لاجئون منسيون في سجن سابق على جزيرة ساموس اليونانية
برلين (دويتشه فيله)
منذ إغلاق الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي باتت المخيمات مكتظة باللاجئين في اليونان وإيطاليا، في ظروف لا تحتمل. موقع مهاجر نيوز زار اللاجئين المحصورين في جزيرة ساموس اليونانية واطلع على معاناتهم والوضع الإغاثي هناك.
بين تلال خضراء ومناظر خلابة يقصدها السياح في بحر إيجه الشرقي يقع مخيم تسجيل اللاجئين RIC في جزيرة ساموس اليونانية. لكن ثمة تناقض حاد. إذ يبدو مخيم اللاجئين المليء بالأنقاض كأنه جسم غريب وسط المناظر الطبيعية الرائعة من حوله، وكأن اللاجئين محاصرون في بقعة معزولة داخل جنة.
كان هذا المخيم في الأصل سجناً سابقاً مخصصاً لـ 700 شخص، لكنه بات حالياً يضم 1500 لاجئ، بينهم 300 طفل. معظم اللاجئين على جزيرة ساموس ينحدرون من سوريا والعراق وأفغانستان وإيران، ومنهم من جاء من بلدان جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية، مثل دولة الكونغو-كينشاسا.
بعد معايشتهم تجارب صادمة في بلدانهم الأصلية، كان اللاجئون يأملون في الدخول إلى أوروبا عبر شواطئ اليونان وبدء حياة جديدة على الأراضي الأوروبية. لكن إغلاق طريق البلقان في مارس 2016 وَضَعَ حداً لهذا الأمل.
صحيح أن الكثير من اللاجئين وصلوا إلى ألمانيا والسويد بالفعل، ولكن منذ إغلاق الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي باتت المخيمات مكتظة باللاجئين في اليونان وإيطاليا في ظروف لا يمكن تحملها.
مساعدة اللاجئين وترفيه الأطفال
تقدم منظمات خيرية غير حكومية دعمها للاجئين في الجزيرة وتساعدهم على التكيف مع بيئتهم الجديدة، ومنها منظمة BRF الهولندية غير الحكومية، التي بدأت مهمتها في جزيرة ساموس بتوزيع الملابس والمياه على اللاجئين الوافدين في عام 2015، حين كان تدفق الناس الفارين من الحرب والاضطهاد في أوطانهم في ذروته.
لكن بعد تغيرات سياسية تم فيها تنفيذ اتفاق حول اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وبعد إغلاق طريق البلقان، تحول عمل المنظمة الخيرية الهولندية من الرعاية الطارئة للاجئين إلى تقديم مساعدة موسعة على الجزيرة.
وباتت تتركز خدماتها الحالية على الإسعافات الأولية والرعاية الطبية العاجلة، علاوةً على توفير الغذاء للفئات الأكثر ضعفا بين اللاجئين، وهم: الرُّضَع والأطفال والمراهقون. يقوم موظفو منظمة BRF بترفيه الأطفال أيضاً، ويشاركونهم مثلاً في الرسم ولعب الكرة ومشاهدة الأفلام.
وسط الركام والخيام والحاويات يحتل مقر المنظمة مساحة صغيرة. مقرها عبارة عن غرفتين محاطتين بسياج من الأسلاك الشائكة. لكن هذا المقر هو من الأماكن القليلة التي يستظل عندها اللاجئون خلال ارتفاع الحرارة إلى درجات غالبا ما تتجاوز 35 درجة مئوية في الصيف. "وبسرعة أصبح هذا الفضاء رمزا للراحة العاطفية والأمن والسلامة وصار ملاذاً للجميع، بغض النظر عن العِرق والدين والعمر"، يقول راؤول مولر، متطوع ألماني في العمل الخيري على الجزيرة.
"لسنا مترجمين فقط بل وسطاء ثقافيين أيضاً"
يعتمد نجاح المنظمات غير الحكومية على أرض الواقع اعتمادا كبيرا على التزام المترجمين اللاجئين بالترجمة. "فلولا دعمهم لما تمكنَّا من القيام بعملنا"، تقول فريدريكه فان دونغن، المنسقة المركزية للمؤسسة الهولندية على جزيرة ساموس اليونانية.
فقد بادر بعض اللاجئين الشباب إلى تقديم دعمهم في مجال الترجمة من لغتهم الأم إلى اللغة الإنكليزية، نظرا لأن معظم اللاجئين في المخيم لا يتكلمون الإنكليزية بما يكفي.
هذه هي الطريقة الوحيدة "لفهم الاختلافات الثقافية في مجال حساس كالمعالجة الطبية مثلاً"، كما ترى الطبيبة الهولندية الشابة أنابيل خونكيجيم المتخصصة في طب المناطق الاستوائية، مضيفةً أن "المرضى يصفون أعراضهم المرضية بطريقة مختلفة بحسب البلد الذي يأتون منه". فبعضهم يصف الدوخة مثلاً كعرض لمرض جسدي في حين يشير البعض الآخر إلى أنه عرض ذهني عقلي.
"نحن لسنا مترجمين فقط بل وسطاء ثقافيين أيضاً"، يؤكد رافع، اللاجئ المترجم من أفغانستان، الذي حصل مؤخرا على تأكيد لجوئه. ومثله زميله صافي، المترجم من الفارسية إلى الإنكليزية، الذي فر من مدينة مزار شريف الأفغانية بعد أن أصابه أهل حبيبته بجروح وهددوا بقتله.
وكذلك العراقي "عُمَر" المترجم من العربية إلى الإنكليزية الذي اضطر للفرار من العراق بعد أن سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على مدينته الموصل.
تضامن المتطوعين مفتاح نجاح العمل الإغاثي
لا تزال منظمة BRF تحتاج بشكل عاجل إلى متطوعين في مجالات مختلفة. وبإمكان المتطوعين التقدم للعمل لديها عبر موقع المنظمة على شبكة الإنترنت. وبإمكانهم الانضمام بحسب تخصصاتهم إلى طاقم الأطباء والممرضات الشباب الذين يعالجون أمراضاً لدى اللاجئين مثل انخفاض حرارة الجسم والجفاف، أو بالإضافة إلى فريق المعلمين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين.
بعض المتطوعين يبقون لمدة أسبوعين في الجزيرة والبعض الآخر يتفرغ ويبقى لعدة أشهر، وهم جميعا متحدون في رغبتهم بإحداث فرق من خلال تقديم خبراتهم للاجئين. مثلاً: لويزا إردمان ممرضة أمريكية تصف عملها التطوعي بالمخيم في مساعدة اللاجئين بأنه "عمل شاق لكنه مُجزٍ جدا ويستحق التعب".
أما المتطوع الباكستاني الهولندي محسن راجبوت فها هو يأتي للمرة الثانية إلى ساموس مُنْضَمّاً لفريق الأخصائيين في الشؤون النفسية الاجتماعية، ويقول محسن (30 عاماً): "العمل مرهق جدا نظراً إلى كل القصص المحزنة التي نسمعها كل يوم...لكن اللاجئين في المخيم يقدِّرون مساعدتنا لهم ويبدون امتناناً هائلاً لنا على ذلك. وهذا هو الحافز الرئيسي لعودتي لمساعدتهم في الجزيرة".
فيديو قد يعجبك: