يوميات سورية: جولة في شوارع مدينة حمص
(بي بي سي):
تكتسب حمص أهمية خاصة فيما شهدته سوريا من أحداث صُنفت على أنها بدأت حراكا سلميا ووصلت إلى صراع أهلي. فالمدينة ذات الأغلبية السنية وثالث أكبر المدن السورية كانت الأهم من حيث الالتحاق بالانتفاضة، وبالتدريج اكتسبت التيارات المتشددة تأييدا واسعا فيها وقصفتها الحكومة السورية بلا هوادة.
وقفت في دوار الساعة في وسط حمص، في مايو 2012، وقتما كان ساحة قتال بين القوات الحكومية ومسلحي المعارضة. كان متحف حمص آخر خطوط التماس بين الجانبين وكان قد تحول إلى ثكنة عسكرية تملأه مياه المجاري وينام في ردهاته المقاتلون.
وكانت أحياء مثل الخالدية وجورة الشياح والحميدية تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة وقد خضعت لحصار حكومي كامل.
استعادت الحكومة السيطرة على كل المدينة عدا حي الوعر، في مايو عام 2014، بعد موافقة المسلحين على الخروج بأسلحتهم الخفيفة والانتقال إلى مناطق أخرى تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
سمعت بعض عبارات الشماتة من السوريين في " الحماصنة" لأنهم أيدوا " الثورة" ورأيت في عيون من عادوا إلى المدينة إحساسا باستعطاف الدولة على ذنب لم يكونوا طرفا مباشرا فيه، وقرأت على بعض حيطان مباني جورة الشياح التي نجت من الدمار، عبارات تأييد لفصائل "جهادية" وآيات قرآنية كٰتبت خطأ.
اعرف أن صور الدمار هذه ليست جديدة، لكن التجول وسط بنايات وشقق كانت تقطنها طبقة وسطى، ورؤية لعب ودمى الأطفال وسط الركام، عندما لا ترى من منزل سوى لوحة رقمه ( 2) ، فاعرف أنك في جورة الشياح مثلا.
لم أكن وحدي المصدوم أمام ذلك المشهد ، سألني صحفي بريطاني التقيته في كنيسة أم الزنار بالحميدية، "هل شاهدت هذا الدمار؟"
بين جورة الشياح وحي الغوطة ( المعلمين) شارع واحد ، لم أكن أعرف أن القصف يمكن أن يكون دقيقا وعشوائيا إلا عندما قارنت المباني على الجانبين. في جورة الشياح كان القصف شاملا، لكن في الغوطة لم تتاثر أي بناية لأن سكانها نأوا بأنفسهم عن الصراع.
في الصراع السوري لن يقبل منك أحد حيادا ، لكن المؤكد أن حمص وأهلها دفعوا ثمنا باهظا لموقفهم في الصراع، وأن إصلاح أوضاع المدينة وإعادة تأهيلها قد يصلح نموذجا للمصالحة في سوريا.
فيديو قد يعجبك: