إعلان

الأكراد وتركيا.. تاريخ من التمرد والقمع: إشارات المرور لن تكون "كردية"

08:54 م الإثنين 22 يناير 2018

كتب – محمد الصباغ:

لم يتوقف الأكراد عن الحلم بإعلان دولتهم المستقلة. يريدون أن ينتهي تشرذم هذا العرق بين دول كثيرة، لكن هذه البلدان التي ينتمون إليها رسميًا تعتبر حلمهم غير مشروع. يرغب أكراد إيران في الانفصال، وكذلك من يعيشون في العراق، وهؤلاء في سوريا أيضًا، ومن في تركيا يشاركون السابقين الحلم.

يعيش الأكراد في مناطق جبلية ببلدان إيران والعراق وتركيا وسوريا، وعددهم يتراوح بين 20 و30 مليون شخص، ويتحدثون اللغة الكردية لكن بلهجات مختلفة.

كل الدول السابقة يعيش فيها الأكراد كأقليات، ويعانون من مظالم كثيرة مرتبطة بالتمييز ضدهم كعرق وأقليات. لكن أيضًا هؤلاء الأكراد نفذوا تمردًا مسلحًا في إيران والعراق وتركيا من أجل الوصول إلى حلمهم، لكن في كل مرة كان الأمر يبوء بالفشل.

وترى الدول الأربع أن تكوين الأكراد لدولة مستقلة في أي منهم سيعود بالضرر على الدول الأخرى وسيساعد الأكراد فيها، وأيضًا يعتبرون خلق أي ممر كردي يربط المساحات الكردية ببعضها البعض مسألة تضر بالأمن القومي.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذا الأسبوع إن مدينة عفرين شمالي سوريا باتت مركزًا لمقاتلي حزب العمال الكردستاني والذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية حيث يخوض تمردًا مسلحًا من أجل الانفصال. وأضاف أردوغان إنهم يريدون خلق مساحة تربط أنصارهم في شملي العراق وسوريا وجنوب تركيا ببعضها البعض ما يهدد تركيا بالطبع، حسب تصريحات الرئيس التركي.

وبدأ أردوغان معركة في عفرين قال إنها لتطهيرها من الإرهابيين، برغم تحذيرات من الحكومة السورية ومن الولايات المتحدة الأمريكية. وتسيطر وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من أمريكا على المدينة، فيما ساعد "الجيش السوري الحر" وهو فصيل من المعارضة المسلحة تركيا في العملية وبدأ في التقدم نحو مناطق عفرين التي يسيطر عليها الأكراد.

كيف بدأ النزاع التركي الكردي؟

لا يوجد حصر مؤكد لتعداد الأتراك من العرقية الكردية، لكن التقديرات تشير على أن عددهم يتراوح بين 15 و20 بالمئة من السكان في تركيا.

ويرغب الأكراد في إقامة دولة مستلقة لهم منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وبعد هزيمة الدولة العثمانية على يد الحلفاء حصلوا على وعد بإقامة دولة كردستان وفقًا لمعاهدة سيفر سنة 1920.

لكن الحلم لم يتحقق، وتم التراجع عن ذلك في معاهدة لوزان عام 1923، وبقي الأكراد أقليات في دول مختلفة. لكن حلمهم لم يختلف من دولة لأخرى، وعلى مدار السنوات التي تلت التاريخ السابق يحاولون بشتى الطرق تأسيس دولة لهم.

شهدت بداية هذه الفترة حركات تمرد من الأكراد في تركيا، واجهها أول رئيس للجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك بقوة وأعدم قائدها آنذاك الشيخ سعيد بيران في عام 1925.

وبحسب تقرير لصحيفة الحياة اللندنية، فقد كانت ثاني تمرد كردي في عام 1937 واستمر لأشهر سحق فيه الأتراك الأكراد وقصفوهم بالطائرات وقٌتل عشرات الألاف منهم، وتشرد مئات الآلاف قسريًا.

وبدأ أتاتورك محاولات لإنكار القومية الكردية مقارنة بالتركية، وبحسب دراسة للمعهد المصري للدراسات، فقد أسماهم "أكراد الجبال"، ووصل الأمر إلى تغيير ألوان إشارات المرور لأنها كانت تشبه ألوان العلم الكردي (الأحمر والأخضر والأصفر).

لا شك في أن رمز الأكراد في تركيا هو عبد الله أوجلان، والذى دعا لدولة كردية مستقلة. أسس أوجلان عام 1978 حزب العمال الكردستاني وبدأ في عام 1984 الكفاح المسلح ضد الحكومة في تركيا، وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" فقد قتل منذ ذلك الحين أكثر من 40 ألف شخصًا وأعيد توطين مئات الآلاف.

وكانت أول مفاوضات غير مباشرة بين حزب العمال والحكومة في عام 1993 عبر وسيط عراقي هو الرئيس صدام حسين وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني.

المفاوضات المباشرة بدأت عام 1999، أثناء سجن أوجلان في كينيا. وقال الزعيم الكردي آنذاك إن اللقاءات تمت بشكل رسمي قبل أن تنقطع فجأة.

ثم بدأ الطرفان محاولات لعقد اتفاق سلام بين الحكومة التركية والحزب المصنف كتنظيم إرهابي، في عام 2012، وتم الاتفاق على وقف لإطلاق النار استمر فقط لمدة عام واحد.

ومع الحرب الأهلية السورية بدأت وحدت حماية الشعب الكردية، وقوات البشمركة الكردية بالعراق، والمدعومين من أمريكا في فرض النفوذ على أراضي في البلدين خلال الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي.

وبمرور الوقت شعرت أنقرة بالخطر من هذه التمدد الكردي ومن احتمالية تأسيس دولة كردية في سوريا، تهدد أمنها وتكون أماكن تمركز لعناصر العمال الكردستاني. وبالفعل تدخلت تركيا في مناطق كردية سورية على حدودها الجنوبية مثل مدن الباب وجرابلس، وحسب اتفاق مع إيران وروسيا تمركزت قوات تركية في مدينة إدلب.

واعتبر الأكراد هذا التواجد الكردي سعيًا تركيًا لرفض أي حكم مركزي للأكراد، وقالت تركيا إنها تواجه "إرهابيين" سواء كانوا من حزب العمال الكردستاني أو من يعاونهم.

وقادت هذه المخاوف التركية أنقرة أيضًا لبدء عملية عسكرية في مدينة عفرين السورية منذ الأسبوع الماضي، وقال مسئولون أكراد إنها أسفرت عن مقتل العشرات من القوات الكردية وتعرضت منازل مدنيين للقصف التركي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان