لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالفضفضة... مجموعات دعم للاجئات عربيات في برلين تحاول تخفيف مرارة الاغتراب

10:25 ص الإثنين 14 أغسطس 2017

برلين (د ب أ)
"الفضفضة" بما تعنيه الكلمة من الكشف عما يثقل القلوب، هي عملية مؤلمة في حد ذاتها بالنسبة لثماني نساء عربيات مزق الصراع حياتهن وتحاولن إيجاد صوت لهن في ألمانيا.

وتجتمع النساء كل أسبوع في مركز ثقافي في حي نيوكولن في برلين الذي يستضيف عددا كبيرا من المهاجرين، وذلك بحثا عما يشفي جراح الحرب وإيجاد سبل لإعادة بناء حياتهن المدمرة.

وتجلس النساء وسط حلقة موثوقة وتتحدثن عن الأسرة والعمل والأبناء، وعندئذ تسأل المسؤولة عن إدارة جلسة مجموعة الدعم الخاصة بهن: "من قام بأداء الواجبات المنزلية؟".

وتشمل الواجبات المنزلية لتلك النساء الكتابة عن مشاعرهن حول موضوع معين وهو جزء من المرحلة الثانية من ورشة عمل "فضفضة"، وهي مجموعة للحكي انطلقت في مارس وتستمر حتى أكتوبر.

وتسأل مروة عبيدو، مؤسسة ورشة العمل ومديرة المشروع في مركز فيركشتات دير كولتورن: "موضوع هذا الأسبوع كان اللجوء، ماذا تعني هذه الكلمة لكن؟".

وتبدأ امرأة سورية فلسطينية الأصل، 50 عاما، في القراءة من مذكرتها.

وتقول المرأة بينما تتساقط الدموع من عينيها وعيون من يسمعها: "اللجوء يعني أنه ليس لك وطن خاص بك، فأي شخص يمكن أن يطلب منك أن تغادر".

وتضيف: "لم أصل ألمانيا كلاجئة. فقد أرسل أقاربي المقيمون في ألمانيا دعوة رسمية إليّ. لكن كفلسطينية، اعتدت أن أكون واحدة (ممن يعيشون) في سوريا التي ولدت وعشت فيها حتى غادرت البلاد بسبب الحرب".

والجدير بالذكر أن "فضفضة" هي واحدة من بين عديد من مثل تلك المجموعات في برلين منذ 2016، تمنح اللاجئات مساحة آمنة للتعبير عن أنفسهن بلغتهن الأساسية.

وتنفس تلك النساء عن مشاعرهن في ورشات العمل من خلال الحكي والكتابة والمسرح والفن. وتساعد تلك المبادرات أيضا في تمكينهن من التواصل مع مجتمعاتهن الألمانية المستضيفة.

وتقول عبيدو وهي مصرية متخصصة في الدراسات المسرحية وانتقلت إلى ألمانيا عام 2005: "في أعقاب موجة تدفق اللاجئين إلى ألمانيا عام 2015، قمت بتعليم الألمانية للاجئات اللاتي تتحدثن العربية. وشعرت النساء بالارتياح لتحدثهن معي بالعربية، وكشفن عن مخاوفهن بشأن الظروف المعيشية في المخيمات".

وأضافت عبيدو لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "شعر البعض منهن بالإهانة للانتظار في طوابير طويلة من أجل الحصول على الطعام".

"لا أحد يستمع إلينا"

وقد منعت الحواجز اللغوية اللاجئات من التعبير عن أنفسهن أو أن يتم فهمهن بالشكل الكامل في ألمانيا. وقالت عبيدو نقلا عن إحدى المقيمات في المخيم القول: "لا أحد يستمع إلينا، هذه هي مشكلتنا الرئيسية هنا".

وتستطيع عبيدو، التي لديها ابنة، التعامل مع قصص اللاجئات وقررت أن تحول خبرتها المسرحية إلى إجراء عملي.

ومع انتهاء ورشة عمل فضفضة الأولى التي بدأت في مارس 2016، رأت عبيدو أن النساء "يجب أن يتم سماعهن خارج دائرتنا المغلقة، في المجتمع المضيف في ألمانيا".

وفي يوليو 2016، قدمت هؤلاء النساء عرضا مسرحيا بعنوان "نحن لسنا أعدادا في الأخبار" وذلك في العاصمة الألمانية.

وقالت عبيدو: "تمكنت النساء القادمات من المناطق الريفية في سوريا من تكوين رسالة مشتركة من العديد من القصص التي تمت مشاركتها خلال الجلسات والأداء المسرحي أمام جمهور ألماني".

وفي حين انبثقت ورشة العمل الأولى من أزمة اللاجئات السوريات، تضمنت الحلقة التالية جميع القادمات الجدد المتحدثات بالعربية بما في ذلك النساء الفلسطينيات والمصريات.

واللغة ليست حاجزا داخل هذه المجموعات، لكن الاختلافات هي السن والطبقة الاجتماعية وبلد المنشأ.

وقالت ماريانا كاركوتلي، العاملة في خدمة المجتمع التي سهلت مجموعات الدعم في مخيمات اللاجئين في برلين منذ عام 2016: "في البداية، لم يكن الأمر سهلا ومتجانسا بسبب الفجوة العمرية والجنسيات المختلفة".

وتدير كاركوتلي، وهي سيدة سورية حصلت على درجة الماجيستير في العمل الاجتماعي وحقوق الإنسان في ألمانيا، مجموعات منفصلة للنساء والرجال.

ولاحظت أن النساء الأكبر سنا أكثر مرونة في قبول التغييرات في الأدوار القائمة على النوع كنساء داخل المجتمع الألماني حيث يتحملن المسؤولية عن أنفسهن، "في حين أن النساء الأصغر سنا ما زلن معتمدات على الرجال".

وتمثلت إحدى العقبات في مفهوم مجموعة الدعم. وكان الأمر جديدا جدا بالنسبة للنساء اللاتي لم تفهمن في البداية الغرض من حضور هذه الدورات.

وقالت كاركوتلي لـ (د.ب.أ): "في مجتمعاتنا العربية، ليست هناك حاجة إلى مجموعات الدعم لأن لديك بالفعل الأم والأخوات والأصدقاء، ولكن المجتمع الأكثر فردية في ألمانيا يعني أنهن بحاجة لكي يكن في مجموعة من أجل التعامل مع مشاعر الوحدة والعزلة".

"وطن بديل"

وعلى مدى عام، شاركت رواء سمان، وهي أم سورية، 46 عاما، في اجتماع أسبوعي يسمى "دائرة السلام" الذي أصبح تدريجيا "وطنا بديلا".

وكانت تلك عبارة عن مجموعة لعلاج الصدمات النفسية يديرها طبيب ألماني ومساعد ناطق باللغة العربية وتحولت إلى نقطة لقاء للنساء السوريات من خلفيات اجتماعية مختلفة.

وقالت سمان التي انتقلت إلى برلين قبل عامين: "لقد أصبحنا أفضل أصدقاء" مضيفة أن "الاجتماع الأسبوعي هو الوقت المقدس في جدولي".

وتتناول المجموعات مواضيع مختلفة في جلساتها مثل المساواة بين الجنسين والاختلافات الثقافية والهوية. ومن بين أكثر الموضوعات حساسية هي الصدمة بعد الحرب.

وقالت كاركوتلى: "إن نهجنا لا يهدف إلى تذكيرهن بما حدث ولكن كيف انعكس ذلك عليهن، ولم نطلق على ذلك تجارب صادمة، بل أحلام".

وأضافت: "حتى عندما تطرقنا إلى الموت– حيث فقدت معظمهن أقارب في الوطن – قمت بحثّهن على التفكير بشكل ايجابى، وكيف أصبحن قويات بعد مثل هذه التجربة القاسية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان