لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محطات ما بعد محاولة الانقلاب في تركيا

03:53 م السبت 15 يوليو 2017

رجب طيب أردوغان

كتب – محمد مكاوي:

انتهت ليلة الخامس عشر من يوليو عام 2016 في اسطنبول، بإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسط الآلاف من أنصاره، سيطرة الحكومة على الأوضاع في البلاد بعد أحداث دامية كادت أن تطيح بنظامه. اتخذ الرئيس التركي المحاولة الانقلابية الفاشلة دافعا لاتخاذ إجراءات وسعت من نفوذه وأدخلته في صراع مع جيرانه الأوروبيين.

وشهدت تركيا منذ الانقلاب الفاشل أحداثا وتطورات في الداخل؛ فبعد سلسلة من الاعتقالات والإقالات طالت مئات الآلاف، خرج زعيم المعارضة المعارضة كمال كليجدار أوغلو قبل أيام قليلة على رأس مسيرة جماهيرية، استمرت خمسة وعشرين يوما، من أنقرة إلى اسطنبول، احتجاجاً على سجن أحد نواب حزبه في البرلمان.

كما ساهمت إجراءات أردوغان التي وصفت بالقمعية في زيادة التوتر مع جيرانه الأوروبيين ما يُبدد حلمه القديم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي خاصة مع إصراره على إعادة العمل بعقوبة الإعدام.

"حملة التطهير"

لم ينتظر أردوغان طويلا حتى أعلن اعتقال الالاف من قادة وأفراد الجيش التركي بتهمة الاشتراك في محاولة الانقلاب، وعلى مدار الأيام التالية أصدر الرئيس التركي قرارات باعتقالات وإقالات وإغلاق طالت العديد من فئات الأتراك والصحف والقنوات الفضائية.

وتعهد أردوغان بالقضاء على "الفيروس" المنتشر داخل الدولة، متحدثاً أمام حشد من أنصاره في مسجد الفاتح خلال تكريم لضحايا محاولة الانقلاب. وقال: "سنواصل تطهير كل مؤسسات الدولة من الفيروس... هذا الفيروس، ويا للاسف، مثل السرطان، انتشر في الدولة برمتها".

ودعا أنصاره إلى البقاء في الشارع للتظاهر تأييدا للنظام.

وطالت "حملة التطهير" مساعد أردوغان الكولونيل علي يازجي الذي اعتقل في إطار التحقيق في محاولة الانقلاب. وقال وزير العدل آنذاك بكير بوزداغ إن "عملية التطهير مستمرة.. هناك أكثر من ستة آلاف موقوف".

وبعد مرور عام على محاولة الانقلاب، اعتقل أردوغان أكثر من خمسين ألف على خليفة محاولة الانقلاب شخص بينهم أساتذة جامعة وقضاة وصحفيون وطُرِد أكثر من 150 ألفاً من الموظفين الحكوميين بموجب حالة الطوارئ المفروضة في أنحاء البلاد.

اتهام لغولن وأمريكا

اتهم أردوغان رجل الدين المقيم في منفاه الاختياري بالولايات المتحدة فتح الله غولن بالوقوف وراء محاولة الانقلاب، وطالب واشنطن رسميا أكثر من مرة بتسليمه إلا أن الأخيرة طالبته بتقديم أدلة دامغة لتسليمه.

ونفى جولن في أكثر من مناسبة هذه الاتهامات.

الاتهامات بمحاولة الانقلاب لم تكتفِ بالمعارض غولن بل امتدت إلى مسؤولين أمريكيين، حيث ذكرت صحيفة "صباح" التركية أن مكتب الإدعاء العام في إسطنبول فتح تحقيقا حول ضلوع 17 شخصا بمحاولة الانقلاب الفاشلة الصيف الماضي.

الشخصيات التي شملها الاتهام - بحسب الصحيفة التركية - من بينها المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه)، جون برينان، والسيناتور تشاك شومر والمدعي العام لجنوب نيويورك، بريت بهارارا ومدير مكتب الأصول الخارجية، ديفيد كوهين وعدد آخر من كبار المسؤولين.

دعم روسي

في الوقت الذي لام أردوغان دول أوروبا لتأخرها في دعمه عقب محاولة الانقلاب، كان أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، أول من اتصل به ليلة محاولة الانقلاب، لتقديم دعم بلاده لتركيا بحسب تصريح لأردغان في مقابلة تلفزيونية.

ولفت أردوغان، إلى أن أمير قطر، قال للرئيس التركي، "نحن إلى جانبكم في كل لحظة، ومستعدون للقيام بأي شيء يقع على عاتقنا"، وأنه بعث بعض الرسائل (لم يفصح عن فحواها) مع وزير خارجيته، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

وأوضح أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اتصل به في اليوم التالي لمحاولة الانقلاب، ثم زعماء الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، مضيفا "لكن المتصلين قالوا نهنئكم على هذا الصمود الذي قدمتموه ضد الانقلاب، دون أن يجهدوا أنفسهم بالمجيء أو يرسلوا وزرائهم المعنيين".

بعد نحو شهر ونصف من محاولة الانقلاب اختار أردوغان روسيا لتكون أول محطة خارجية له عقب الانقلاب الفاشل في ما يبدو أنها رسالة شكر إلى نظيره الروسي الذي دعمه وكان ومن أوائل المهنئين وأيضًا لإنهاء فترة جمود في العلاقات بين البلدين نتجت عن إسقاط تركيا لطائرة روسية مقاتلة.

توسيع صلاحيات

انقسم الأتراك بين رافضٍ ومؤيدٍ للتعديلات الدستورية التي سعى إليها أردوغان من أجل توسيع صلاحياته وزيادة نفوذه وإحكام قبضته على حكم تركيا، وانتهى الأمر بتمرير التعديلات بفارق ضئيل (51 في المئة) موافقة.

وقال أردوغان إن التعديلات ضرورية، لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها تركيا، وكذلك لتجنب الحكومات الائتلافية الهشة التي شهدتها البلاد في الماضي.

وتحولت تركيا بعد الاستفتاء الذي جرى في أبريل الفائت من النظام البرلماني إلى النظام الجمهوري، الذي يتمتع فيه رئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة (أي أشبه بالنظامين الأمريكي والفرنسي) ومكنت هذه التعديلات أردوغان بالاحتفاظ بمنصبه حتى عام 2029.

وتضمنت هذه التعديلات إلغاء منصب رئيس الوزراء، الذي يشغله حاليا بن علي يلدرم، وأصبح رئيس الجمهورية (أردوغان) رئيسا للسلطة التنفيذية، وسيحتفظ بارتباطاته بحزبه السياسي، وأصبح كذلك من صلاحياته تعيين كبار المسؤولين بمن فيهم الوزراء، وإعداد الميزانية واختيار كبار القضاة، وسن قوانين معينة بمراسيم رئاسية.

وبموجب التعديلات سيحرم البرلمان من حقه في استجواب الوزراء أو المطالبة بتحقيقات في أدائهم، ولكن سيحتفظ بحقه في بدء إجراءات تنحية الرئيس أو التحقيق معه، بموجب تصويت أغلبية النواب. وستتطلب إحالة الرئيس إلى القضاء موافقة ثلثي النواب. 

توتر مع الجار الأوروبي

توترت العلاقات التركية الأوروبية في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث اعتبر أردوغان أن الاتحاد الأوروبي لم يقف بجانبه، كما أن عواصم أوروبية وجهت تحذيرات عدة إلى أردوغان بعد إجراءاته التي اتخذها في أعقاب محاولة الانقلاب.

وأعلن الاتحاد الأوروبي، في مارس الماضي، تجميد المساعدات المالية المقدمة للحكومة التركية، بعد فشلها في تحقيق تقدم في الملفات المطلوبة ضمن مفاوضات حصولها على عضوية الاتحاد الأوروبي، وفق ما أفادت صحيفة زمان التركية.

وكان البرلمان الأوروبي أصدر قرارا غير ملزم يطالب المفوضية الأوروبية وحكومات 28 دولة هي أعضاء الاتحاد بتجميد مفاوضات انضمام تركيا مؤقتاً، بسبب الإجراءات الأمنية وحملة الاعتقالات التي اتخذتها الحكومة التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.

ومنعت دول أوروبية وزراء أتراك من الدخول بسبب لحضور فعاليات خاصة بالاستفتاء الذي أجري قبل شهور وكذلك لإحياء ذكرى محاولة الانقلاب.

وتراشق أردوغان وقادة أوروبيون الألفاظ الاتهامات وصلت إلى اتهام الرئيس التركي النظام الهولندي بـ"الفاشية" واتهامات أوروبية لأردوغان بـ"اليكتاتورية".

وباتت تركيا تواجه صعوبات من أجل حلم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد الإجراءات التي اتخذها أردوغان بعد المحاولة الانقلابية وتلويحه بإعادة العمل بعقوبة الإعدام وهو ما ترفضه دول أوروبا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان