محمود عباس.. "أبو مازن" المنتهي حلمه بـ"صفعة القرن"
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتب – محمد الصباغ:
طريق الأمل ملئ بالثورات والحروب. لا راحة ولا نوم ولا حتى فترة يلتقط فيها المحارب أنفاسه. أجداد قاتلوا من أجل حلم فلسطيني وأجيال جديدة لم تعرف طعم الدولة ولا السلام. مطاردة استمرت لعقود لما بدا سراب أو وهم. ومحمود عباس حمل هذا اللواء، رفع راية السلام والمساعي البعيدة عن الدماء طوال هذه العقود لاقتناعه بهذه الأمل. وضع خطوطًا حمراء قبل بدء المعارك "السلمية" في المنظمات الدولية، لكن في النهاية وجد "صفعة القرن".
انتقل رئيس السلطة الفلسطينية الحالي، محمود عباس (أبو مازن) بين بلدان العالم سعيًا وراء هدفه. تنقل بين النرويج حيث لا تستطع الشمس كثيرًا، ودول عربية وأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وارتحل بأوراق قضيته وتاريخ دولته إلى الشرق حيث الصين وروسيا، يشكو الاحتلال ويأمل في إقامة دولة فلسطينية بجوار إسرائيل.
رأى أبو مازن في اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل نقطة نهاية لرحلة التشريد وبوابة لإنجاز تاريخي جاء بفضل دماء الأجيال المتعاقبة وقوافل شهداء. اعتقد أنه سفينة تصل بشعبه إلى شاطئ الأمان ويتجه بهم إلى يابسة اطمئنان.
كان حلمه واضح وأعلنه جليًا في كتابه "الطريق إلى أوسلو"، وهو دولة فلسطينية مستقلة. طمأن مرارًا وتكرارًا الإسرائيليين والأمريكيين، أكد لهم على سبيل المثال أن دولته المستقبلية سيكون جيشها غيته الدفاع، وإذا توفر لهم الدفاع فستنتفي الحاجة إليه. وسأل أمريكا حول ما إذا كان بمقدورهم إرسال جيش يفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو يقبلون بقوات أممية ينفس المهمة.
تعرض طوال أعوامه الطويلة في السلطة الفلسطينية للهجوم والسخرية، وعلى لسانه هو "من أقرب الناس إليه في حركة فتح".
دولة الاحتلال الإسرائيلي على التوازي كانت تتخذ خطوات على الأرض، لم تبد بادرة لإعادة الحق بموجب القانون الدولي. لم تلتزم بقرارات الأمم المتحدة بشأن الأراضي المحتلة بعد حرب عام 1967، ولم تتوقف طوال العقود الماضي عن بناء المستوطنات أو تغيير ملامح المدينة المقدسة وتصبغها بصبغة يهودية.
عباس المولود في 26 مارس من العام 1935، تولى رئاسة السلطة الفلسطينية في يناير 2005. انتهت ولايته دستوريًا بعد 4 سنوات في 2009، لكنه مستمر حتى الآن على رأس السلطة بعد تمديد وقعت عليه المجلس المركزي الفلسطيني سلطته بعد انتهاء الوحدة الهشة بين فتح وحماس، وسيطرة الحركة الإسلامية على قطاع غزة.
يحكم عباس منذ ذلك الحين الضفة الغربية فقط ولا يملك شيئًا يفرضه على قطاع غزة إلا القليل مثل رواتب يؤخرها حينما يرغب في الضغط على القطاع وقيادات حماس.
تبدو قيادته للسلطة الفلسطينية أيضًا كالحلم، فهي بحسب قوله أيضًا سلطة بلا سلطة. فالاحتلال الإسرائيلي يتحكم في كل ركن من أركان الحياة في الضفة من حركة المواطنين العادية إلى التجارة والأمن والغذاء والاقتصاد أيضًا.
عمل عباس جاهدًا من أجل حلم السلام ودولة فلسطينية مستلقة، فانتقد إراقة الدماء من الأطراف كلها. قرر بعد الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة تعليق مفاوضات السلام مع دولة الاحتلال، احتجاجًا على إراقة الدماء.
وفي عدوان عام 2014 على قطاع غزة أيضًأ، خرج ليعلن اعتراضه على الحرب والدماء والضحايا –التي بالطبع تبتعد تماما عن حلمه المنشود وهو سلام. وقال صراحة آنذاك: "بصراحة صبري نفد مع إسرائيل وأمريكا وحماس".
يبدو أن "أبو مازن" وقف غاضبًا حيث وجد كل الأطراف تقف ضد أمل عاش عليه وواجه الانتقادات والسخرية والكراهية والشتائم، أمريكا تميل لإسرائيل والدولة العبرية تواصل كل شيء لتعزيز حلمها بدولة يهودية، وحماس تختار طريقًا آخر بالمقاومة المسلحة.
عباس هاجم الحركة آنذاك وقال: "كيف تقول حماس إنها فوجئت بالحرب رغم أنها خطفت وقتلت وضربت صواريخ"، واعتبرها مسئولة عن بقاء الآلاف من سكان غزة بلا سقف يحتمون به بعد القصف الإسرائيلي. وسأل: "من سيعيد لسكان غزة منازلهم".
استسلم عباس للأمر الواقع وبفكرة وجود دولة إسرائيل، وآمن تمامًا بوجودها وبأنه يجب مواجهتها والحصول على حق بإقامة دولة فلسطين. لم يعارض فقط من واجه رأيه وآماله نحو السلام، بل طلب في أحد اجتماعاته الأمنية التي بثت على الهواء مباشرة بقتل كل من يحاول إطلاق صاروخًا نحو الإسرائيليين.
إيمان "أبو مازن" بحلمه لم يتوقف، وهو الذي بدأ منذ عقود. فقد ذكر في كتابه "طريق أوسلو" إنه بعد عام 1977 عمل على بناء جسر تواصل بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين "محبي السلام في إسرائيل". عقد عشرات الاجتماعات والمؤتمرات مع إسرائيليين من مختلف الاتجاهات.
وكتب عباس: "من المستحيل على الإسرائيليين أن يعيشوا في منطقة الشرق الأوسط دون أن يتعرفوا على جيرانهم سكان هذه المنطقة، ومن المستحيل أن تبقى إسرائيل دولة غريبة في قلب الوطن العربي، ولا أعتقد أن من مصلحة الإسرائيليين أن يكرروا مقولة أرينز وزير الدفاع الليكودي (حزب الليكود) السابق، الذي نشأ في أمريكا وجاء إلى إسرائيل يفتخر بالقول: إنني أعرف عن الأعشاب في ألاسكا أكثر مما أعرف عن العرب".
وقعت مصر في عام 1979 بعد سنة من اتفاقية كامب ديفيد في 1978، اتفاق السلام مع إسرائيل. وحصل الرئيس المصري محمد أنور السادات مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن على جائزة نوبل للسلام.
ربما تأثر عباس بذلك وأراد أن يحصد على لقب بعدما أصبح الرئيس المصري "بطل الحرب والسلام". فقد رأى أن الحل للأزمة الفلسطينية الإسرائيلية جزء منه في بناء علاقات مع دولة إسرائيل قائمة على الثقة المتبادلة "حتى يطمئن الإسرائيليون إلى هذا الجار الجديد والعدو القديم، ومدى قدرته على التحول من العداء إلى التطبيع، دون إفراط أو تفريط".
أوصلته الجهود إلى حصول فلسطين على صفة دولة مراقب بالأمم المتحدة، ويسعى للحصول على عضوية دائمة. باتت فلسطين عضوا في المحكمة الجنائية الدولية ومنظمة الإنتربول الدولي وسط معارضة كبيرة من إسرائيل. كما حصدت انتصارات من منظمات أخرى كاليونسكو التي انسحبت منها الدولة العبرية والولايات المتحدة الأمريكية بسبب ما اعتبروه انحيازًا لفلسطين.
لكن حلمه الأكبر كان الوصول للدولة عبر السلام والتفاوض، فلم تتقدم بشكوى مثلا ضد إسرائيل في الجنائية الدولية، واستمر في محاولاته في المحافل الدولية فيما واصلت إسرائيل خطواتها على الأرض نحو التهويد وتوسيع المستوطنات عزل الفلسطينيين وإبعادهم عن القدس.
الصفعة على وجه "حلم عباس" جاءت حينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر الماضي أن مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وأنه سوف ينقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.
كما أرسل ترامب مع بداية حكمه إلى الشرق الأوسط زوج ابنته جاريد كوشنر ليتولى رئاسة فريق أمريكي يدير ملف السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو يهودي ملتزم ويساهم بانتظام في منظمات تشارك في تمويل بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة غير قانونية.
خرج عباس وهو في سن الثانية والثمانين من عمره وبعد عقود من المفاوضات والسعي نحو سلام بوساطة أمريكية، ليعلن أن واشنطن لم تعد مؤهلة لرعاية عملية السلام، وأن أوسلو قد أنهتها دولة الاحتلال الإسرائيلي وأن ترامب قدم للفلسطينيين "صفعة القرن" وليس صفقة القرن".
فيديو قد يعجبك: