المناطق الآمنة في سوريا: فكرة أمريكية وترحيب روسي وتركي وسوري
كتب – محمد مكاوي:
اتفق قادة روسيا وتركيا والولايات المتحدة، الأربعاء، على ضرورة إقامة مناطق آمنة في سوريا بعيدة عن الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من ست سنوات والتي راح ضحيتها أكثر من 320 ألف شخص، في الوقت الذي غيرت فيه دمشق من رأيها الرافض لهذا المقترح ورحبت بإقامة مناطق "تخفيف التوتر".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب من وزارتي الدفاع والخارجية، في نهاية يناير الفائت صياغة خطة لإقامة مناطق آمنة في سوريا، وهو المقترح الذي رحبت به تركيا وقطر ووافقت عليه موسكو بشرط موافقة النظام السوري ومشاركة الأمم المتحدة في إدارتها.
وسارعت الحكومة السورية بالتحذير من "تداعيات خطيرة" قد يسفر عنها تحقيق هذه الفكرة دون التنسيق معها.
وقال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، إنه "فيما يتعلق بما تم تداوله مؤخرا حول ما يسمى بالمناطق الآمنة، فإن أي محاولة للقيام بذلك من دون التنسيق مع الحكومة السورية هو عمل غير آمن ويشكل خرقا للسيادة السورية".
وأدت الحرب الأهلية التي استمرت نحو 6 سنوات في سوريا إلى مقتل أكثر من 320 ألف شخص – بحسب المرصد السوري- بالإضافة إلى تهجير 11 مليون داخل سوريا وخارجها، وهي الأزمة التي وصفت بالأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
ما هي المنطقة الآمنة؟
يُعرف المحلل الاستراتيجي العميد "أمين حطيط"، المنطقة الآمنة بأنها تحديد منطقة جغرافية معينة وسط مناطق الصراعات تصلح لإقامة ومعيشة المدنيين تحت إدارة قوة موحدة.
وقال "حطيط"، في اتصال هاتفي مع مصراوي، إنه يستلزم لإقامة المنطقة الآمنة قوة برية لفرض السيطرة على الأرض، وأخرى جوية لحماية الغطاء الجوي وحمايته من أي قصف معادٍ، وأخيرًا قوة بحرية لحماية الشواطئ حال تحديد منطقة آمنة لها سواحل.
ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مساحات شاسعة من الأراضي السورية خاصة الجنوبية منها على الحدود مع العراق. كما يسيطر على مدينة الرقة التي يعتبرها عاصمة لخلافته المزعومة.
فيما يسيطر الجيش السوري والقوات والميليشيات المتحالفة معه على العاصمة دمشق والساحل ومدينة حلب التي بسط سيطرته الكاملة عليها الشهر الفائت.
وأضاف العميد حطيط: لكي تُنشأ منطقة آمنة يستلزم ذلك موافقة الدولة صاحبة السيادة على الأرض وكذلك الأطراف المتصارعة، أما في حالة عدم سيطرة الدولة على المناطق المتصارع عليها يستلزم ذلك موافقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن على التدخل عسكريا لفرض المنطقة الآمنة.
موقع "ديبكا" القريب من الاستخبارات الإسرائيلية، ذكر في تقرير له أن الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فيلاديمير بوتين اتفقا على إنشاء ثلاث مناطق آمنة في سوريا على ألا توجد بها الميليشيات الإيرانية.
ونشر الموقع خريطة لسوريا أوضحت المناطق الآمنة الثلاثة التي ستسيطر عليها قوات أمريكية روسية تركية، وهي الحسكة ودرعا (أمريكا)، الباب (تركيا)، حلب وحمص (روسيا).
ترحيب دولي
وبالأمس أيدت روسيا التي تدعم النظام السوري وتركيا التي تدعم المعارضة، إقامة "مناطق آمنة" في سوريا بهدف تعزيز وقف إطلاق النار، وفق ما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين الأربعاء.
وقال بوتين في مؤتمر صحفي مشترك في سوتشي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان إن "موقفنا المشترك هو أن إقامة مناطق آمنة يجب أن يؤدي إلى تعزيز نظام وقف إطلاق النار".
وأضاف بوتين أنه "متفق في هذا الأمر مع الرئيس التركي، وأنه تحدث عن ذلك مساء أمس الثلاثاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
وتدعو الخطة الروسية إلى إنشاء مناطق آمنة في الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا، وأجزاء من محافظة حمص بوسط البلد، وفي الجنوب، وكذلك في الغوطة الشرقية بالقرب من العاصمة دمشق، حسبما أفادت وكالة فرانس برس للأنباء نقلا عن نسخة من الخطة.
وبحسب الوثيقة، فإن من شأن المناطق الآمنة أن تسمح بإنهاء العنف والسماح بعودة اللاجئين وإيصال المساعدات. ومن المقرر أن تكون هذه المناطق محاطة بنقاط تفتيش يديرها مسلحون من المعارضة وأفراد من القوات الحكومية. وقد يتم نشر قوات أجنبية بصفة مراقبين.
مناطق "تخفيف التوتر"
رحبت الحكومة السورية بالمبادرة الروسية التي أعلنت اليوم حول مناطق "تخفيف التوتر" في الأراضي السورية.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية في تصريح لوكالة الانباء السورية (سانا): إن بلاده "تؤيد المبادرة الروسية حول مناطق تخفيف التوتر، وتؤكد التزامها بنظام وقف الأعمال القتالية الموقع في الـ30 من ديسمبر 2016 بما فيه عدم قصف هذه المناطق".
وتابع أن سوريا تؤكد أيضا على "استمرار الجيش العربي السوري والقوات المسلحة والرديفة والحلفاء حربهم ضد الإرهاب ومكافحتهم لتنظيمي داعش والنصرة والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بهما، أينما وجدوا على امتداد الأراضي السورية".
فيديو قد يعجبك: