الموصل.. مدينة فقدت أعز ما تملك
كتبت- هدى الشيمي:
لم يسلم أي شيء في الموصل من بطش وهمجية تنظيم داعش، فمثلما عاملوا مواطنيها بعنف وقسوة، وشردوا أهلها، واضطهدوا الأقليات ما دفع الكثير منهم إلى النزوح تاركين تفاصيلهم وذكرياتهم ورائهم، عمل التنظيم على طمس معالم المدينة الأثرية، والتي تميزت واشتهرت بها.
فعلى مدار ثلاثة أعوام، بدأت بإعلان زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي لقيام الخلافة المزعومة من على منبر الجامع النوري العريق في الموصل، وحتى الأيام الأخيرة للتنظيم في المدينة التي تعد ثاني أكبر وأهم المدن العراقية، وأحد أقوى معاقله في المنطقة، لم يتوقف داعش عن التخريب.
ووصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس الأحد، إلى الموصل لتهنئة القوات الحكومية بـالنصر الذين أحرزوه على داعش في المدينة.
وذكر التلفزيون العراقي الرسمي أن قوات مكافحة الإرهاب رفعت العلم العراقي على حافة نهر دجلة في المدينة القديمة من الموصل.
وكانت قيادة العمليات المشتركة أكدت السبت، إنه لم يتبق سوى "عشرات الأمتار القليلة" لتحرير مدينة الموصل القديمة بالكامل، مؤكدة استمرار القوات العراقية بالتقدم وتحقيق "انتصارات كبيرة".
وفيما يلي نستعرض أبرز الانتهاكات التي قام بها داعش ضد الآثار التاريخية والمباني العريقة الموجودة بالموصل العراقية:
المسجد النوري
بعد إعلان القوات العراقية تقدمها في مدينة الموصل، واستعادتها لمساحات كبيرة من أيدي التنظيم، قرر داعش الانتقام بطريقته الخاصة، ففجر جامع النوري ومئذنته الحدباء، في 21 يونيو الماضي.
ويتجاوز عمر المسجد الآثري 800 عام، ويعد من أعرق المساجد التاريخية في الساحل الأيمن للموصل، وتعتبر مئذنته أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة والشرق الأوسط، وكانت الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي.
وكان مسلحو التنظيم استهدفوا المئذنة الحدباء بعد استيلائهم على الموصل في يونيو 2014، إلا أن السكان حموا المسجد والمئذنة ومنعوا المتطرفين من الإضرار ربها.
جامعة الموصل:
عندنا استولى داعش على مساحات واسعة من سوريا والعراق، حاول فرض سياسته ونشر أيدولوجيته بكل ما أوتي من قوة، فأصدر قرارات بتغيير المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، وشمل ذلك جامعة الموصل، التي يبلغ عمرها 50 عاما وتعد من أهم منابر العلم في الشرق الأوسط، وثاني أكبر جامعة في العراق، ويوجد بها 124 مبنى.
بحسب الأساتذة والطلاب في الجامعة، علق مقاتلو التنظيم الأعلام السوداء داخل الجامعة، ونشروا ممثلين عنهم داخل مبانيها وأورقتها، وأغلق التنظيم أي فرع يعارض التنظيم مثل الآداب والفلسفة، كما أولى أهمية خاصة لكلية العلوم الفيزيائية، وأرجع المحللون ذلك إلى أنهم رغبوا الاستفادة من الطلاب وأستاذة الفيزياء في تطوير أسلحتهم.
وأحرق مقاتلو التنظيم الكتب في المكتبة المركزية، وهدموا المواقع الأثرية الموجودة فيها، وحولوا مراكز الجامعة إلى مساكن للمقاتلين الأجانب، أو مواقع للتدريبات العسكرية، وفجروا قاعة الإعلام والمسرح.
مكتبة جامعة الموصل:
وخرّب عناصر التنظيم مكتبة الجامعة، التي تضم مئات اللآلاف من الكتب في مختلف المجالات العلمية والإنسانية، وحرقوها في النهاية.
ولم يكتفِ مقاتلو التنظيم بحرق آلاف الكتب والمخطوطات في مكتبة الجامعة، ولكنهم فجروا المبنى المركزي لمكتبة الموصل الواقعة في منطقة الفيصيلية وسط المدينة، وحرقوا محتوياتها من الكتب والوثائق والمخطوطات التي تتضمن مؤلفات نادرة.
ونقل موقع روسيا اليوم عن شهود عيان أن عملية الحرق والتفجير تمت على مرأى ومسمع أهالي المدينة الذين أصيبوا بالحزن الشديد، نظرا لأن المكتبة تعد من أقدم المكتبات في محافظة نينوي.
متحف الموصل:
نشر التنظيم، منذ عامين، مقطع فيديو لمقاتليه وهم يكسرون ويدمرون التماثيل والآثار التي تعود إلى الامبراطورية الأشورية في متحف الموصل، ثاني أكبر وأهم متحف في العراق، واستخدم بعضهم المطارق الثقيلة والكهربائية، وكانوا يكبّرون ويصيحون مؤكدون أنهم يقضون على الأصنام والأوثان.
ولم يتبقَ من المتحف سوى أنقاض وبقايا التماثيل، والتي كان من بينها تمثال "الثور المُجنح" والذي يرمز لقوة الإمبراطورية الآشورية، والذين هشموه وفصلوا رأسه عن جسده.
وبحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فإن ثلاثة أرباع التماثيل المتحف نُقلت إلى بغداد قبل سيطرة داعش على العاصمة بغداد، لأن المتحف كان قيد التجديد.
ودمّر مسلحو التنظيم مدينة النمرود الأثرية في مارس 2015، وقبر النبي يونس على تلة شرقي في يوليو 2014.
فيديو قد يعجبك: