هل تتحدى المعارضة البريطانية بقيادة كوربين التكهنات المبكرة بالفشل؟
لندن - (د ب أ):
أفادت تقارير بأن العديد من المرشحين من حزب العمال المعارض فى بريطانيا يحذفون الإشارة إلى زعيم الحزب فى مواد الدعاية الانتخابية ويحاولون عدم ذكره خلال عملية السعي لجذب الأصوات من منزل لمنزل.
وقال بول فاريلي، وهو مرشح عن حزب العمال، ويدافع عن مقعده فى منطقة "ميدلاندز" لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) "إذا قلت لأي شخص- فى ظل نتائج استطلاعات الرأي الوطنية - إن هذا ما سنفعله في الحكومة، وأن جيريمي كوربين سوف يكون رئيسا للوزراء، سيسخرون مني، بصراحة".
وكان فاريلي يشير إلى استطلاعات الرأي التي أجريت في مطلع مايو وأظهرت أن حزب المحافظين الحاكم بقيادة رئيسة الوزراء تيريزا ماي يتقدم بحوالي 20 نقطة على حزب العمال المعارض، الأمر الذي يعني أنهم في الطريق للحصول على عشرات المقاعد وتأمين أغلبية ساحقة في البرلمان.
ولكن هل الوضع بهذا السوء حقا؟
كان اليساري كوربين (68 عاما) الفائز المفاجئ في اعقاب استقالة زعيم الحزب الذي ينتمي إلى تيار يسار الوسط إد ميليباند بعد نتائج مخيبة للآمال في الانتخابات العامة عام 2015.
وشكل انتخاب كوربين انتصارا لتيار اليسار الأكثر واقعية داخل حزب العمال بعد نضال طويل الأمد مع أنصار تيار الوسط العمليين الواقعيين، الذين يصرون على أن دعم قدرات انتخاب الحزب يحتل الأولوية.
وحصل كوربين على دعم من أعداد كبيرة معظمهم من النشطاء الشباب الذين ساعدوا على زيادة عدد أعضاء الحزب، فضلا عن دعم النقابات الكبرى.
إلا أنه أضطر إلى الاشتراك فى منافسة وسباق للبقاء في السلطة في يوليو بعد ثورة ضد قيادته من جانب غالبية النواب في حزب العمال البالغ عددهم 220، بما في ذلك استقالة معظم أعضاء حكومة الظل.
ولم يكن كوربين يحظى بشعبية لدى وسائل الإعلام - اليمينية فى غالبيتها - في بريطانيا، والتي انضمت إليها ماي وحكومتها، في تصويره كمتطرف سياسي في حملة الانتخابات العامة.
وكان العديد من المحللين، فضلا عن بعض السياسيين العماليين البارزين، قد توقعوا حدوث انهيار انتخابي تعقبه سنوات من العزلة السياسية ما لم يبعد الحزب كوربين ويجد قائدا جديدا يروق بدرجة أكبر للسياسة البريطانية الوسطية.
وعندما أعلن حزب العمال بيانه الانتخابي في منتصف مايو، نشرت صحيفة لندن إيفينينج ستاندارد- التى يرأس تحريرها وزير الخزانة المحافظ السابق جورج أوزبورن - عنوانا بالصفحة الأولى يقول : "الرفيق كوربين يرفع العلم الأحمر"، محذرا من أن "حزب العمال يستهدف مواطني لندن بمداهمة بــ48 مليار جنيه على الأثرياء".
وقد عنونت صحيفة ديلى ميل اليمينية، واحدة من أكبر صحيفتين شعبيتين فى بريطانيا، قصتها بالعنوان التالي : "بيان كوربين للحرب الطبقية".
وقد سخر منتقدون آخرون، ومن بينهم بعض الأعضاء في حزبه، من بيان كوربين للانتخابات المقررة غدا الخميس ووصفوه بأنه "أطول رسالة انتحار في التاريخ"، مرددين الوصف الذي قيل عن البيان العمالى اليساري لزعيم حزب العمال الأسبق مايكل فوت قبل الانتخابات الكارثية التي أجريت عام 1983 .
إلا أن كوربين ظهر هادئا ومتماسكا في مقابلات إعلامية وفي الفعاليات المختلفة للحملة الانتخابية، متمسكا برسالته الأساسية المتمثلة في تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية والمساواة الاقتصادية في بريطانيا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقد انعكست ثقته في قراره الانضمام إلى مناظرة هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قبل ثمانية أيام فقط من الانتخابات، على الرغم من إصراره السابق على عدم الاشتراك في المناظرة إلا إذا شاركت فيها ماي، التي كانت قد رفضت المشاركة.
وربما يكون كوربين قد غير رأيه نتيجة لسلسلة من استطلاعات الرأي الأخيرة التي أشارت إلى أن الفارق بين الحزبين قد تقلص إلى 12 نقطة، وقد ألمح عدد منها إلى إمكانية تضييق حزب العمال للفجوة التني تفصله عن المحافظين إلى بضع نقاط فقط.
وعلى الرغم من التنبؤات الأولية بفشل حزب العمال، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن العديد من الانتخابات تسفر عن مفاجآت، يتساءل البعض عما إذا كان يمكن أن تشهد الانتخابات المقررة بعد غد مفاجأة جديدة.
فيديو قد يعجبك: