إعلان

تركيا والخيارات المكلّفة في الأزمة الخليجية

10:19 ص الثلاثاء 13 يونيو 2017

فشلت مساعي اردوغان في حل الازمة

(بي بي سي):

الأزمة المتصاعدة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى ضيقت هامش المناورة أمام الدول الاخرى المعنية بهذه الازمة وبات لزاماً عليها اتخاذ موقف واضح منها.

فالتصعيد الخليجي المصري ضد قطر كان مفاجئاً إلى حد بعيد، ولم يكن هناك حدث معين أدى الى انفجاره إذ جاء بعد القمة الأمريكية الاسلامية التي عقدت في الرياض وشاركت فيها قطر.

وسارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لبلاده علاقات جيدة مع طرفي الأزمة واتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأجرى محادثات مع المسؤولين الايرانيين في مسعة لنزع فتيل التوتر بين الجانبين كما استقبلت تركيا وزير خارجية البحرين لبحث هذه الازمة دون ان تثمر عن شيء يذكر.

مخاطرة

لم تلق دعوة الرئيس التركي الدول الخليجية إلى التهدئة ورفع الحصار الجوي والبري المفروض على قطر آذانا صافية في الاوساط الخليجية، بل شنت بعص الصحف السعودية حملة على تركيا متهمة اياها بدعم قطر في اطار دعم مشروع "جماعة الاخوان المسلمين "ومثال على ذلك ما كتبته صحيفة "عكاظ" السعودية في السابع من الشهر الجاري تحت عنوان : مصادر لـ "عكاظ": مخطط إخواني مشبوه برعاية تركية لدعم قطر.

يبدو أن اردوغان توصل إلى قناعة مفادها أن هامش المناورة أمام تركيا قد تضاءل إلى حد بعيد وأن عليه اتخاذ وموقف واضح من الأزمة والوقوف إلى جانب احدهما، فاختار قطر، مخاطرا بالعلاقة مع السعودية التي شهدت تحسنا ملحوظا منذ تولي الملك سلمان الحكم بعد فترة من البرود بسبب التباين الصارخ لموقف البلدين من الاطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي.

مسارعة البرلمان التركي الى المصادقة على الاتفاق العسكري بين تركيا وقطر كانت بمثابة رسالة تركية الى القوى الاقليمة واهمها السعودية مفادها ان تركيا معنية بهذه الازمة الى حد بعيد ولن تقف مكتوفة الايدي في حال تدهور الاوضاع في المنطقة.

فقد وافق البرلمان التركي في 7 يونيو على مشروع قانون يجيز نشر قوات في قاعدة عسكرية تركية في قطر وصادق عليه اردوغان بعد يومين وتوالت تصريحاته بهذا الشأن وقال "إنه يجب رفع الحصار تماما، يجب ألا يحدث هذا بين الأشقاء".

وأضاف أن "البعض منزعج من وقوفنا إلى جانب إخوتنا في قطر، إلا أننا مستمرون في تقديم جميع أنواع الدعم إليها". وقال "نعرف جيدا الذين كانوا مسرورين في الخليج (دون تسمية جهة معينة) من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، ونعرف جيدا ماذا فعل البعض ليلة محاولة الانقلاب".

"الهدف التالي"

ويقول الكاتب الصحفي التركي فهمي طاشتكين إن تركيا رأت في الاجراءات ضد قطر بأنها هي أيضا مستهدفة بعد فشل أردوغان في نزع فتيل الأزمة عبر اتصالاته الهاتفية.

ويضيف طاشتكين أن أنقرة توصلت إلى قناعة مفادها أن الأمر لن يستغرق طويلاً حتى يحين دورها وتكون الهدف التالي للحملة الخليجية لأن أنقرة لا تخفي تأييدها لجماعة الاخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية وتستضيف قادة هاتين الجماعتين على أراضيها إلى جانب تطابق سياسة البلدين في الملف السوري وكل الحجج التي أوردتها السعودية والامارات لاتهام الدوحة بتأييد "الجماعات الارهابية" يمكن تكييفها بسهولة لتنطبق على تركيا.

وبدأت المباحثات بين الطرفين لإقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر ونشر قوات تركيا هناك عام 2014 وتم التوقيع عليها اواخرالعام تحت اسم "اتفاقية التعاون بين الجمهورية التركية ودولة قطر في مجالات التدريب العسكري والصناعات الدفاعية وتمركز القوات المسلحة التركية على الاراضي القطرية".

وصلت أولى دفعات القوات التركية البرية إلى الدوحة في شهر اكتوبر 2015 وضمت 130 جنديا وعددا من المدرعات العسكرية لكن العدد تراجع إلى 94 جنديا قبل اندلاع الازمة الحالية.

وتم ارسال عدد آخر مؤخراً بحيث وصل عدد المستشارين العسكريين والجنود الأتراك حاليا في القاعدة العسكرية التركية في الدوحة إلى 200 عنصر ومن المتوقع ان يصل اجمالي عددهم إلى 5 آلاف بموجب الاتفاق الموقع بين البلدين.

ويشمل الاتفاق تمركز قوات برية وبحرية وجوية تركية على أراضي دولة قطر وتشكيل لجنة عسكرية مشتركة يرأسها ضابط قطري يساعده ضابط تركي.

واوضح وكيل وزارة الدفاع التركية الشهر الماضي خلال مناقشة البرلمان التركي للاتفاق إنّه ووفقاً للاتفاق بين تركيا وقطر، فإنه من المتوقع "إنشاء مقر قيادة تكتيكي مشترك بين الدولتين في الدوحة، على أن يكون قائد الوحدة قطرياً وبرتبة لواء، وأن يكون مساعده تركياً برتبة عميد".

لا يبدو أن الأزمة الحالية في طريقها إلى الحل قريباً بسبب تمسك طرفي الازمة بمواقفهما و فشل كل المساعي حتى الان في تبريد الأجواء، واستمرارها ينذر بتوسع هذا الخلاف ليلقى بظلاله السلبية على أزمات المنطقة الأخرى وعلى رأسها السورية والليبية واليمن.

فبعد أن كانت تركيا تعمل جاهدة طيلة سنوات الازمة السورية وحتى الآن جاهدة للحفاظ على طرق التجارة البرية مفتوحة عبر سوريا للوصول إلى الاسواق الخليجية، تغامر بخسارة هذه الاسواق في هذه الازمة.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان