ما الذي يمكن أن يتخذه مجلس التعاون الخليجي ضد قطر بعد الوثائق المُسرّبة؟
كتبت- رنا أسامة:
منذ تفاقمت الأزمة القطرية في الخامس من يونيو الماضي، بعد قطع عدة دول عربية وإسلامية علاقتها مع الدوحة على خلفية اتهامات للأخيرة بدعم الإرهاب، تخلخلت العلاقة بين قطر ومجلس التعاون الخليجي، ودخلت مُنعطفًا أقرب لأن يوصف بـ"حلّق حوش"، مع تصاعد التهديدات بخروجها من المجلس، إما طلبًا منها أو رُغمَا عنها.
تجلّت أبرز تلك التهديدات في رسالة بعث بها وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إلى أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف بن راشد الزياني، يعلن فيها شروط دولة قطر للبقاء كعضو في المجلس، بحسب ما تداولته تقارير إعلامية الإثنين.
جاء ذلك انطلاقًا بمبدأ "تيجي مني متجيش منهم.. أنا اللي هنسحب"، بحسب ما قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق.
وبحسب الرسالة التي نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، قال وزير الخارجية القطري "تُمهِل دولة قطر الدول المقاطعة الخليجية ثلاثة أيام من تاريخ إرسالها لرفع الحصار عن قطر وتعويض الخسائر السياسية والاقتصادية الواردة عليها وعلى شعبها الغالي، وبعد إكمال هذه المهلة سنعلن رسميًا خروجها من مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولن نلتزم بقراراته السابقة واللاحقة".
وكانت مصادر دبلوماسية خليجية، كشفت أواخر يونيو الفائت، عن اتجاه لفرض مزيد من العقوبات على قطر، بينها "خروج هذه الدولة من مجلس التعاون الخليجي". وقال سفير الإمارات العربية المتحدة في موسكو عمر غباش، لصحيفة "الجارديان" البريطانية، إن إلغاء عضوية قطر من المجلس أمر يُطرح كثيرا كعقوبة محتملة، لكنه ليس "العقوبة الوحيدة المتاحة".
تزامن التهديد القطري لمجلس التعاون الخليجي، مع نشر شبكة "سي إن إن" الأمريكية وثائق وصفتها بأنها سريّة للغاية تكشف الاتفاق مع دول المجلس الذي وقّعت عليه قطر في 2013، وكذلك الاتفاق التكميلي في 2014، والذين لم تلتزم الدوحة بأي من بنودهما.
وجاء في الوثائق ورقة موقّعة من أمير قطر فيها عدم تدخل كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي في الشؤون الداخلية لجيرانها، ونصت على عدم تجنيس أيٍ من مواطني دول المجلس ممن لهم نشاط يتعارض مع أنظمة دولته "إلا في حال موافقة دولته".
كما نصّت على عدم "دعم الإخوان المسلمين أو أي من التنظيمات أو الأفراد الذين يهددون أمن واستقرار دول المجلس عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي".
وفي نهاية الوثائق جاء أنه في حال عدم الالتزام بهذه الآلية فلبقية دول المجلس اتخاذ ما تراه مناسبًا لحماية أمنها واستقرارها.
"تصعيد مُحتمل"
بدوره وصف السفير جمال بيومي، في تصريحات خاصة لمصراوي، الموقف بأنه "صعب وخطير". واعتبر الوثائق المُسرّبة لسي إن إن أنها "فضيحة علنيّة لقطر وبإمضاء الأمير تميم بنفسه".
وحول ما يُمكن أن يُتّخذ من قِبل مجلس التعاون الخليجي ضد قطر في ظل التطوّرات الأخيرة، رجّح بيومي أن يحدث تصعيد للعقوبات الاقتصادية مُجددًا، دون أن يستبعد إقرار مجلس الأمن عقوبات على قطر بمقتضى الفصل السابع الخاص بالأعمال التي تُهدد الأمن العالمي.
كان سفير الإمارات في روسيا "غباش" كشف أن الدول الخليجية تدرس فرض عقوبات اقتصادية جديدة على قطر، وقد تطلب من شركائها التجاريين الاختيار بين العمل معها أو مع الدوحة.
ومن جهةٍ أخرى أعرب بيومي عن عدم تفاؤله من موقف الدوحة إزاء التصعيدات المُحتملة، مُرجّحًا أن تقابلها "بلا اكتراث" إذا حدثت. وقال "هتحط رِجل على رِجل ومش يهِمها"، مُشبّهًا دولة قطر بـ"البلطجي الذي يملك الكثير من النقود، وهُنا تكمن الخطورة،" بحسب قوله.
"قرار صعب"
على النقيض، استبعد الدكتور أحمد يوسف أحمد، المدير السابق لمعهد البحوث والدراسات العربية التابع للجامعة العربية، سيناريو التصعيد الخليجي ضد قطر. وقال، في تصريحاته لمصراوي، "أعتقد أنه من الصعب أن يتخذ مجلس التعاون الخليجي مواقف حادة بحق قطر" تصل إلى وقف أو تعليق عضويتها أو طردها من المجلس.
وعزا الدكتور أحمد يوسف صعوبة تبنّي مواقف حادة ضد قطر إلى "تباين سياسات أعضائه"؛ فالكويت لا تتخذ مواقف حادة وهي تقوم حاليًا بدور وساطة، وعمان تتبنّى سياسة خاصة، الأمر الذي يحول دون اتخاذ قرار بالإجماع بشأن قطر.
فيديو قد يعجبك: