مركز إنساني روسي للمساعدات في صربيا يسخر من اتهامه بالتجسس
بلجراد، صربيا (أ ف ب)
ضحك فياشيسلاف فلاسينكو من أعماق قلبه عندما سئل عن مزاعم ترددها دول غربية تشتبه بأن مركز نيش الروسي-الصربي للشؤون الانسانية الذي يتولى إدارته في جنوب صربيا، يمكن ان يكون وكرا للجواسيس.
ويعرض هذا السبعيني الودود الذي يشارك في تولي ادارة هذا المجمع القريب من مطار نيش، ثاني مدينة في صربيا، أسرة المخيمات والخيم ومعدات الاغاثة. ويعدد العمليات الانسانية التي شارك فيها فريقه: فيضانات 2014 في البلقان، وأزمة الهجرة، وإزالة الالغام وتأمين الكهرباء للمناطق الجبلية.
ويقول الرجل الروسي "نحن هنا منفتحون تماما. هل رأيت كل زوايا مركزنا وخباياه؟ هل يمكن استخدامه لغايات عسكرية؟ هذا كلام لا معنى له".
منذ وقعت الحكومتان الصربية والروسية اتفاقا على افتتاحه في 2012، يثير هذا المركز الانساني شكوكا في الغرب حيث يرى فيه البعض وكرا محتملا للجواسيس، وبالتالي نواة لقاعدة عسكرية.
عزز هذه الشكوك طلب موسكو منحه حصانة دبلوماسية يمكن ان تطبق كما يأمل المركز، على الموظفين والموقع نفسه. ويؤكد فياشيسلاف فلاسينكو ان الهدف من هذا الطلب لم يكن سوى خفض الضرائب.
وتتخذ سلطات بلغراد موقفا يتسم بالحذر الشديد. فبعض المسؤولين يعلنون من وقت الى آخر تأييدهم منح المركز هذا الوضع. لكن الرجل القوي في البلاد، الرئيس الكساندار فويسيتس لا يلتزم بشيء.
وقالت الكسندرا يوكسيموفيتش التي ترأس "مركز السياسة الخارجية" للدراسات في صربيا، "اعتقد ان صربيا حريصة جدا على ألا تتخطى خطوطا حمرا، على هذا الجانب وذاك". وأضافت ان التوتر بين موسكو والغرب يعرض البلدان الصغيرة مثل بلدها "لضغوط هائلة".
صربيا، الورقة الوحيدة في يد موسكو
لا تستطيع صربيا، المرشحة الى الاتحاد الاوروبي، ان تغضب الشقيق الأرثودوكسي الكبير، حليفها التاريخي.
فموسكو هي أبرز داعميها في رفضها الاعتراف باستقلال كوسوفو، الاقليم الصربي السابق. وترفض بلغراد الانضمام الى العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو.
لكن صربيا تعتبر بالنسبة لموسكو ورقة معزولة في البلقان بعد أن انضمت مونتينيجرو المجاورة الى الحلف الاطلسي، وفي حين لا تخفي الحكومة المقدونية الجديدة عزمها على استئناف مفاوضات الانضمام. وجميع البلدان الاخرى المجاورة: ألبانيا وكرواتيا واليونان والمجر وبلغاريا ورومانيا، أعضاء في الحلف الاطلسي.
وحذرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موجيريني في مارس، من ان دول البلقان "يمكن ان تصبح بسهولة رقعة تحرك حجارتها القوى العظمى".
وفي نيش، لا شيء يوحي بهذه المناورات الكبيرة إذ ينهمك رجال يرتدون الزي الخاص بوزارة الاوضاع الطارئة الروسية بتوضيب المساعدات. إنهم ينفذون هذه المهمة الدورية كل ثلاثة اشهر.
ويعمل عشرون شخصا بالإجمال، من صرب وروس، في المركز، كما يقول فياشيسلاف فلاسينكو، مؤكدا ان تعزيزات من روسيا تصل عند الضرورة. ويقول ان موسكو استثمرت اكثر من 40 مليون يورو لإقامة هذا المركز.
وفي الشهر الماضي، عبر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية هو هويت براين يي، المسؤول عن جنوب شرق اوروبا، عما يشعر به حيال "هذا المركز الانساني المزعوم".
واضاف هذا الدبلوماسي في مداخلة ادلى بها في الكونغرس الاميركي، انه لا يتخوف كثيرا من وضع هذا المركز "اليوم، بل مما يمكن ان يصبح عليه إذا حصل على ما تطلبه روسيا من صربيا، أي وضع خاص لحمايته، وضع دبلوماسي او نوع من الحصانة".
اختبار الولاء الصربي
واشار هويت براين يي الى قرب نيش من كوسوفو التي تتمركز فيها قوة كبيرة للحلف الاطلسي (كفور).
وقال محذرا "اذا ما سمحت صربيا لروسيا بإقامة مركز خاص للتجسس او لأي أنشطة اخرى، فستخسر السيطرة على جزء من اراضيها".
وسواء أكان للتجسس أم لا، يتيح المركز لروسيا تجميل صورتها في صربيا، كما تشهد على ذلك شهادات الشكر الكثيرة المعلقة على مدخل المركز.
وفي استطلاعات الرأي حول مستوى الشعبية، تتقدم روسيا باستمرار على الاتحاد الاوروبي، على رغم حضور اقتصادي أضعف بما لا يقارن.
ويقول المحلل العسكري الصربي الكساندار راديتش الذي لا يعتقد أن موسكو ترغب في إقامة قاعدة سرية قريبة جدا من أراض يسيطر عليها الحلف الاطلسي، ان "الغرب يستخدم هذا الموضوع لاختبار ولاء صربيا".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: