إعلان

احتجاجات إيران ـ "حذر" أوروبي و"اندفاع" أمريكي

12:10 م الجمعة 05 يناير 2018

.

برلين (دويتشه فيله)

عرفت إيران عام 2009 موجة احتجاجات عنيفة، قُوبلت بالقمع آنذاك. واليوم تختلف مواقف ساسة العالم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة بين الدعوة إلى تغيير النظام ودعم المتظاهرين وبين التحفظ والدعوة إلى ضبط النفس.

يمكن النظر إلى الاحتجاجات في إيران على عدة مستويات: الانطلاق كان من الشارع، كما أن هناك الآن أيضاً مظاهرات مؤيدة للنظام، بالإضافة إلى الصراع بين مختلف مراكز السلطة في المؤسسة السياسية الإيرانية. وتلعب الاحتجاجات دوراً خارج إيران أيضاً، إذ يتم التصدي لردة الفعل المناسبة على ما يجري. بينما لا تزال هناك مخاوف في المنطقة بشأن تقوية المتشددين في طهران عن غير قصد وإضعاف القوى الأكثر اعتدالاً.

ويتعدى إظهار التعاطف مع المتظاهرين وتفهم مطالبهم ، إلى وضوح المواقف المختلفة لأوروبا والولايات المتحدة في التعامل مع إيران من جديد. إذ كان موقف الإدارة الأمريكية واضحاً من خلال دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال تغريدة له على تويتر في يوم السنة الجديدة بوضوح إلى تغيير النظام.

بيد أن الخبيرة الأمنية الأمريكية أريان طباطبائي من جامعة جورجتاون فى واشنطن تعتقد أن هذا الأمر غير مثمر. فقد دعت في مقابلة مع DW إلى نهج مدروس: "يجب أن ندعو إيران إلى احترام حق الناس في التجمع، من دون اقتراح نهج معين ".

كما حذر مسؤول السياسية الخارجية في الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني نوربرت روتغن من أن التصريحات غير الحذرة يمكن أن تعزز رواية القيادة الإيرانية التي تقول بأن هذه الاحتجاجات تقاد من الخارج. في الواقع قد وظف المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي يوم الثلاثاء الماضي هذا الجانب ووصف الاحتجاجات على أنها "مؤامرة من أعداء إيران".

ليس خامنئي فحسب، بل تحدث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل للاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران. ونقلت شبكة سي إن إن التركية عنه قوله إن أنقرة تعارض أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في إيران.

ظل التدخل الماضي

وتجد مزاعم هذا التدخل أرضاً خصبة في إيران، إذ لايزال العديد من الإيرانيين يذكرون دور المخابرات الأمريكية CIA في إسقاط أول رئيس وزراء منتخب ديموقراطياً، محمد مصدق في عام 1953 وعودة الشاه الذي امتد حكمه الديكتاتوري بعدها لربع قرن. وفي الذكرى الستين للانقلاب والتي صادفت عام 2013، نشرت الولايات المتحدة الأمريكية وثائق سرية. وإلى جانب هذا الرهان التاريخي: جعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أول سنة له كرئيس، من معارضة إيران المبدأ الرئيس في سياسته تجاه الشرق الأوسط.

ويرى مسؤول السياسة الخارجية في الحزب الديمقراطي المسيحي روتغن أن ترامب فقد مصداقيته في إيران ويرجع ذلك إلى "محاولاته المستمرة لتعبئة العالم العربي السني ضد طهران". وعلى النقيض من ذلك حافظت أوروبا وألمانيا على مصداقيتهما حسب رونغن الذي يضيف قائلا: "نحن نؤيد الاتفاق النووي والذي يأمل منه الشعب الإيراني آفاقاً اقتصادية، أي من خلال تخفيف العقوبات المفروضة على بلده، ولهذا السبب فنحن لدينا مصداقية مختلفة تماماً والتي يجب أن نوظفها - ولكن في حدود واقعية".

"موقف أوروبا متحفظ"

وبقي موقف أوروبا من الاحتجاجات في إيران حذراً حتى الآن. ودعت الممثل الأعلى للشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني الحكومة في طهران إلى "احترام حرية التجمع والتعبير". وقالت موغريني إن "الاتحاد الأوروبي يراقب عن كثب الاحتجاجات المتواصلة في إيران وتزايد العنف والخسائر غير المقبولة في الأرواح". وتعد حرية التجمع والتعبير حقوقا أساسية يجب ضمانها في كل بلد من دون استثناء . كما دعت موغريني أيضاً جميع الأطراف إلى الامتناع عن العنف.

موقف برلين من الاحتجاجات كان مشابهاً، حيث قالت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية أولريكه ديمير: "تتابع الحكومة الألمانية التطورات في إيران بقلق، خصوصا التقارير حول أعداد القتلى والمعتقلين". يجب أن يكون رد الحكومة الإيرانية على الاحتجاجات هو" الاستعداد للحوار". فبرلين ترى أن "من المشروع أن يعبر الناس بشجاعة عن مطالبهم الاقتصادية والسياسية للرأي العام، كما يحدث حالياً في إيران". وفي حالة استغل بعض المتظاهرين الاحتجاجات وحولوها إلى أعمال عنف، فإنه يجب على الدولة الإيرانية أن تتعامل مع ذلك بشكل مناسب وبوسائل قانونية.

بدوره دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران في اتصال هاتفي له مع الرئيس الإيراني حسن روحاني. وفي الوقت نفسه، ألغى ماكرون الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها هذا الأسبوع وزير خارجيته جان ايف لو دريان إلى طهران.

وانتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو موقف أوروبا "المتحفظ" من الاحتجاجات في إيران خلال مقطع فيديو وقال فيه إن" العديد من الحكومات الأوروبية ستراقب في صمت ما يجري في إيران، بينما يتعرض الإيرانيون الأبطال للضرب في الشوارع". وربط رئيس الوزراء الإسرائيلي دعمه للاحتجاجات بانتقادات حادة للنظام في طهران "يطالب الإيرانيون الشجعان بالعدالة، ويطالبون بالحريات الأساسية التي حُرموا منها منذ عقود".

شكوك حول مستقبل الاتفاق النووي

في الوقت نفسه تدعو الولايات المتحدة الأمريكية إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي في نيويورك. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي في نيويورك "يجب على الأمم المتحدة قول رأيها". وقالت هالي إنه يتعين على مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف حل مشكلة الاعتقالات وخسارة الأرواح بسبب الاحتجاجات في ايران.

في الأسبوع المقبل، يمكن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاستمرار في الضغط على إيران: ولا يزال التصديق على خطة العمل الشاملة للاتفاق النووي للكونغرس معلقاً إلى 10 يناير. وكان ترامب قد رفض فعلياً هذا التصديق في أكتوبر من العام الماضي. وأعطى بعد ذلك الكونغرس 60 يوماً مهلة على إعادة فرض العقوبات على إيران. وحتى بسبب الضغط الشديد من الأوروبيين، لم يفعل الكونغرس شيئاً، ليظل الاتفاق ساريا. بيد أن الجو السياسي هذه المرة لا يتناسب تماما مع بقاء الاتفاق النووي.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان