هل أفلتت قطر من العقاب؟ - (تقرير)
كتبت - هدى الشيمي:
مع اقتراب الأزمة القطرية من إكمال شهرها الثاني، لا تظهر أي حلول لإنهاء الأزمة في وقت قريب، إذ أن الدول المقاطعة الأربع (السعودية ومصر والبحرين والإمارات) يصرون على ضرورة التزام القطر بمطالبهم، وفي المقابل ترفض الدوحة الإذعان لهم.
وتقدمت الدوحة بشكوى رسمية لدى منظمة التجارة العالمية ضد السعودية والبحرين والإمارات لمقاطعتها تجاريا، وأشارت المنظمة إلى أنه في حال تعذر التوصل إلى تسوية في غضون 60 يومًا، فإن القضية المرفوعة ستُحال إلى لجنة معينة من طرف منظمة التجارة العالمية.
ويأتي ذلك بعد اجتماع وزارة خارجية الدول المقاطعة الأربع في العاصمة البحرينية المنامة، الأحد، وإعلانهم إمكانية إجراء حوار مع قطر، في حالة إعلانها صراحة توقفها عن دعم وتمويل الإرهاب والتزامها بالمطالب الثلاثة عشر. ولكن السؤال هنا هل أصبحت الدول المقاطعة أكثر مرونة تجاه الدوحة، ما يعني إفلات قطر من الحساب؟
"حوار مشروط"
ويقول الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية، إنه لا يمكن القول بأن قطر أفلتت من المحاسبة، وبالتالي فإن الدعوة للتفاوض لم تكن تنازلاً أو محاولة للتقارب من قطر، بل كان تأكيد على أن الحوار، إذا تم إجراؤه، سيكون مشروطًا، وأن الدول الأربع قد تفتح الحوار شريط الالتزام بالشروط 13 والمبادئ الست التي صدرت بعد اجتماع وزراء الخارجية الأربع في القاهرة.
وأشار إسماعيل، لمصراوي، إلى أن الدول المقاطعة أكدت أنه لا تراجع عن موقفها، مُضيفا: "بالعكس أصدرت الدول الأربع قائمة إرهاب جديدة، وأوضح وزير الخارجية سامح شكري ذلك في مؤتمر المنامة".
ولفت إلى أن الاجتماع الأخير تطرق إلى نقطة مهمة جدًا، وهي محاولة اختلاق قطر لأزمة، وهي "تدويل الحج"، وأرجع إسماعيل ذلك إلى بعض ظهور أصوات قطرية ومطالب شعبية مُطالبة بضرورة الالتزام بمطالب الدول المقاطعة، والتوقف عن تمويل الإرهاب.
وأثيرت حالة من الجدل خلال الأيام الماضية، عقب مطالبات قطرية بتدويل الأماكن المقدسة بالسعودية، واتهم وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الدوحة بمحاولة تسيس الحج والعمرة، وأكد أن ما تفعله قطر بمثابة إعلان حرب على المملكة.
وفي المقابل، نفى وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، صدور تصريح من المسؤولين القطريين بشأن تدويل الحج، وبحسب بيان صدر عن وزارة الخارجية القطرية، فإنه لم يتم اتخاذ أي إجراء من شأنه النظر في قضية الحج كقضية دولية.
"عدم الالتزام"
وكانت الدول المقاطعة الأربع، أكدت في المؤتمر الصحفي الذي اعقب اجتماع الذي عُقد في المنامة الأحد الماضي، أن قطر لم تلتزم ببنود اتفاقي الرياض، عامي 2013 و2014، واستمرت في سياستها السلبية والعدوانية تجاه دول المنطقة.
وفي هذا السياق، يرى السفير أمين شلبي، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، أن اجتماع المنامة شدد على عدم التزام قطر بالحوارات التي حدثت بالفعل مع الجانب القطري، في عام 2013 و2014، وفي لقاءات الرياض الأخيرة، ولم تستجب لما تقرر في هذه الاتفاقيات، رغم توقيعها عليها.
وقال شلبي، لمصراوي: "إن الحوار بين الطرفين قد يحدث، ولكنه لن يكون حول المطالب الـ13، أو المبادئ الستة، ولكنه سيكون بعد أن إعلان قطر استجابتها وتقبلها لهذه المطالب، فالحوار سيكون حول تنفيذ المطالب، وليس مناقشتها".
"تعاطف دولي"
وشددت الدول المقاطعة مرارا وتكرارا على ضرورة توقف الدوحة عن الدعم وتمويل الإرهاب. وكان مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمرو أبو العطا، وصف استمرار عدم مُحاسبة مجلس الأمن الدولي لقطر بالوضع المُشين.
ولفت مختار غباشي، المحلل السياسي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن مسألة "عقاب" أو "محاسبة" قطر مجرد تسويق إعلامي، قائلا: "لا يمكن في القانون الدولي أن تُحاسب دولة دولة أخرى".
وعن تضرر قطر من الحصار، قال غباشي لمصراوي، : "قطر ليست متأزمة كثيرا، وبالعكس فهي أخذت إملاءات الدول الأربع وبدأت تدويلها على النطاق الإقليمي، والدولي وكسبت تعاطفا، وخاصة من قبل الدول الأوروبية التي جاءت في جانب الدوحة".
وزار وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا كل من الدوحة والرياض والكويت في محاولة لحل الأزمة، إلا أن هذه اللقاءات لم تُثمر عن أي شيء جديد.
وكانت تركيا قد أعلنت دعمها لقطر منذ تفاقم حدة الأزمة، واعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائمة الشروط التي أملتها الدول المقاطعة على الدوحة مخالفة للقانون الدولي، وتجاوز على حقوق بلد مستقل.
وأرسلت أنقرة وإيران سفنا مُحملة بالأغذية بعد توقف السعودية والإمارات عن إمداد الدوحة بالبضائع، وصدق البرلمان التركي على إرسال آلاف من الجنود إلى القاعدة التركية في قطر التي تطالب الدول الأربع بإغلاقها والمشاركة في تدريبات مع القوات القطرية.
فيديو قد يعجبك: