قصف ومعارك ونزوح .. هل بدأت معركة إدلب السورية؟
كتبت – إيمان محمود:
بدأت الحكومة السورية العام الجديد وعينها على ريف محافظة إدلب، إذ يشهد معارك كرّ وفرّ بين فصائل المعارضة التي تحاول التمسك بآخر معاقلها الكبرى أمام الجيش السوري والقوات الموالية له، في صراع لم يدفع ثمنه سوى المدنيون الذين باتوا يعانون من وضع إنساني مزري.
ورغم تحذيرات الأمم المتحدة من الوضع الإنساني للمدنيين داخل إدلب، فالجيش السوري يواصل شن هجماته على المنطقة الواقعة ضمن مناطق اتفاق "خفض التصعيد"، تحت غطاء جوي من الطيران الروسي.
وفي منتصف سبتمبر الماضي، أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة توصلها إلى اتفاق على إنشاء منطقة خفض توتر في إدلب، إلى جانب أجزاء محددة من محافظات حلب (شمال) وحماة (وسط) واللاذقية (غرب) ودمشق (جنوب)، وحمص (وسط).
قصف واشتباكات
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، إن طائرات حربية –لم يُحدد إذا كانت تابعة للجيش السوري أو الروسي- نفذت غارات على أماكن متفرقة في ريف إدلب، في الساعات الأولى من صباح اليوم.
واستهدفت الغارات مناطق في مدينة خان شيخون وبلدتي الهبيط والتمانعة الواقعة بريف إدلب الجنوبي، بالإضافة لغارات استهدفت الأطراف الغربية لمدينة إدلب، دون معلومات حتى اللحظة عن تسببها بخسائر بشرية.
وتُعتبر إدلب المتنفس الوحيد للمعارضة المسلحة، حيث تقع الحدود بينها وبين تركيا، كما تُعتبر ملاذًا لعشرات الآلاف من مسلحي المعارضة والمدنيين الذين اضطروا لترك منازلهم في مناطق أخرى في غرب سوريا استعادتها الحكومة السورية وحلفاؤها.
وبالتزامن مع الغارات؛ دارت اشتباكات بين الجيش السوري والفصائل المعارضة، إذ استعادت غرفة عمليات "رد الطغيان" التابعة للمعارضة، السبت، السيطرة على بلدة الخوين وتل مرق بهجوم معاكس شنته الفصائل مساءاً.
كما أعلنت عن استعادتها السيطرة على أكثر من 7 مناطق وقرى في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي، بعد اشتباكات عنيفة بدأت الأربعاء الماضي، وأسفرت عن مقتل 73 شخصًا على الأقل من الجيش السوري، بالإضافة إلى 67 قتيلاً على الأقل من الفصائل المُسلحة.
ورغم استعادة فصائل المعارضة المُسلحة لبعض المناطق، إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد أن القصف المكثف والغارات الجوية المتواصلة وعمليات الاستهداف، تجبر الفصائل على الانسحاب من القرى الواقعة تحت سيطرتها، في تقدم مستمر للجيش السوري الذي يشن حربه للسيطرة على إدلب.
المدنيون
وتسببت الغارات المُكثفة والمستمرة على إدلب في نزوح عدد كبير من المدنيين؛ وبحسب منير مصطفى، رئيس منظمة الإنقاذ للدفاع المدني، المعروفة باسم "الخوذ البيضاء" المسؤولة عن إدلب، فإن موجة النزوح من إدلب هي الكبرى منذ بداية الثورة السورية وحتى اليوم.
وارتفع عدد ضحايا الغارات الجوية على بلدة خان السبل الواقعة بريف إدلب الجنوبي، الجمعة الماضية، إلى عشرة قتلى، بينهم ثلاثة أطفال وثلاث نساء، بحسب المرصد السوري الذي أكد أن العدد مُرشح للارتفاع لأن الجرحى في حالات خطرة.
وقال مصطفى الحاج يوسف، وهو عامل إنقاذ في "الخوذ البيضاء" إن "الانفجارات ليست يومية بل بالساعة وعلى المنطقة بأكملها، ويبدو أنها عشوائية تمامًا".
وأضاف "الشيء الذي يضرنا أكثر هو الضربات المزدوجة، عندما يقوم النظام بقصف المنطقة، ونذهب إليها بعد تلقي مكالمات الطوارئ، ثم قصفها مرة أخرى"، بحسب ما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وبحسب الأمم المتحدة فقد غادر 30 ألف مدنيا المدينة منذ الأسبوع الماضي وفروا باتجاه الحدود التركية، وهو ما أدى إلى ازدحام المخيمات وسط أجواء البرد القارس الذي تشهده المنطقة، إلا أن مصادر محلية قالت إن رقم النازحين أعلى بكثير مما ذكرته إحصائيات الأمم المتحدة.
وأكدت الأمم المتحدة؛ أن وضع المدنيين المشردين مؤخرًا بسبب القتال في إدلب صعب حيث تواجه وكالات الإغاثة صعوبات في الوفاء باحتياجاتهم، بحسب وكالة أنباء "رويترز" البريطانية.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايركه، إن 55 بالمائة من التجمعات السكانية في محافظة إدلب مثقلون بالأعباء.
وأشار المكتب -في بيان له- إلى أن المعارك أجبرت بعض منظمات الإغاثة على وقف عملها في مناطق بجنوب إدلب.
ولفتت لجنة الإنقاذ الدولية، التي تساعد بعض اللاجئين الجدد الذين يصلون إلى الحدود التركية، إن النازحين يعيشون في خيام مؤقتة، مع ما يصل إلى ثلاث عائلات في كل خيمة، وإن العديد من المواقع لا يتوفر فيها أقل الاحتياجات المعيشية كالمراحيض.
فيما أوضح المسؤول في منظمة الصليب الأحمر في الشرق الأوسط، توماس غاروفالو: "هناك قلق كبير حيال سلامة 2.6 مليون شخص يعيشون في إدلب إذا استمر خط المواجهة في التوسع".
فيديو قد يعجبك: