لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لعبة ترامب الخطيرة في الشرق الأوسط

02:49 م الخميس 08 يونيو 2017

واشنطن (د ب أ)
ليس من السهل في واشنطن التعرف في هذه الأيام على الكلمة الأكثر ثقلا في السياسة الخارجية.

فعندما قطعت السعودية ودول عربية أخرى علاقاتها بقطر الاثنين الماضي كان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أول من أدلى بدلوه في الأزمة حيث دعا الأطراف المتنازعة للجلوس إلى المائدة وإنهاء خلافاتهم.

وعبر وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس عن تفاؤله بإمكانية حل المشاكل.

وفي اليوم نفسه قالت متحدثة باسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الرئيس سيتحدث مع الأطراف المعنية لتهدئة الوضع.

وأوضح ممثل للبنتاجون أن بلاده ممتنة لقطر على دعمها القوات الأمريكية.

ثم جاء صباح الثلاثاء وغرد الرئيس.

وقف دونالد ترامب في جهة السعودية وترك حليفه قطر يسقط، ذلك الحليف الذي يأوي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة. أضاع ذلك باستخفاف جاء في 140 حرفا.

كان ترامب قد قال أثناء رحلته الأخيرة للشرق الأوسط إنه يجب التوقف عن دعم الأيدولوجيات المتطرفة.

وعزا ترامب عزلة الإمارة الخليجية الصغيرة بشكل جوهري إلى زيارته وقال إن القمة مع رؤساء الدول والحكومات العربية بدأت تؤتي ثمارها مضيفا: "ربما كان ذلك بداية نهاية فظائع الإرهاب".

يتصرف ترامب بعيدا تماما عن مؤسسات السياسة الخارجية والأمنية لبلاده ويناقض تصريحات لوزرائه لدرجة أن العضو الجمهوري بمجلس الشيوخ، السيناتور بوب كوركر، لم يجد ما يقله عندما واجهه صحفي بتصريحات ترامب.

وبعد يوم من ذلك عرض الرئيس نفسه خلال مكالمة هاتفية مع الأمير تميم بن حمد آل الثاني كوسيط في النزاع.

فماذا يجب علينا فهمه من ذلك؟

هناك قراءة للتصعيد في الخليج تنسب لترامب جزءا أساسيا في هذا التصعيد.

يذهب أصحاب هذه القراءة إلى أن السعودية والدول الأخرى تستغل الفرصة السانحة التي توفرت لها مع تولي ترامب السلطة في واشنطن لتقويم جار غير مريح وطموح يناسبه حدوث تغير في موازين السلطة التقليدية في المنطقة.

ليس النزاع بين قطر وغيرها من دول الخليج جديدا، ولكن زيارة ترامب للرياض قبل نحو ثلاثة أسابيع كانت إيذانا بحدوث تحول حيث استغلت السعودية الفرصة "لإعطاء قطر درسا" لأنها شعرت بالقوة جراء دعم ترامب لها، حسبما رأى بروس ريدل من مركز أبحاث بروكينجز.

كانت الرياض أولى المحطات في أول زيارة لترامب للمنطقة وهذه اللفتة تكفي للتأكيد على مدى الأهمية التي يوليها ترامب لعلاقات بلاده مع المملكة وذلك بعد أن كانت العلاقة قد شهدت شيئا من الفتور إبان فترة حكم سلفه باراك أوباما وذلك بسبب الاتفاق النووي مع إيران، العدو اللدود للسعودية.

ولكن ترامب وجه انتقادات حادة لطهران في كلمته التي حظيت باهتمام عالمي واعتبرها القوة التي يجب صدها.

وخلافا لأوباما فقد تجاهل ترامب الانتقادات الموجهة للوضع السيء لحقوق الإنسان في السعودية وطلب من رؤساء الدول والحكومات شيئا واحدا فقط وهو: أن ينضموا إليه في حربه ضد الإرهاب.

يبدو أن ترامب ليس لديه أي اهتمام حقيقي بأسباب التطرف أو بالعواقب الناجمة عن تفكك الدول.

كما افتقد ترامب للفهم العميق لتعقد الظروف في المنطقة.

أوضح ترامب أنه يدعم سياسة السعودية ودول خليجية أخرى ضد إيران لأنه هو أيضا لا يريد القبول بالجمهورية الإسلامية كقوة إقليمية.

"عواقب وخيمة"

يحذر خبراء معنيون من العواقب الوخيمة للأزمة.

بل إن زيمون هِندرسون، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، يشبه الوضع في قطر بالوضع في أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى وقال في تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" إن واشنطن قادرة على لعب دور مهم في نزع فتيل هذا " الوضع المتفجر".

أضاف هندرسون: "ربما اعتقد ممثلون في الحكومة الأمريكية أن قطر ليست غير متحيزة في سياسة التوازن بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن لن يستفيد أحد من نزاع طويل الأمد بين الرياض والدوحة أو من خلاف يدفع قطر لأحضان طهران".

كما أن ترامب لا يمكن أن يريد هو الآخر لأسباب استراتيجية المزيد من التصعيد في الأزمة لأن ذلك من شأنه أن يقوض المصالح الأمنية لواشنطن في المنطقة تماما حيث تحتاج الولايات المتحدة الدول الخليجية المحافظة ولكن في الوقت ذاته مستقرة نسبيا كمراسي يستعين بها في مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، ومن شأن حدوث هوة عميقة بين هذه الدول أو حتى تفكك مجلس التعاون الخليجي أن تكون له تداعيات كارثية.

وأخيرا وليس آخرا فإن قطر حليف عسكري مهم لواشنطن حيث تستضيف أهم قاعدة جوية أمريكية من الناحية الاستراتيجية، قاعدة العديد، والتي بها أكثر من عشرة آلاف جندي أمريكي.

إنها قلب مركز القيادة الأمريكي الذي يراقب العمليات في سوريا والعراق وأفغانستان، كما أنها هي القاعدة التي توجه منها العمليات الجوية عبر العراق وسورية وأفغانستان ودول أخرى.

يبدو أن نقل هذه القاعدة من قطر غير وارد حيث إن اتخاذ مثل هذه الخطوة سيكلف وقتا ومليارات الدولارات الأمريكية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان