تقرير: لماذا فشلت مظاهرات إيران في التحول لثورة شعبية؟
كتب - هشام عبد الخالق:
نشر موقع "E - International relationships" تقريرًا حول المظاهرات التي شهدتها إيران مؤخرًا، وأسباب فشلها في تصعيد الأمور لتتحول إلى ثورة شعبية.
وقال الموقع - المتخصص في الأبحاث والدراسات العلمية حول العلاقات الدولية - إن المظاهرات التي بدأت في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي في مدينة مشهد، وانتشرت سريعًا في المدن الأخرى، كانت أكبر تحدٍ يواجه النظام الإيراني منذ الثورة الخضراء عام 2009 بعد الانتخابات.
وتساءل الموقع، إذا كانت مظاهرات عام 2009 استمرت لعدة أشهر وشارك بها أكثر من مليون شخص، إلا أن الاحتجاجات الأخيرة شارك بها الآلاف واستمرت أسبوعًا، فلماذا فشلت تلك الاحتجاجات في التحول لثورة كاملة؟
وتابع الموقع، نعرف أن المظاهرة المؤثرة يجب أن تكون مبنية على القدرة على تعبئة والحفاظ على عدد كبير من الأشخاص، حيث توفر الأعداد الكبيرة نفوذًا وقدرة على تقويض شرعية الحكومة، وكذلك تعطي إحساسًا بالأمن ومساعدة المتظاهرين على تجاوز خوفهم والتعبير عن مظالمهم.
وأضاف الموقع، توفر المشاركة الكبيرة والمتنوعة، إمكانية الوصول إلى مختلف الفئات الاجتماعية عبر الجنس والطبقة والعرق والعمر والاختلاف بين الريف والحضر، وفي الحقيقة فإن النظام الإيراني قد تجاوز ثورة شارك بها 3.5% من السكان في إيران، أي ما يوازي 2.8 مليون شخص، وهو رقم من الصعب للغاية أن تحشد له.
ومن أسباب عدم تحول تلك المظاهرات إلى ثورة شعبية، عدد المتظاهرين الذين شاركوا، وكذلك ردّ النظام، وبداية المظاهرات التي كانت من خارج العاصمة طهران، وشارك فيها أعداد من الشباب وأفراد الطبقة العاملة، بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، والصعوبات الاقتصادية المستمرة، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب.
وعلى العكس من تلك الاحتجاجات، قاد مظاهرات 2009 الطبقة المتوسطة والإصلاحيون في طهران، الذين لم يشاركوا في الاحتجاجات الأخيرة، التي على الرغم من انتشارها إلى مدن أخرى لم تشارك فيها مجموعات اجتماعية متنوعة هامة، مما جعل من السهل على النظام عزل المتظاهرين.
ويقول الموقع، خلال ثورات الربيع العربي، فإن تعبئة وحشد مختلف الفئات الاجتماعية، وخاصة الطبقة المتوسطة والعاملة كان عاملًا أساسيًا في ظهور الثورات الشعبية بتونس ومصر.
ويتابع، بالنظر إلى المظاهرات الأخيرة في إيران، نجد أنهم كانوا غير منظمين ولم يكن لديهم هدفًا واضحًا أو قيادة صريحة، مما جعل استمرارها أمر لا يمكن تحمله، على عكس مظاهرات 2009 التي كانت تتمتع بقيادة منظمة واستراتيجية وأهداف واضحة، وأيضًا كانت هناك تقارير تفيد باندلاع أعمال شغب وإضرار بالممتلكات العامة في المظاهرات، وبالنسبة لكثير من النشطاء، فإن فشل المتظاهرين في الحفاظ على المظاهرات السلمية، سمح للحكومة بتبرير استخدامها للقمع وأبعد من كان ينوون الاشتراك في التظاهرات.
نشر النظام الإيراني استراتيجية محددة تهدف إلى التقليل من المتظاهرين، في رد فعل مشابه لما تم في مظاهرات 2009، حيث قللوا باستمرار من العدد الدقيق للمتظاهرين الذين منعوا الآخرين من الانضمام إليها، وادّعى الحرس الثوري الإيراني أن عدد المتظاهرين 15 ألف فقط، فيما قال وزير الداخلية إنهم 42 ألف متظاهر، ومن الصعب للغاية التأكد من أي أعداد أخرى، وتزامن هذا مع مظاهرات مؤيدة للنظام، وهي الاستراتيجية التي دأب النظام على العمل بها، وتم استخدامها في فنزويلا أيضًا لتعزيز شرعية الحكومة.
ولم يكتفِ النظام الإيراني بهذا فقط، بل أيضًا هدد المتظاهرين بالاعتقال ومواجهة القمع، وهذا يزيد من الفاتورة التي يدفعها المشاركون في الاحتجاجات، وتم اعتقال 500 شخص على الأقل ومقتل 21 آخرين، وبالإضافة لتلك التهديدات فقد منع النظام مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسية مثل "انستجرام وتيليجرام" والتي لعبت دورًا رئيسيًا في انتفاضة 2009.
وكما حدث في 2009، ألقى النظام باللوم في تلك المظاهرات على التدخل الخارجي، خاصة من قِبل الولايات المتحدة، في محاولة صريحة للتقليل من المتظاهرين، وإبعاد الأنظار عن المشاكل الداخلية التي تواجه إيران.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: