البُغدادي.. هل قُتِل زعيم تنظيم داعش أبو "سبع أرواح"؟
كتبت- رنا أسامة:
لم تكُد تنتهي حالة اللغط التي يُثيرها خبر مقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، في كل مرة، حتى ينشر خبر جديد عن مقتله من مصدر آخر، ليبدو وكأن البغدادي "قطًا بسبعة أرواح". الأمر الذي ضرب عامل المِصداقية في أي رواية تخص وفاته "في مقتل".
في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، دخلت روسيا بقوة على خط معركة الرقة، ببيان رسمي وزّعته على مُختلف وسائل الإعلام، يُفيد بـ"توافر معلومات حول مقتل البغدادي مع عشرات من قادة التنظيم في غارة روسية جنوبي الرقة نهاية مايو الماضي"، بحسب وكالة أنباء "تاس" الناطقة باسم الحكومة الروسية.
ونقلت "تاس" عن مسؤولين روس أن وزارة الدفاع تدقق بالتقارير التي تشير إلى مقتل البغدادي في غارة روسية استهدفت اجتماعًا لقياديي التنظيم بالقرب من الرقة بشمال سوريا في 28 مايو الماضي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، "نحاول التحقق عبر مختلف القنوات من معلومات بأن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي كان مشاركا في الاجتماع وقتل في الغارة"، مُشيرة إلى أن الولايات المتحدة أُبلِغت بالعملية، حسبما ذكرت شبكة سكاي نيوز الإخبارية.
ردود الفِعل
لم يؤكّد أو ينفِ الجناح الإعلامي الرسمي لتنظيم داعش، الخبر.
وفي واشنطن، قال مسؤول في البيت الأبيض إن "الإدارة الأمريكية لا تستطيع تقديم أي معلومات عن تقرير وزارة الدفاع الروسية، كما أن أي مصدر مستقل لم يؤكد النبأ".
وأعلن التحالف الدولي ضد داعش ووزارة الدفاع والاستخبارات الأمريكية، عدم إمكانية تأكيد أو نفي المعلومات الروسية، بسبب "غياب الأدلة". وقال المتحدث باسم التحالف، الكولونيل جون دوريان، لوكالة أنباء رويترز: "لا يمكننا التأكيد".
وقال مسؤولون عراقيون لـ "رويترز" إنهم يشككون في التقرير الروسي.
وفي بغداد، تضاربت المعلومات حول مصير البغدادي، ورجّحت مصادر أمنية عراقية أن يكون ما زال يتجول في مناطق جغرافية وعرة قرب الحدود العراقية السورية.
وأعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن وزارة الدفاع أبلغت الرئيس فلاديمير بوتين بأنها ترجح مقتل البغدادي في الرقة. لكنه تجنّب تقويم التطور في حال صحت المعطيات، وقال إن التقويم التكتيكي والاستراتيجي من صلاحيات المستوى العسكري وليس الكرملين.
وكان رد فعل الخارجية الروسية مماثلًا لجهة التزامه الحذر، إذ قال وزير الخارجية سيرجي لافروف إنه "لا يوجد حتى الآن تأكيد مئة في المئة لتصفية زعيم داعش نتيجة الغارة الروسية على الرقة"، وفق ما ذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية.
ونبه لافروف إلى عدم الحاجة للمبالغة في أهمية القضاء المحتمل على البغدادي. موضحاً أن "كل الأمثلة لهذا النوع من العمليات كانت دائمًا تحظى بقدر كبير من الحماسة وتحاط بضجة، ولكن على رغم ذلك، أثبتت التجربة أن مثل هذه الجماعات سرعان ما كانت تستعيد قدرتها القتالية".
من جهتها، استبعدت مصادر استخبارية وأمنية عراقية، بحسب "الحياة" اللندنية، تعرض البغدادي إلى القتل خلال اجتماعه بقرابة 100 من أنصاره خلال غارة جوية روسية، بالنظر إلى أنه لا يعقد اجتماعات كبيرة منذ أكثر من عامين، وأنه أوجد نظامًا خاصًا ومعقدًا لحركته التي رجحت أنها تمتد في قرى متباعدة على الحدود العراقية- السورية، مستبعدة أن يكون داخل الرقة.
وقالت الصحيفة إن تعليقات الخبراء العسكريين الروس بين المعطيات عن مقتل البغدادي و"إسهام روسيا المباشر في معركة الرقة"، من جهة أن الضربة الروسية كان لها أثر معنوي أكبر في تبديد قوة التنظيم وتفكيك قواعده.
فيما رأى مسؤولون عسكريون غربيون وروس أنه لو ثبُت مقتل البغدادي -هذه المرة- فمن شانه هذا الأمر أن يقود إلى انهيار مقاومة داعش وحدوث انشقاقات واسعة داخل صفوفه وقياداته، وفقًا لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية التي أوضحت أنه سيساهم على الجانب الآخر في رسم صورة جيدة للرئيس بوتين الذي يحاول تجميل صورته دوليًا.
شائعات سابقة
ولا تُعد هذه هي المرة الأولى التي يلوح خلالها خبر مقتل البغدادي. فما أن وطأت قدما البغدادي قائدًا لتنظيم داعش في 29 يونيو 2014، بعد إعلان التنظيم ما أسماه بـ"الخلافة" في سوريا والعراق، حتى مضت شائعات القتل والإصابات والهروب تُلاحقه.
كانت وزارة الدفاع الأمريكية خصصت 100 مليون دولار لرأس البغدادي، فيما ترددت الأنباء والإعلانات عن مقتله أو إصابته أكثر من 10 مرات خلال الفترة التي أعقبتإعلان البغدادي نفسه خليفة بعد دخول تنظيمه الموصل وعددا من المدن العراقية عام 2014، بحسب "الحياة" اللندينة.
فقبل أسبوعين تقريبًا، تحدّث مصدر من النظام السوري عن مقتل البغدادي في غارة جوية، دون أن يتم تأكيد هذه المعلومة.
وسبقها في ديسمبر الماضي، إعلان خبر مقتله في بيان للمرصد السوري لحقوق الإنسان، أفاد بتوافر "معلومات من عدة مصادر موثوقة تؤكد طلب تنظيم داعش من قيادات عسكرية بالرقة لاختيار خليفة لزعيم التنظيم"، في إشارة إلى مقتل البغدادي.
وبحسب شبكة "سي إن إن"، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) حينها "نعتقد أن البغدادي على قيد الحياة وما زال يقود تنظيم داعش، وبالطبع نحن نبذل كل ما في وسعنا لتتبع تحركاته".
وفي 3 أكتوبر الماضي، نقلت تقارير محلية وعالمية عن إصابة "البغدادي" بحالة تسمم وثلاثة من مرافقيه، وذلك نقلًا عن مصادر عراقية: "حالة التسمم جاءت نتيجة دس السم في غذائهم".
وفي 28 مايو الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتله في جنوب الرقة. وفي 11 يونيو الماضي، أورد تقرير لصحيفة "ديلي ميرور" البريطانية، مقتل البغدادي في غارة جوية نفّذها الطيران الحربي السوري على مدينة الرقة. فيما خرج رئيس الوزراء السوري عبدالقادر عزوز، ينفي صحة التقرير. وقال في تصريح لوكالة السومرية نيوز العراقية "القيادة العامة للقوات المسلحة للجيش العربي السوري لم تصدر أي بيان أو توضيح بشان إصابة أو مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي كما ذكرت بعض وسائل إعلام"، موضحًا أن "الطيران السوري لا يشترك بعملية الرقة".
وفي 8 مارس 2017، نقلت وكالة "رويترز" ترجيح مسؤولين أمريكيين وعراقيين بمغادرة البغدادي معركة الموصل لقادة ميدانيين من أتباعه، وأنه يختبئ في الصحراء، حيث يتركز اهتمامه على بقائه حيًا.
وفي 12 فبراير 2017، ترددت أنباء عن إصابة البغدادي، إذ قال مصدر أمني عراقي، إنه أصيب مع عدد من قادة التنظيم في غارة نفذها طيران التحالف الدولي في القائم، غرب محافظة الأنبار.
وفي أبريل 2017: أعلن ما يسمى المكتب الإعلامي للأمين العام للدائرة الأوروبية للأمن والمعلومات، أن لديه معلومات وصفها بالدقيقة عن اعتقال البغدادي شمال سوريا، حسبما نقلت وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية.
وفي يونيو 2016، تناقلت وسائل الإعلام بيانًا صادرًا عما يعرف بـ "ولاية الرقة"، جاء فيه أن البغدادي قتل في ريف الرقة.
في أكتوبر 2015، نقلت صحيفة "المنار" الفلسطسنية، عن مصادر إن 20 إرهابيا قتلوا في غارة للطيران الحربي العراقي قرب الحدود السورية العراقية، وأصيب 3 بجراح خطيرة من بينهم البغدادي.
وفي 21 أبريل 2015، نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن مصدر عراقي ودبلوماسي غربي، أن البغدادي أصيب بجروح خطيرة في غارة جوية للتحالف غرب العراق.
في 6 سبتمبر 2014، تداول مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي تويتر صورة قالوا إنها للبغدادي بعد مقتله في إحدى الغارات الأمريكية على معاقل التنظيم في تلعفر شمال العراق، بعد رصد مكالمة هاتفية له مكنت القوات الأمريكية من تحديد مكانه، وفق ما نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
فيديو قد يعجبك: