لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف نواجه ظاهرة "تسكع" الموظفين على الإنترنت؟

03:14 م الخميس 24 أغسطس 2017

كيف نواجه ظاهرة "تسكع" الموظفين على الإنترنت؟

كتبت: إيميلي لو-كالفيرلي، وراتشيل غريف*:
إذا كنت تمارس في عملك بعض الأنشطة على شبكة الإنترنت لا تتعلق بمهام العمل، مثل متابعة مواقع التسوق الإلكتروني، أو تصفح موقع فيسبوك لقراءة تعليقات الآخرين على صورك الحديثة، فأنت متهم بما يعرف بـ "التسكع على الإنترنت" خلال العمل.

ويعد ذلك المصطلح، الذي يعني الانخراط في أنشطة على الإنترنت لا تتعلق بالعمل خلال ساعات العمل الرسمية، أحد الأشكال المعاصرة لسلوكيات أماكن العمل غير المنتجة.

وبينما لا يسرق العاملون في شركة ما السلع أو المنتجات فيها، فإن بيئة العمل المعاصرة وما توفره من أجهزة رقمية عديدة، تسمح لكثير من العاملين بسرقة "وقت" الشركة بكل سهولة.

وربما لا تكون هناك نية خبيثة وراء ممارسة هذا السلوك خلال أوقات العمل، لكن ليس ذلك هو الحال دائما.

ففي الواقع، توصلنا في دراسة أجريناها مؤخرا، ونشرت في دورية "سايبر سيكولوجي" المعنية بدراسة سلوكيات استخدام شبكة الإنترنت، إلى أن ظاهرة "التسكع على الإنترنت" أثناء العمل يمكن أن ترتبط بوجود مستويات مختلفة من السمات الشخصية "المظلمة" (كما توصف في علم النفس) لبعض الأشخاص، وبقدرتهم على الإفلات من العقاب.

فمن هو الشخص الذي من المرجح أن يميل إلى ممارسة أنشطة "التسكع على الإنترنت" خلال وقت العمل، ولماذا يقوم بذلك؟

الحصول على المزايا

أجرينا مؤخرا استطلاعا للرأي على الإنترنت ضم 77 موظفا، دون إظهار هويتهم، وذلك لمعرفة أنشطة "التسكع على الإنترنت" التي يمارسونها خلال العمل، ومستويات سمات الشخصية "المظلمة" لديهم.

وتشكل تلك السمات الشخصية "المظلمة" ثالوثا من الصفات الاجتماعية التي تشمل ثلاث مشكلات نفسيه، وهي: الاعتلال النفسي، الذي ينطوي على تفضيل المصلحة الشخصية فقط، والميكافيلية، التي تشير إلى استغلال الآخرين، والنرجسية التي تتضمن الشعور بالغرور والأفضلية.

وتوجد هذه السمات المظلمة للشخصية في مستويات مختلفة لدى هؤلاء الأفراد المشاركين في هذا الاستطلاع.

وقد توقعنا أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستويات عالية من تلك السمات الشخصية المظلمة سيكون من المرجح أكثر أن ينخرطوا في أنشطة "التسكع على الإنترنت"، وذلك بسبب رغبة هؤلاء في السعي لتحقيق مكاسب على حساب الآخرين، بالإضافة إلى شعورهم بالاستحقاق والأفضلية.

وفحصنا أيضا إلى أي مدى يؤمن هؤلاء الناس بقدرتهم على الإفلات من العقاب في العمل. ولم يكن مدهشا، بالنظر إلى مشاعر التفوق على الآخرين المرتبطة بذلك الثالوث المظلم للسمات الشخصية، أن يميل هؤلاء الأشخاص إلى الشعور بالتمتع بذكاء يفوق ذكاء الآخرين بكل بساطة.

وقد توصلنا إلى أن الاعتلال النفسي، والميكافيلية، والنرجسية كانت كلها سمات مرتبطة بسلوكيات "التسكع على الإنترنت" لدى بعض هؤلاء المشاركين، وذلك من خلال وجود صلة بين هذه السمات وبين شعورهم بقدرتهم على خداع الآخرين.

وبمعنى آخر، فإن وجود مستويات أعلى من تلك السمات الشخصية المظلمة لدى الشخص، أدت إلى إيمان أقوى بالقدرة على الإفلات من العقوبة، والذي كان بدوره مرتبطا بمستويات أعلى من ممارسة ذلك السلوك على الإنترنت خلال أوقات العمل.

وتقترح النتائج التي توصلنا إليها أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من "الاعتلال النفسي دون السريري"، أي الذي لا يشعر المرء معه بوجود أعراض تستحق الخضوع لتلقي العلاج السريري، سوف ينخرطون في ممارسة سلوكيات "التسكع الإلكتروني" خلال أوقات العمل، بغض النظر عن قدرتهم على خداع الآخرين.

ويتفق ذلك من طبيعة الاعتلال النفسي، إذ أن الأشخاص الذين لديهم سمات تدل على الاعتلال النفسي القوي يميلون إلى عدم الشعور بالندم، وعدم الشعور بالذنب، وربما لا ينشغلون كثيرا بأن يلاحظ الآخرون سلوكياتهم.

لكن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث حول هذه الأمر، نظرا إلى أن دراستنا هذه كانت تعتمد على آراء هؤلاء المشاركين فقط، وكانت أيضا تضم سيدات أكثر من الرجال، لكن النتائج تثير بعض الأسئلة المهمة المتعلقة بأماكن العمل، وقدرة الإدارة على التعامل مع مثل هذا السلوك.

هل يدعو ذلك لقلق المديرين؟

يمكن للآثار التي تسببها ظاهرة "التسكع على الإنترنت" للمؤسسات أن تتفاوت من مجرد تشتيت انتباه الموظفين عن العمل بشكل جزئي، إلى إهدار خطير لموارد الشركة أو أمنها، مثل تباطؤ سرعة شبكة الإنترنت، أو إصابة أجهزة الكمبيوتر بالشركة ببعض الفيروسات الضارة.

وتقترح الدراسة التي أجريناها أنه إذا كان رب العمل يريد أن يقلل من سلوك "التسكع الإلكتروني" لدى الموظفين، فإنه من المفيد اتباع الاستراتيجيات التي تواجه قدرة هؤلاء على خداع الآخرين. كما أن التركيز على فكرة المسؤولية والعقاب يؤدي إلى ردعهم عن هذا السلوك.

ويمكن أن تخبر الإدارة الموظفين بأن كل أنشطتهم على الإنترنت تخضع للمراقبة، لكن ينبغي الحذر من أن تلك المراقبة قد تنتهك خصوصية الموظفين، مما يخلق أجواء عمل غير مرغوب فيها.

ولحسن الحظ، ليست ظاهرة "التسكع على الإنترنت" شرا مطلقا، فتصفح الإنترنت خلال العمل قد يكون له تأثير إيجابي على مشاعر الموظفين، إذ أنه يسمح بالتخفيف من ضغوط العمل. كما أنه يمكن أن يدعم الإنتاجية في بعض الحالات، من خلال إمداد الموظفين بفترات للراحة تمكنهم من استعادة تركيزهم ونشاطهم.

مشكلة الإفراط في الاتصال بالإنترنت

بينما يسمح الموظفون لأنفسهم بممارسة بعض الأنشطة على الإنترنت خلال ساعات العمل، فإن العمل أيضا قد يتجاوز مكاتبهم ليصل إلى حياتهم الشخصية.

فالأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل الحديثة تشجع على الارتباط بمكان العمل طوال الوقت، وعلى مدار الساعة.

وتشير دراسة حديثة إلى أن الموظفين الذين يحصلون على أجهزة هواتف ذكية من شركاتهم يشعرون بأنه من المنتظر منهم أن يظلوا على اتصال دائم بالعمل طوال الوقت.

وبالنسبة لأصحاب العمل، هناك جوانب سلبية وأخرى إيجابية لهذا الأمر. فالبقاء على اتصال دائم بالعمل، ربما يزيد من حجم الأعمال التي يحصلون عليها من الموظفين، لكن في المقابل، قد يؤدي ذلك إلى إنهاك الموظفين بصورة بشعة.

ويمكن النظر إلى ظاهرتي "التسكع على الإنترنت" خلال العمل، والاتصال الدائم بأماكن العمل على مدار الساعة، كوجهين لعملة واحدة.

ولذا، من المهم في هذا الإطار أن يؤخذ "التوازن بين الحياة والعمل" في الحسبان بجدية أكثر. وتقترح بعض الدراسات أن يتطور ذلك المفهوم، خاصة وأن الموظفين اليوم يسعون إلى تحقيق "المرونة بين الحياة والعمل" بدلا من ذلك المفهوم التقليدي.

فعلى سبيل المثال، يمكنك أن ترد على مكالمة هاتفية من العمل وأنت تشاهد طفلك وهو يشارك في مباراة لكرة القدم، لكنك أيضا قد تتوارى عن الأنظار في مكان العمل لكي تكتب تهنئة لأحد أعز أصدقائك لترسلها له على موقع فيسبوك.

والأمر الأساسي هنا هو أن يشعر الموظف بأن لديه القدرة على التعامل مع متطلبات مختلفة قد تتعارض معا.

وتشير دراسة ميدانية أخرى إلى أن وجود حدود مرنة بين العمل والمنزل يرتبط بمستويات عالية من الرضا الوظيفي.

وتشير نفس الدراسة إلى أن الأشخاص الذين لديهم حدود عمل مفتوحة، أي يمكنهم أن يمارسوا أنشطة شخصية خلال ساعات العمل، كانوا يواجهون مستوى أقل من الصراع على الوقت بين العمل والعائلة.

وتشير دراستنا سالفة الذكر إلى أن شعور العامل بقدرته على الاستفادة من صاحب العمل يعد جزءا أساسيا من ممارسة "التسكع على الإنترنت"، لكن ذلك الأمر يعد طريقا ذا اتجاهين، فصاحب العمل يريد أن يفكر فيما إذا كان سيحصل هو أيضا على فائدة أو ميزة من بقاء العاملين متصلين بالإنترنت بشكل دائم.

نشر هذا المقال للمرة الأولى على موقع "The Conversation"، ونحن نعيد نشره هنا بموجب "رخصة المشاع الإبداعي".

*إيميلي لو-كالفيرلي وراتشيل غريف، باحثتان في علم النفس على الإنترنت.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان