رئيس الفلبين يتمتع بأعلى شعبية رغم عام من الفضائح في الرئاسة
مانيلا (د ب أ)
أمضى الرئيس الفلبيني "رودريجو دوتيرتي" عامه الأول العصيب في رئاسة البلاد، ليثير موجات انتقادات متلاحقة بسبب حربه الشاملة ضد تجارة المخدرات والتي أسفرت عن مقتل الآلاف.
وقد أثار الرئيس الفلبيني، 72 عاما، الذي أدى اليمين الدستورية في 30 يونيو من العام الماضي، حيرة المحللين الدوليين بسبب توجهاته المعادية لحلفاء بلاده التقليديين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في حين يتودد إلى روسيا والصين.
كما ساهم حصار المسلحين الإسلاميين المرتبطين بتنظيم "داعش" الإرهابي لمدينة "مارواي" ذات الأغلبية المسلمة جنوب الفلبين الشهر الماضي في تصدره لاهتمامات وسائل الإعلام.
ورغم أن عامه الأول في الرئاسة شهد اضطرابا واضحا، وهو ما حذر منه أثناء تنصيبه رئيسا للبلاد في العام الماضي، فإنه يحظى بأعلى شعبية تمتع بها رئيس فلبيني حتى الآن.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد "محطات المناخ الاجتماعي" الفلبيني في مارس الماضي، على مستوى الفلبين بلغت نسبة تأييد دوتيرتي" 75 في المئة مقابل 73 في المئة في ديسمبر الماضي.
في الوقت نفسه تراجعت نسبة المعارضة لأدائه من 12 في المئة في ديسمبر الماضي إلى 9 في المئة فقط في مارس الماضي، بحسب استطلاع الرأي.
وقد قدم "دوتيرتي" نفسه للشعب الفلبيني بأنه "شخص يعتمد عليه" وهو ما جعله أقل عرضة للهجمات السياسية والانتقادات والشكوك بشأن سياساته حسب "بيبي روموالديز" المحلل السياسي في صحيفة "فلبين ستار".
وكتب روموالديز في عمود صحفي مؤخرا "لمسته العامة وهالة الإخلاص التي أطلقها .. كان لها صدى قوي لدى أعداد ضخمة من الفلبينيين العاديين".
وأضاف إن الفلبينيين "اختاروه ليكون قائدهم رغم الجهود المسعورة لخصومه من أجل تدمير شخصيته بقضايا سلبية خلال حملة الانتخابات الرئاسية".
وبحسب منظمة "هيومان رايتس ووتش" فإن دوتيرتي مازال محتفظا بشعبيته وهو ما جعل المعارضين له يواجهون "عواقب كارثية محتملة وشاملة" لهذه المعارضة.
وقال "فليم كاين" نائب رئيس المنظمة لمنطقة آسيا "أعداد الأشخاص الذين ينتقدون حربه ضد المخدرات يواجهون انتقادات حادة وهجمات قوية من جانب أنصاره عبر الإنترنت بهدف إسكاتهم".
وأشار "كاين" إلى أن أقوى الأصوات المنتقدة لـ "دوتيرتي" هو صوت النائبة "ليلي دي ليما" التي تعرضت لشهور من التنكيل والهجوم الذي لا هوادة فيه من جانب دوتيرتي قبل أن يتم القبض عليها واحتجازها فيما بعد بتهم تتعلق بالمخدرات.
وقال "كاين" إنه يجب محاسبة دوتيرتي في نهاية الأمر عن تسببه في" كارثة لحقوق الإنسان في الفلبين " حيث تم قتل حوالي 7 آلاف مشتبه في تعاطيهم أو تجارتهم للمخدرات سواء على يد الشرطة أو على يد مسلحين مجهولين.
ويشجع دوتيرتي على قتل أي شخص يرتبط بتجارة المخدرات وأكد لرجال الشرطة أنه سيحميهم من أي ملاحقة إذا ما قتلوا المشتبه في تجارتهم أو تعاطيهم للمخدرات.
وفي واحدة من القضايا الشهيرة، تم اتهام عمدة إحدى المدن بأنه أحد زعماء عصابات تجارة المخدرات وتم قتله أثناء احتجازه في إحدى المدن شرق الفلبين. وفي البداية تم اتهام ضباط الشرطة بالقتل العمد لكن الرئيس تدخل لتعديل التهمة إلى ضرب أفضى إلى موت.
وقد أقام أعضاء البرلمان المعارضين دعوى قضائية ضد دوتيرتي أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة القتل الجماعي بسبب قتل المشتبه في تورطهم في الأعمال الإجرامية وتجارة المخدرات في سنة حكمه الأولى.
والحقيقة أنه ليست كل أعمال دوتيرتي الكبيرة خلال سنة رئاسته الأولى كانت مثيرة للجدل: فقد تلقى إشادة واسعة لمحاربته للطبقة المسيطرة على عالم المال والسياسة في البلاد والذين كانوا يستعرضون عضلاتهم مع وصول كل حكومة جديدة إلى السلطة.
ومن أشهر القضايا في هذا المجال قضية "روبرتو أونجبن" وزير المالية السابق في حكومة الرئيس الراحل فرديناند ماركوس الذي نجح في حماية نفسه وشركاته من أي ملاحقة عبر مختلف الحكومات منذ سقوط ماركوس عام 1986.
وقد توارى روبرتو أونجبن عندما تحدث دوتيرتي عنه صراحة باعتباره شخصية انتهازية يعقد صفقاته باستخدام علاقاته السياسية فقط.
يقول "أنطونيو لا فينا" العميد السابق لكلية أتينيو للإدارة إن دوتيرتي اتخذ خيارات جيدة بتعيين شخصيات يسارية وتقدمية في المؤسسات الحكومية التي تتعامل عادة مع الفقراء.
علاوة على ذلك، فإنه أوفى بتعهداته بشأن تحسين الخدمات العامة مثل توفير التعليم المجاني والمزيد من المزايا الصحية للمواطنين، في حين ينفذ برنامج إصلاح ضريبي لتمويل مشروعات البنية التحتية في البلاد.
يقول "لا فينا" إن "الفلبين اليوم مختلفة للغاية عنها قبل عام وهي فلبين جيدة وسيئة في الوقت نفسه".
على الجانب المثير للجدل للحرب على المخدرات، فإن النمط الاستبدادي للقيادة بدا باعتباره مدمرا للتجربة الديمقراطية في الفلبين، حيث يسمح بإساءة استغلال السلطة في التعامل مع أعضاء البرلمان والمعارضة السياسية الضعيفة بحسب "لا فينا".
وأضاف "لا فينا" أن "حالة ديمقراطيتنا سيئة والمثال الرئيسي لذلك هو النقد اللاذع لنواب المعارضة ولنائب الرئيس ليني روبريدو".
وبالنسبة للفلبينيين العاديين الذين يراهنون على دوتيرتي لتحقيق تغيير شامل، يرون العمدة السابق شخصية ذات تأثير مرغوب.
يقول "روديل ماجناي" سائق سيارة أجرة، إنه يشعر الآن بالأمان أثناء القيادة في شوارع العاصمة مانيلا أثناء الليل.
وأضاف "لأول مرة منذ بدء عملي كسائق تاكسي عام 1984، يشعر المجرمون ومدمنو المخدرات بالخوف... فهم يعرفون أنه إذا لم يقتلهم رجال الشرطة، سيقتلهم المسلحون أو الحراس".
فيديو قد يعجبك: