إعلان

الذكرى السابعة للثورة.. تونس تئن تحت وطأة متاعبها الاقتصادية

08:55 م الأحد 14 يناير 2018

الذكرى السابعة للانتفاضة التونسية

كتب - سامي مجدي:

أبت الذكرى السابعة للانتفاضة التونسية أن تمر دون أن تذِّكر حكام البلاد الجدد بأن بعض المطالب التي خرج من أجلها التونسيون في أواخر 2010 وأوائل 2011 لم تتحقق؛ فالبلاد التي تعتبر مثالاً يحتذى في الدول التي مرت بها انتفاضات "الربيع العربي"، تهتز منذ نحو أسبوع تحت وطأة احتجاجات اقتصادية واجتماعية أججها قانون جديد أدى إلى رفع الأسعار.

وأعلنت السلطات عشية ذكرى "ثورة الياسمين" عن خطط مساعدات للمعوزين في محاولة المحتجين الذين تحولت تظاهراتهم إلى اضطرابات على مدى أيام في مختلف أنحاء البلد الشمال إفريقي.

إلا أن ائتلافًا من أحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية دعت إلى مواصلة احتجاجات سلمية من أجل إيصال رسالة إلى الحكام الجدد للبلاد بأنهم فشلوا في إصلاح المشكلات التي شجعت على الثورة، وأحبطوا آمال العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

ويعاني الاقتصاد التونسي منذ فرار الرئيس زين العابدين بن علي إلى المنفى في السعودية في 14 يناير 2011؛ وقد ألهمت الشرارة التي بدأها شاب يعمل بائعاً متجولاً بإحراق نفسه انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت مصر وسوريا وليبيا واليمن، فضلاً عن تونس بلد المنشأ. كانت انتفاضة تونس الوحيدة التي نجحت في تحويل البلاد إلى ديمقراطية ناشئة نجحت في الحفاظ على انتقال سلمي للسلطة.

بيد أن الصعوبات والعراقيل التي واجهت ست حكومات تعاقبت على حكم تونس بعد بن علي أحبطت آمال كثيرين وسط اقتصاد متداعٍ يعتمد كثيراً على القروض والإعانات الخارجية. زاد من تلك الصعوبات هجمات إرهابية تركت تداعيات شديدة على القطاع السياحي شديد الأهمية، إضافة إلى استمرار إهمال المناطق البعيدة عن العاصمة تونس التي كانت وقود الاحتجاجات.

من ضمن مساعي الحكومة لتهدئة الاحتجاجات، قرر رئيس الحكومة يوسف الشاهد تخصيص 100 مليون دينار (نحو عشرة ملايين دولار) لمساعدة 200 ألف عائلة محتاجة إضافة إلى رعاية صحية مجانية للعاطلين عن العمل، حسبما أعلن وزير الشؤون الاجتماعية محمد طرابلسي بعد اجتماع مجلس الوزراء في وقت متأخر مساء السبت.

كما أعلنت الحكومة عن تأسيس صندوق إغاثة للعائلات الفقيرة لمساعدتها في الحصول على مساكن.

ووصفت الجبهة الشعبية، المؤلفة من أحزاب يسارية، الاجراءات ب"المضحكة" وطالبت في بيان يوم السبت بتنظيم احتجاجات "حتى تعليق اجراءات قانون المالية التي تؤثر على القوة الشرائية للمواطنين."

قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، إن إحياء ذكرى الثورة اليوم، الذي خيم عليه الشعور بالحسرة والإحباط والألم، "هو في حقيقة الأمر احتجاج على أوضاع لم تتغير منذ 7 سنوات". واعتبر أن تونس "لم تتقدم اية خطوة"، في ظل غياب منوال تنموي واعد وعدم الجدية في محاربة الفساد، حسبما ورد في صحيفة الشروق يوم الأحد.

إلا أن رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني (شريك في الحكم) إن "الجبهة الشعبية متورطة في أحداث العنف الأخيرة، ودعمت الأعمال التخريبية التي جرت ليلا بعديد الجهات تحت مطية الاحتجاج".

ودعا الهاروني في تصريحات نقلتها صحيفة الشروق يوم الأحد، الحكومة إلى التمسك بقانون المالية لسنة 2018.

واندلعت الاحتجاجات الأسبوع الماضي في أعقاب الموافقة على قانون المالية الجديد، بيد أن المظاهرات تحولت في بعض منها إلى أعمال نهب وتخريب وحرق سيارات في بعض الأماكن. لم يستمر وهج الاحتجاجات كثيرا نظرا لحملة قمع قامت بها الشرطة إضافة إلى نزول الجيش في بعض المناطق.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية خليفة الشيباني يوم الجمعة إن شخصا قتل خارج العاصمة تونس وأصيب عشرات بينهم 97 من قوات الأمن في اضطرابات استمرت خمسة أيام بدأت قبل أسبوع.

وأضاف أن المحتجين ألحقوا أضرارا بعشرات من سيارات الشرطة وأحرقوا مركزي شرطة فضلا عن نهب ثمانية مراكز أخرى. واعتقلت السلطات حوالي 780 شخصا، بينهم 16 متطرفا دينيا، بتهم من بينها التخريب والنهب.

وفي ذكرى الثورة، زار الرئيس الباجي قائد السبسي الأحد مشروع إسكان خارج العاصمة تونس، وكانت المنطقة مسرحا للاضطرابات. وقال في تصريح في وقت متأخر مساء السبت إن "التونسيين قادرون على تخطي الصعوبات الحالية،" وطالب المواطنين "ببعض الصبر والتفهم."

ويشتكي كثير من الشباب من البطالة. قال طالب جامعي يدعي علي بن محمود شارك في أول مظاهرة الأسبوع الماضي، ضمن الحملة "فاش نستناو؟" (ماذا تنتظرون)، "أنا بدون عمل منذ سبع سنوات ولا أرى أي أمل في المستقبل."

دعت الحملة على صفحتها على فيسبوك عشية ذكرى الثورة إلى الاحتجاجات "عبر مساندة عائلات الشهداء والجرحى، والاحتجاج على تدني المستوى المعيشي وقانون المالية،" ونددت بحملة الاعتقالات الأخيرة. كما دعت إلى "وقفة غضب" يوم 20 يناير أمام البرلمان التونسي "والذي سيكون افتتاحا لمرحلة جديدة من التصعيد الذي ستنطلق فيه الحملة."

وكررت فاطمة حسين نفس شكوى بن محمود. قالت "لم تجلب الثورة شيئا ملموسا لحياتنا اليومية، التي تزداد سوءا كل يوم. السياسيون، الذين يضعون مصلحتهم فقط نصب أعينهم، تركونا في حالة من اليأس".

بدأت الانتفاضة بإضرام شاب يعمل بائعًا متجولًا النار في نفسه في ولاية سيدي بوزيد وسط البلاد، إثر مصادرة عربته التي يكسب بها عيشه وصفعه على وجهه من قبل إحدى الموظفات في البلدية. أشعل محمد البوعزيزي النار في نفسه في 10 ديسمبر في 2010.

منح التحول الديمقراطي تونس دستورا جديدا، وفتح الطريق أمام انتخابات حرة، وعزز المساواة بين الجنسين، كل ذلك بالتزامن مع مواجهة تونس هجمات متطرفة دموية، بما في ذلك قتل سائحين في متحف (باردو) الشهير، والهجوم الذي استهدف فندقا خارج مدينة سوسة الساحلية.

وفازت اللجنة الرباعية للحوار الوطني في تونس بجائزة نوبل للسلام في 2015 "لمساهمتها الحاسمة في بناء ديمقراطية تعددية في تونس،" حسبما ذكرت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل.

بيد أن بعض الدوافع وراء الثورة لا تزال مهملة، فنسبة البطالة في تونس زادت عن أكثر من 15 في المئة، وفقا للأرقام الرسمية، وفي بعض المناطق خارج العاصمة بلغت أكثر من 25 في المائة. إضافة إلى ذلك، هناك الكثير من المناطق الساحلية لا تزال تعاني من تهميش من السلطات المركزية.

وقبل قانون المالية الجديد، كانت نسبة التضخم الرسمية أكثر من 6 في المئة، إلا أن بعض الخبراء يقولون إنها وصلت إلى 9 في المئة. ويتوقع أن ترتفع بشدة مع القانون الجديد الذي ينص على رفع الأسعار وإضافة ضرائب جديدة، ما تسبب في نزول المتظاهرين إلى الشوارع.

يحذر الاقتصاديون من خطورة الأوضاع الاقتصادية في البلاد التي كانت مهد الربيع العربية. يقول الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان "مؤشراتنا الاقتصادية والاجتماعية كلها في المنطقة الحمراء، بل الحمراء بشدة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان