وفقًا للخطة الموضوعة رغم المعوقات التي تواجهها من خاصة مع المناطق المكتظة بالمدنيين.
وقال البياتي في حوار مع مصراوي إن إيران كانت أول الدول التي قدمت دعمًا للعراق في معركته ضد داعش، كما ثمن من دور الولايات المتحدة في معركة الموصل، مؤكدًا أنها لا تقاتل "بريًا" ولا تدخل في مواجهة مباشرة مع التنظيم.
وتطرق البياتي النائب عن ائتلاف دولة القانون عن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرًا إلى أنه يتعامل مع أزمات الشرق الأوسط بمنطق "التاجر" الذي يأخذ المقابل ثم يقدم الدعم.
وعن العلاقات المصرية-العرقية؛ قال البرلماني العراقي أن هناك مشتركات كثيرة بين البلدين، لكنه استنكر تشديد إجراءات تأشيرة دخول العراقيين إلى مصر، مطالبًا بتخفيفها مع اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة في المطارات... وإلى نص الحوار:
ما سبب تأخر تحرير مدينة الموصل من قبضة داعش؟
هو ليس تأخير بالمعنى المفهوم، لكن هناك خطط يتم تنفيذها وتغييرها حسب طبيعة المعركة؛ وليس بسبب مقاومة التنظيم كما يظن البعض، فعلى سبيل المثال المدينة القديمة التي يتم تحريرها حاليًا توجد بها الكثير من الأزقة الضيقة غير أنها مكتظة بالمدنيين وهو ما يعرقل تقدم القوات العراقية. كما أن القوات العراقية تقوم بمهمة إنسانية قبل المواجهة المباشرة مع "داعش" وهي فتح ممرات آمنة لإجلاء المدنيين قبل بدء المعركة. نحن لا نريد أن ننتصر وحسب ولا نريد أن نستخدم سياسة الأرض المحروقة، وإنما نريد إنقاذ الإنسان أولا وتحريره ثم تحرير الأرض.
هل تعتقد أن هذا التأخر يساعد داعش على إعادة ترتيب أوراقه؟
"داعش" ليس لديه القدرة على الاستفادة من هذا البطء لأنه فقد السيطرة والقيادة، وتحول إلى جزر منعزلة عن بعضها، كما فقد كل الإمداد اللوجستي والقدرة على ضم مقاتلين جدد، لذلك "داعش" لن يستطع إعادة ترتيب أوراقه. والشيء الأهم أن المدنيين الذين كان يعول عليهم ويستخدمهم كدروع بشرية معظمهم نزح من مناطق سيطرته.
ما نسبة الأراضي التي مازالت تقع تحت سيطرة داعش؟
لم تبقى سوى أقل من 7 في المئة من الأراضي في الجانب الأيمن؛ وهي تمثل حوالي من 4 إلى 6 أحياء، وأتصور أنه بعد أيام قليلة سيعلن قائد القوات المسلحة عن تحرير الموصل بالكامل. كما أن هناك تقدم خارج الموصل على الحدود السورية بعد تحرير القيروان، فالجهود الآن منضبة نحو تحرير مدينة البعاج، غربي الموصل.
ما الصعوبات التي تواجه المعركة حاليًا؟
صعوبة المعركة تنحصر في ثلاث قضايا؛ أولها المدنيون الذين لازالوا في مناطق سيطرة التنظيم، فنحن نقاتل داخل أحياء وبين منازل يسكنها أناس لم يستطيعوا الخروج من المدينة، وبالتالي من الصعب تمييز العدو من الصديق. الصعوبة الثانية أن "داعش" لديه القدرة على تفخيخ كل شيء، وبالتالي فالجيش يتحرك في المعركة وسط ألغام، حيث يجب أن يتأكدوا أولا من نظافة الأرض قبل دخولها. الصعوبة الثالثة هي التقلبات المناخية؛ فالأسابيع الماضية كانت القوات تواجه جوًا مغبرًا وتواجه المطر في أوقات أخرى، الأمر الذي يعوق عمل سلاح الطيران وبالتالي يعوق حماية الجنود على الأرض، وهو ما يستغله "داعش" ليقوم بمناوشات هنا وهناك.
هل تعتقد أن العراق سيتخلص من داعش نهائيًا بعد استعادة الموصل؟
معركة الموصل ستضع حدا ونهاية للوجود العسكري لـ"داعش" ولكن لن يقضي على الإرهاب في العراق، لأن الإرهاب له خلايا نائمة، لذلك لن ينتهي بمجرد القضاء العسكري عليه. الخطورة الحقيقية تكمن في الإرهابيين الناجين من المعركة، وفي المتأثرين بأفكار "داعش"، وهو ما ينبغي التصدي له باتخاذ حزمة الإجراءات على المستوى الثقافي والإعلامي والأمني وغيرها. كما يتطلب القضاء على الإرهاب عمل جاد وجهد كبير، لتجفيف منابعه فيجب أن نعرف من موله وممن يشترى الأسلحة ولمن يبيع النفط ومن يسهل تحركه عبر المطارات.
ما رؤيتكم لما بعد داعش؟
فيما يخص المناطق المحررة، سيتولى إدارتها الجيش والشرطة المحلية من أبناء المدينة والشرطة الاتحادية، وأيضًا لابد من إشراك الأقليات في إدارة مدينتهم، كما سيتم العمل على تقوية الجهاز الاستخباري حتى لا تتكون مرة أخرى حواضن لهذه الجماعات الإرهابية. كما أن الحكومة لديها خطط فيما يتعلق بالدستور والمصالحة الوطنية والمجتمعية في سبيل إيجاد نوع من الوحدة الوطنية بين أطياف الشعب، فنحن مع إيجاد نوع من الانسجام بين أبناء تلك المناطق، ولابد من إشراك الأقليات في إدارة مدينتهم. وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، فالعراق يحتاج إلى "مشروع مارشال" جديد في المناطق التي دمرتها الحرب وأضرت ببنيتها التحتية، ولذلك تم إنشاء صندوق وسيتم عقد عدة مؤتمرات دولية بغرض جذب الأموال التي ستخصصها الحكومة لإعمار تلك المناطق.
ما خطتكم لحل أزمة النازحين التي تفاقمت خلال الفترة الأخيرة؟
نحن حرصنا على توطين أهالي الموصل في أقرب منطقة محررة من مدينتهم بدلاً من نقلهم إلى محافظات أخرى. لم نتوقع هذا العدد الكبير من النازحين، لكننا نحاول أن نوفر لهم كل مقومات الحياة الضرورية والمستلزمات الأساسية، وحتى الآن لا يوجد نقص حاد في تلك المستلزمات، خاصة مع تعاون الشعب، والمرجعيات الدينية، والوزارات، والمنظمات المدنية.
ما الدور الذي تقوم به القوات الأمريكية في العراق؟
ليس هناك قوات برية أمريكية تقاتل على أرض العراق، والأمريكان الموجودين في حدود من 5 إلى 6 آلاف، وليسوا كلهم عسكريين. نحن نثمن الدور الأمريكي في العراق، فالولايات المتحدة تقدم المشورة للقوات العراقية، وإرشاد الطائرات للأهداف؛ أي مرشدين تحت طلب القيادة العامة للقوات المسلحة، بالإضافة إلى العمل على توفير كثافة نارية من خلال مدفعية بعيدة المدى في بعض محاور المعركة. وجميع القوات الأمريكية الموجودة في العراق تتواجد في خطوط خلفية أو في المعسكرات التي يوجد بها الجيش العراقي، أي ليس هناك قتال مباشر بين القوات الأمريكية و"داعش".
ما موقفكم من بعض الغارات الأمريكية التي تسببت في قتل مدنيين؟
في أي معركة وارد حدوث خطأ غير متعمد سواء كان من الجانب الأمريكي أو العراقي، يذهب ضحيته عدد من الأبرياء، فهناك دائمًا نسبة خطأ تكون موجودة في الحروب. ولكن لابد ألا يمر أي حدث في معركة الموصل أسفر عن سقوط مدنيين، دون إجراء تحقيق بشأنه، وبالطبع إذا وجدت إدانة لهذا للطرف المدان سيتم اتخاذ الإجراء اللازم.
من الدول التي قدمت دعمًا ماديًا أو عسكريًا خلال حربكم ضد داعش؟
الولايات المتحدة تساعدنا، وإيران كانت من أول الدول التي ساعدتنا، ففي عام 2014 وخلال 48 ساعة تلقينا أسلحة ودعم ومستشارين كانوا على أهبة الاستعداد لدعمنا، ولكن هذه الاستجابة والدعم تأتي في إطار حماية أمن الدول، فإيران أيضًا تشعر بخطر "داعش" عليها. ونحن نأمل من الدول التي يهمها الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط أن يقفوا يجانب العراق، على الأقل في مساعدة النازحين.
كيف ترى أزمة الأكراد ودعوتهم لإقامة دولة مستقلة؟
الأكراد لديهم طموح في أن تكون لديهم دولة مستقلة، وهو طموح ليس جديد، ولكن الدول لا تنشأ ولا تقوم بالأمنيات والرغبات، ولابد من مراعاة الوضع الإقليمي والدولي، فهناك دول مجاورة لا تنظر بارتياح إلى طموحات الأكراد. وانفصال الأكراد عن العراق لن يمهد إلى استقرارهم، فهم حققوا في الدولة العراقية بعد 2003 أقصى ما يستطيعون من طموحاتهم وحقوقهم عدا دولتهم المستقلة. نحن نعزز الشراكة مع الكرد ونلتزم بالحوار معهم لحل الخلافات، ونحترم إرادة الأكراد سواء أرادوا البقاء أو الانفصال، لكننا سنظل ندافع بكل الوسائل الممكنة عن وحدة الأراضي العراقية.
في حال جاءت نتيجة استفتاء الأكراد في صالح الانفصال .. كيف سيصبح موقفكم؟
مسألة إقامة دولة كردية، لا تحتاج إلى استفتاء، ولا يتوقف على الاستفتاء، لأن العراق والمنطقة بشكل عام مثل "أحجار الدومينو"، فعندما يتم تقسيم العراق فذلك سيؤثر حتمًا على باقي الدول، وبالتالي كل دول المنطقة ستصبح في مهب الريح. غير أن 85 في المئة من قرار انفصال الأكراد تتحكم فيه أنقرة وطهران ولندن وواشنطن، وهم إذا وجدوا الطريق سالك في الانفصال لن يستأذنوا أحد، رغم أنهم يدركون حجم التعقيد الإقليمي والدولي، لكنهم يستخدمون الانفصال كضغط على الحكومة العراقية للحصول على بعض المكاسب السياسية.
نحن لا نملك أن نمنع إجراء الاستفتاء لأنه حق لهم، لكننا سنحاول أن نقنع الجانب الكردي أن وجودهم في العراق أفضل من أن يتحولوا إلى دولة تحاوطها ثلاث دول ليست على انسجام معها.
هل فشل العراق في ترسيخ قيم التعايش وإرساء دولة المواطنة؟
العراق لم يفشل في ترسيخ المواطنة، لكن الشرق الأوسط لازالت تتحكم به الهويات الدينية والطائفية والقومية، وليس فقط في العراق إنما كل دول الشرق الأوسط تعاني من اهتزاز بسبب عدم وجود المواطنة. نحن نعمل من أجل تكريس المواطنة، لكن الهويات الفرعية لها دور كبير وهو يظهر جليًا في الانتخابات، فلم تنجح في قائمة في الانتخابات البرلمانية إلا على أساس الهوية القومية أو المذهبية، لذلك أعتقد أننا نحتاج إلى فترة طويلة من التربية والتثقيف والوعي السياسي لكي نصل إلى مرحلة المواطنة، وننظر إلى الإنسان بغض النظر عن هويته.
ما رأيك في سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط وخاصة العراق؟
اهتمامات ترامب تتمثل بشكل أكبر في السياسة الداخلية، أما فيما يتعلق بالشرق الأوسط نحن لا نختلف مع الإدارة الجديدة، وهناك تواصل بين الحكومتين. لكن ما نراه أن ترامب يتعامل مع أزمات الشرق الأوسط بمنطق التاجر؛ أي الدفاع مقابل الدعم، وهو ما كان واضحًا مع دول الخليج، رغم ذلك أمريكا دولة مؤسسات ونحن نتعامل مع دولة لا مع شخص. كما أن سياسة ترامب الخارجية حتى الآن غير مستقرة على منهج معين حتى نقيمها، فنحن نسمع كلام جيد ووعود لكن لم نر شيئًا ملموسًا خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والعربي-الإسرائيلي.
في رأيك... لماذا تراجع ترامب عن قرار حظر العراقيين من دخول الولايات المتحدة؟
استثناء العراق جاء نتيجة ضغوط أصدقاءنا داخل الكونجرس والإدارة الحالية، هؤلاء كانوا ضمن القوات الأمريكية التي دخلت العراق ثم تقاعدوا، ويعملون بشكل مباشر مع الإدارة الحالية سواء كسياسيين أو نواب في الكونجرس. بالإضافة إلى أن العراقيين يعتبروا من أقل دول في المنطقة زيارة للولايات المتحدة، ومن يذهبون إما أن يكونوا وفود رسمية أو بعثات دراسية.
كيف تقيم العلاقات بين العراق ومصر؟
العلاقات العراقية المصرية بدأت تتنامى وتتطور بشكل لافت جدًا في الفترة الأخيرة، فأصبح هناك تبادل زيارات بين المسؤولين من البلدين. أتصور أن بين العراق ومصر مشتركات كثيرة، ونحن نريد لمصر أن تأخذ دورها المحوري المركزي في قيادة العالم العربي والعراق سيكون داعمها وحليفها. لكن هناك بعض المعاناة فيما يخص تأشيرة دخول العراقيين إلى مصر، فهناك حوالي مليون ونصف عراقي يزورون مصر لأغراض متعددة، ولكن مسألة التأشيرة تمثل عائقًا كبيرًا أمامهم، لذلك نأمل أن تعتمد مصر طريقة لبنان أو تركيا في مسألة التأشيرة مع اتخاذهم كل التأمينات اللازمة. أما فيما يخص المجالات الأخرى، فأعتقد أن الفترة القادمة ستشهد توقيع العديد من الاتفاقيات في المجالات النفطية والتجارية.
فيديو قد يعجبك: