لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد حياة قاسية.. حارس سجون صيني متقاعد يتعجب من التغييرات المذهلة في بلاده

12:07 م الخميس 14 سبتمبر 2017

بكين (د ب أ)
تقطع المرأة بعضا من لحم البقر إلى مكعبات وتلقي بها في مقلاة. وتقول للرجل المسن الذي معها في الغرفة :"أبي ، لقد اشتريت لنا جميع أنواع اللحوم -لحم البقر والأسماك ولحم الضأن- ولكن لا توجد خضروات".

ويبتسم شياو يانجيو، 80 عاما، .لقد انتهت ابنته شياو تشيبينج واثنان من أحفاده من إعداد العشاء ، وقد اشترى لحوما تكفي لإطعام 10 أشخاص. ويحب الجندي وحارس السجن المتقاعد أكل اللحوم.

في كل مرة يتصل أحفاده به ويسألون عما يفعله ، يقول :"إنني أتناول اللحم ، وأتمنى لو أنه كان بإمكاني أن أرسل لكم بعضا منه عبر الهاتف".

وعلى مدار معظم حياته ، كان شياو يعتبر نفسه محظوظا إذا كان لديه ما يكفي من الطحين لصنع المعكرونة أو الكعك. وقال إنه قد وصل إلى سن الرشد تزامنا مع تأسيس جمهورية الصين الشعبية ، وعاصر عقودا من المجاعة والعنف ذي الدوافع السياسية وسياسات الحد من الزيادة السكانية التي تفرض بشكل جارح.

والآن ، يتعجب شياو بعد أن صار متقاعد ا يتمتع بمعاش عسكري مريح وعشق عائلته ، من تحول الصين إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم ومن التغييرات التي جلبها ذلك على حياة الناس.

ويقول :"يمكن أن يعيش الناس الآن في ظروف معيشية أفضل ... لديهم المزيد من المال ، وهم أكثر انفتاحا ، وهم أحرار في أفعالهم".

تجدر الإشارة إلى أن الصين بها 230 مليون شخص مسن وأن شعبها هو الأسرع تحولا إلى الشيخوخة في تاريخ البشرية.

بعد حياة قاسية ، يتمتع العديد من الصينيين المتقاعدين الآن برخاء نسبي، فضلا عن القدرة على اكتشاف أشياء جديدة واتخاذ الخيارات -وذلك على النقيض من حياة سابقة منظمة بشكل صارم ، وفقا لدراسة حديثة أجراها الباحثان الأمريكيان ليانج جياين ولو باو تشن .

ويقول لو ،أستاذ علم الاجتماع بجامعة ويسترن واشنطن :"نظرا لأن الصين قد مرت بمثل هذه الفترة المضطربة ، فإن الشعب الصيني يتمتع بالمرونة والحساسية والتفهم للأحداث المحيطة به ... هذا ما سمح لهم بالبقاء والنماء".

وبالنسبة لشياو ، كانت أسعد فترات حياته هي السنوات الثماني الماضية ، عندما تجول في أنحاء البلاد مستفيدا بعروض قضاء الأجازات لكبار السن.

وبفخر ، يستعرض صورا لنفسه في مدن مثل بكين وشنغهاي وهونج كونج وماكاو. ومثل مئات الملايين من الصينيين ، فإن هذه الصور تعكس تحسن أحواله المعيشية في حياته التي كانت تنحصر في مجرد البقاء على قيد الحياة.

ولد شياو ، وهو ثاني أصغر تسعة أشقاء ، في قرية تشانج تشوانج التي لا يزال يعيش بها في مقاطعة جيانجسو الساحلية.

والتحق بالجيش في سن 18 عاما ، بعد بضعة أعوام فقط من انتصار الشيوعيين في الحرب الأهلية ضد حزب الكومينتانج وإنشاء الصين الحديثة. وخدم شياو كحارس في إحدى "قرى السجون".

وكان السجناء البالغ عددهم ستة آلاف سجين في قرية السجن يزرعون القمح والأرز والقطن وكذلك يربون الأبقار. وكان العديد منهم سجناء سياسيين.

وخلال خدمته في الجيش ، تعلم شياو كيفية القراءة والكتابة وضرب النار. ومن بين تذكاراته التي يعتز بها شهاداتان بحصوله على مركز "أفضل رامي" تعودان لأواخر خمسينيات القرن الماضي.

وتزوج شياو من جيانج شيو يينج فى عام 1958 ،وهو أول أعوام حملة "القفزة العظيمة للأمام" ، وهي الحملة الطموحة التي أطلقها الزعيم الصيني ماوتسي تونج لتحديث الصين . هذه الحملة التي صاحبها ثلاث سنوات متتالية من الكوارث الطبيعية، أدت إلى مجاعة أودت بحياة 45 مليون شخص.

وبينما كان زملاؤه من القرويين يتضورون جوعا ، أرسل شياو قسائم الطعام التي تسلمها في العمل لزوجته جيانج. وقد كانت الزوجة تكدح في الحقول الجماعية بالقرية ، بينما غادر شياو السجن وعمل كحارس في مزرعة للتبغ.

وكان العمل لا هوادة فيه. وعندما استقبل الزوجان أول أطفالهما ،كانت جيانج تحصل على فترات راحة قصيرة لإرضاع الطفل ثم تعود إلى الحقل وتترك طفلها وحيدا. وذات يوم ، عادا إلى المنزل ليجدا أن الطفل قد سقط من على السرير.

وفي عام 1966 ، بدأ الزعيم ماو الثورة الثقافية –وهي تطهير البلاد من "العناصر البرجوازية" حيث حث خلالها على قتل الملايين من المثقفين لضمان إحكام قبضته على السلطة.

ويقول المراقبون إن أعباء جيل شياو لا تزال تنعكس اليوم في التفاعلات بين الناس وفي الاحساس بافتقاد الأمان وعدم الثقة في الغرباء.

ويقول تشانج ليفان ،المعلق السياسي والاجتماعي :"كان على الشعب الصيني لفترة طويلة الاعتماد على غريزة البقاء على قيد الحياة دون كرامة ... عندما يعيش المرء في مثل هذا المجتمع ، ولا يمكنه تغييره، فعليه أن يتوائم معه".

وفي ذات يوم ، وبينما كانت جيانج في المنزل بمفردها ، جاءت الشرطة إلى المنزل واقتادتها إلى مركز الحبس. وكانت الحكومة قد فرضت سياسة الطفل الواحد في أواخر السبعينيات، ولكن واحدة من زوجات أبناء شياو كانت قد أنجبت طفلها الثاني. وفر ابن شياو وزوجته إلى الجبال، ولكن الشرطة جاءت تسعى للانتقام من الجدة.

وينخفض صوت شياو عندما يتحدث عن كيفية تعذيب الشرطة لجيانج عن طريق تكميم فمها ووضع السجائر المشتعلة في أنفها.

وتم الإفراج عنها بعد عدة أيام ، ولكنها أصبحت مضطربة ، ولم تتعاف تماما أبدا. وتوفيت في عام 2012 .

ويقضي شياو معظم أيامه حاليا في الاستماع إلى الأوبرا الصينية في الإذاعة ، وفي ممارسة لعبة الماهجونج مع أصدقائه أو ممارسة الرياضة. إنه يهوى الاستغراق في ذكريات رحلاته والعمل على تدوين شجرة العائلة، التي يتوقع مستقبلا أكثر إشراقا لأصغر أعضائها سنا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان