تقارب الرياض مع ادارة ترامب أسهم في دفع الامير محمد نحو قمة السلطة
(أ ف ب):
أسهم التقارب الاخير بين السعودية والولايات المتحدة، الحليفة التاريخية للمملكة، في دفع الامير محمد بن سلمان نحو قمة هرم السلطة ليصبح الحاكم الفعلي للدولة النفطية، ولو من خلف الستار، بحسب ما يرى محللون.
والاربعاء عين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز نجله الأمير الشاب، 31 عاما، في منصبه الجديد خلفا للامير محمد بن نايف الذي اعفي من منصبه بعدما كان حليفا قويا للغرب وللولايات المتحدة في الحرب ضد التطرف.
وعمل محمد بن سلمان منذ اختياره في منصب ولي ولي العهد قبل عامين مع تسلم والده مقاليد الحكم، على تعزيز نفوذه في المملكة، سياسيا واقتصاديا وامنيا، على حساب ابن عمه محمد بن نايف.
ويقول ستيفان لاكروا الاستاذ المساعد في معهد العلوم السياسية في باريس ان شعبية محمد بن نايف لدى ادارة الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما أجلت خروجه من الصورة، مضيفا "الامر تغير حين وصل دونالد ترامب الى السلطة".
وبعيد دخوله البيت الى الابيض، أوضح ترامب في أكثر من مناسبة ان حلفاءه الرئيسيين في المنطقة هم محمد بن سلمان، وولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد ال نهيان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفقا للاكروا.
وكانت السعودية أعربت عن ترحيبها بانتخاب ترامب بعد سنوات من الفتور مع ادارة اوباما، مشيدة بمواقف الادارة الجمهورية الجديدة المتشددة ازاء طهران، الخصم السياسي للرياض في المنطقة، والاتفاق النووي الموقع معها.
ودفعت الحماسة السعودية تجاه ترامب محمد بن سلمان لان يكون احد اوائل المسؤولين الذين يزورون الرئيس الجديد في واشنطن قبل ان يرد ترامب الزيارة برحلة استثنائية الى السعودية في مايو الماضي كانت الاولى له الى الخارج منذ تسلمه منصبه.
وألقى ترامب خلال وجوده في السعودية خطابا امام عدد من قادة الدول العربية والمسلمة، دعا فيه هؤلاء الى العمل على طرد المتطرفين من اراضي دولهم، وشن هجوما على ايران وسياساتها الاقليمية متهما اياها برعاية الارهاب.
ووضع خطاب ترامب الامير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد في موقع قوي للانقضاض على السياسة القطرية وقطع العلاقات مع الدوحة على خلفية اتهامها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة وتمويلها، وكذلك التقرب من ايران.
ورغم أن الولايات المتحدة بدأت في الايام الاخيرة تضغط بشكل أكبر على السعودية وحليفاتها لحل الازمة الدبلوماسية الاكبر في المنطقة منذ سنوات، إلا أن ترامب اتخذ منذ البداية موقفا مؤيدا للخطوة السعودية والاماراتية، متهما الامارة التي تضم اكبر قاعدة جوية اميركية في المنطقة بتمويل الارهاب.
- لا ضوء اخضر -
مع تأسيسه لعلاقة قوية مع واشنطن، أدرك محمد بن سلمان أن ادارة ترامب لن تعارض اقصاء محمد بن نايف عن الحكم واحتلاله مكانه في اعلى درجات هرم السلطة، خلف الملك، بحسب لاكروا.
وقال الباحث الفرنسي "اعتقد ان عامل ترامب أثر بشكل كبير".
وقد اتصل الرئيس الأمريكي بولي العهد الجديد بعيد الاعلان عن التعيين الاربعاء، حيث هنّأه على منصبه وناقش معه الازمة مع قطر.
ويرى فريدريك ويري الباحث في برنامج الشرق الأوسط في مؤسّسة كارنيغي للسلام الدولي ان "اشارات كثيرة"، بينها الانخراط الأمريكي الاكبر في السياسة الاقليمية، لعبت دورا مهما في تعيين الامير الشاب.
وقال إن السعودية لم تكن تنتظر الضوء الاخضر من الولايات المتحدة، الا ان تعزيز التقارب بينهما مع وصول ترامب الى الرئاسة ادى دورا رئيسيا، إلى جانب العوامل السعودية الداخلية الاخرى.
من جهته، يعتبر اندرياس كريغ الباحث في قسم الدراسات الدفاعية في كلية "كينغز كوليدج" في لندن ان تسليم الملك لمحمد بن سلمان مناصب مهمة وجعله الحاكم الفعلي من خلف الستار اسس للامير "قاعدة عمل صلبة".
ويضيف أن هذه التغييرات ترسل اشارة إلى واشنطن بان المملكة المحافظة ملتزمة بالاصلاح وانها الحليف الاقوى لادارة ترامب في مواجهة ايران وتنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.
وتابع "تعيينه ياتي ليضيف يقينا على مرحلة تفتقد لليقين".
ويبدو أن ولي العهد الجديد يحظى بثقة ودعم العائلة الحاكمة في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها المملكة، وبينها، الى جانب الازمة مع قطر، تراجع اسعار النفط والنزاع العسكري في اليمن المجاور حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا من اكثر من عامين.
ويقول لاكروا أن تعيين الامير محمد لا يلقى معارضة داخل الاسرة رغم ان ولي العهد الجديد بات يتحكم وحده بابرز الملفات، من الاقتصاد عبر "رؤية 2030" الاصلاحية، الى اليمن كونه وزيرا للدفاع، الى السياسة بصفته ولي العهد.
ويرى لاكروا ان "هذا الامر جديد على النظام السعودي الذي لطالما بني على توازن في القوى بين لاعبين مختلفين وفروع متنوعة".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: