معركة جرود عرسال.. حزب الله يتطلع إلى نصر سريع رغم الخسائر
كتبت إيمان محمود
لليوم الثاني، تشهد منطقة القلمون الغربي السورية وجرود بلدة عرسال اللبنانية، عملية "تطهير" واسعة استهدفت مسلحي تنظيم داعش وجبهة النصرة القابعين في جيوب بهاتين المنطقتين. لم يشكل انطلاق العملية مفاجأة لأحد، فالعملية معلن عنها، ولكن المفاجأة كانت في المكان الذي انطلقت منه.
وشن حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري من الداخل الهجوم من ثلاثة محاور، أبرزها من جرد الرهوة، إضافة لمحاولات تقدم متواصلة منذ أولى ساعات صباح الجمعة، من ضهر الهوى وموقع القنزح ومرتفعات عقاب وادي الخليل وشعبة النحل وسهل الرهوة في الجرود مرفقا بتغطية من طيران النظام السوري.
وشهدت أولى مراحل المعركة، مواجهات عنيفة حقق فيها حزب الله تقدمًا وسيطر على عدد من المواقع المهمة، وكسر خط الدفاع الأول لدى مسلحي جبهة النصرة.
كذلك اتخذ الجيش اللبناني إجراءات هدفها صد أي محاولة للتسلل في اتجاه مواقع له على تخوم عرسال، ولمنع تسرب مسلحين إلى البلدة.
تفاصيل المعركة
بدأ الهجوم في وقت واحد من محورين وفي اتجاهات متعددة، الأول من بلدة فليطا السورية باتجاه مواقع جبهة النصرة في جرود البلدة في القلمون الغربي، والثاني انطلاقًا من جرود السلسلة الشرقية الواقعة الى جنوب غرب عرسال باتجاه تحصينات النصرة شمال وشرق جرد عرسال.
وبحسب ما نقلته صحيفة "الجمهورية" اللبنانية عن مصادر في حزب الله، فإن العملية تمت وسط غطاء مدفعي وصاروخي كثيف، وغارات جوية متتالية نفذها الطيران السوري على المناطق المستهدفة بالعملية، الأمر الذي أدى الى انهيارات كبيرة في صفوف الإرهابيين.
وتكمن صعوبة المعركة في الطبيعة الجغرافية لجرود عرسال، حيث التلال الاستراتيجية والوديان الوعرة، حيث أنها منطقة قاحلة بين سوريا ولبنان، وهي أيضًا قاعدة لعمليات تنظيم داعش ومتشددين آخرين، وغيرهم من المقاتلين المشاركين في الحرب السورية.
والمعروف أن منطقة عرسال تشكل بؤرة توتر أمني منذ سنوات عدة، ففي عام 2014 قامت جبهة النصرة مع تنظيم داعش بخطف نحو ثلاثين جنديًا وعنصر أمن لبنانيين إثر مواجهات في هذه المنطقة.
تم إعدام أربعة منهم في حين توفي خامس متأثراً بجروح أصيب بها، كما أطلق سراح 16 منهم عام 2015.
ويواصل حزب الله، تقدمه في جرود عرسال شمال شرق لبنان لليوم الثاني على التوالي، وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، أنه سيطر على مناطق جوار الشيخ ووادي كريدي وضليل الأبيض وسرج قويص في جرود عرسال مشيرة إلى استمرار الاشتباكات في محاور عدة من المنطقة.
نتائج المعركة
أكدت صحيفة "الجمهورية"، أن الجيش اللبناني يحكم سيطرته على كل مداخل عرسال، أما حزب الله فقد حسم 50 في المئة من المعركة حتى هذه الساعة، وحقق حزب الله أهدافه، المتمثلة في السيطرة على مواقع مهمة، وخاصة منها تلال حاكمة، يصل ارتفاع بعضها إلى 2500 متر عن سطح البحر.
وبعد 6 ساعات من القصف المدفعي والصاروخي العنيف على محوري فليطة وجرود عرسال الكسارات، تمت السيطرة على مساحات واسعة من الجرود كان يشغلها المسلحون من أصل 400 كيلومتر مربع تمتد من الكسارات حتى جرود رأس بعلبك - القاع.
وأكد حزب الله اللبناني، أن النتائج التي حققها عناصر الحزب في اليوم الأول للعملية تؤشر إلى أن الحسم النهائي قد يكون في مدى زمني أقصر مما هو محدد لهذه العملية، في ظل الانهيار الواضح في صفوف المسلحينين، حيث تمكن الحزب في اليوم الأول للعملية من السيطرة على مجموعة من المواقع والتلال الحاكمة والمهمة استراتيجيا وعسكرياً، والتي كانت تشكل نقاط قوة لهم.
كذلك تمت السيطرة على "وادي دقيق" و"وادي زعرور" و"ضهر العربي" جنوب شرق عرسال، وكذلك السيطرة الكاملة على "سهل الرهوة" وعلى موقع "ضهر الهوة" الذي يعد أحد أهم مواقع "النصرة" في تلك الجرود، وعلى مواقع "رعد 1 و2 و3" و"تفتناز" في جبل القنزح في "جرود عرسال".
وأسفرت المعارك عن سقوط حوالي 20 قتيلاً في صفوف جبهة النصرة وسقوط عدد من الجرحى نقلوا الى المستشفيات الميدانية في منطقتي وادي والعجرم.
خسائر حزب الله
وعلى الجانب الآخر، لقي العشرات من مقاتلي حزب الله اللبناني حتفهم في مواجهات مع فصائل المعارضة السورية في منطقة القلمون، على الحدود السورية اللبنانية في ريف دمشق الشمالي الغربي، بحسب تقارير صحفية.
واستمرت الاشتباكات العنيفة بين فصائل من الجيش السوري الحر وهيئة تحرير الشام ضد حزب الله وقوات النظام السوري على عدة محاور في جرود عرسال من جهة سهل الرهوة، وجرود فليطة من جهة الضهر الأسود في القلمون الغربي، بحسب "سكاي نيوز".
وقال المتحدث الرسمي باسم سرايا الشام، التابعة للجيش السوري الحر، عمر الشيخ، لوكالة الأنباء الألمانية: "قُتل أكثر من 30 عنصرًا من حزب الله اللبناني، حيث أوهم الثوار عناصر الحزب أن المقرات أصبحت خالية مما دفع عناصر الحزب إلى التقدم، ثم شنوا عليهم هجومًا وقتلوا المجموعة المتقدمة بشكل كامل".
وأضاف أن حزب الله بعد تكبده هذه الخسارة القاسية، قام بقصف مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال بقذائف عشوائية، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة أكثر من 13 آخرين.
وقال قائد عسكري من فصائل المعارضة السورية، إن الجيش السوري ومسلحي حزب الله اللبناني استهدفا بالمدفعية الثقيلة وصواريخ أرض-أرض عدة مناطق في جرود عرسال وجرود فليطة في القلمون الغربي بريف دمشق، كما أسقط عناصر هيئة تحرير الشام طائرة استطلاع لحزب الله في جرود القلمون الغربي.
وتعد مخيمات عرسال، أكبر تجمع للاجئين السوريين على الحدود اللبنانية السورية، وتقع على ارتفاع يتراوح بين ألف وأربعمئة إلى ألفي متر عن سطح البحر، وتتألف من 117 مخيمًا تحتضن ما يقارب مئة ألف لاجئ، غالبيتهم من حمص وريفها ومدن القلمون وقراها.
النازحون
أنشأ الجيش اللبناني ممرًا لخروج النازحين من المخيمات الموجودة في مناطق الاشتباكات في عرسال، بحيث سهلت عناصره مرور نازحين من النساء والأطفال إلى عرسال من مخيم مدينة الملاهي القريب من مراكز المسلحين باشراف مندوبين من الأمم المتحدة.
وعلى خط إخراج النازحين من المخيمات القريبة من الاشتباكات، دعا الجيش المنظمات الدولية الإنسانية والصليب الأحمر لمواكبة عمليات دخول النازحين الراغبين بالخروج من المخيمات القريبة من مراكز المسلحين، بحسب صحيفة "الأنوار" اللبنانية.
واقتصر النزوح من مخيمات الجرود في وادي حميد جراء المعارك، على 30 امرأة وطفلاً، لم يدخل منهم إلى عرسال إلا 4 نساء تلقفهن الصليب الأحمر، بحسب صحيفة "الحياة" اللندنية.
من جهته، أكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري، "أن الوضع داخل البلدة مستقر، فيما النازحون السوريون يلازمون المخيمات. وأن الأهالي يمارسون حياتهم العادية وسط إجراءات للجيش الذي سمح عند أطراف وادي حميد لعائلات نازحة بالدخول إلى مخيماتهم".
وأشار الحجيري إلى أن الأجواء هادئة داخل البلدة حيث تسمع أصوات القصف في الجرود، آملاً ألا تطول المعركة، وأوضح أن المفاوضات القائمة "يبدو أنها اصطدمت بعقدة اشتراط ابو مالك التلّي مغادرة الجرود بانسحاب حزب الله من القلمون".
فيديو قد يعجبك: