إلى أين يتجه بوتين بعد إعلان الانتصار في دمشق؟
كتب – محمد الصباغ:
تبدأ الحرب الأهلية السورية عامها السابع في 2018، مع مقتل 400 ألف شخص ونزوح ما يزيد عن 12 مليون آخرين. وعلى الرغم من الهزيمة العسكرية لتنظيم داعش الإرهابي في مدينة الرقة، لا يسيطر فصيل واحد على الدولة، ومن الصعب وضع آمال على انتهاء المأساة في وقت قريب.
ونشر بافل باييف، المحلل بمعهد بروكينجز للتحليلات السياسية في واشنطن، تحليلا بموقع المركز على الإنترنت اليوم الإثنين أشار فيه إلى أنه على الرغم من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الشهر الماضي النصر في سوريا، إلا أنه ليس بقريب أساسًا من تعريف "الانتصار" وضمان بقاء نظام بشار الأسد.
وأمر بوتين بانسحاب مجموعة أساسية من القوات العسكرية في سوريا، حيث عادت 38 طائرة وبعض الوحدات إلى موسكو.
وأشار تقرير بروكينجز إلى أن روسيا تبقى عالقة في الفخ السوري، و أنه في أفضل الأحوال نجاحها الظاهري سيتلاشى تدريجيًا ليتحول إلى ورطة. في حين ان الخيارات السيئة، بحسب التقرير تبدو كثيرة ومتنوعة، وأسوأ السيناريوهات هو السقوط المفاجئ لنظام الأسد الذي يبدو غير منطقي.
وعقب زيارة الخاطفة لبوتين إلى سوريا في ديسمبر، استمرت الطائرات في عمليات القصف، وتستهدف بشكل أساسي المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة. وفي الواقع، كانت أحد أخطر الحوادث بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا جرت بين مقاتلات جوية تابعة للدولتين في أجواء نهر الفرات في 13 ديسمبر الماضي.
ويخشى المواطنون العاديون في روسيا من تراجع الأجور والمشاكل الاقتصادية العميقة في دولتهم. ولفت تقرير معهد بروكينجز إلى أن بوتين لم يذكر أي من ذلك خلال مؤتمره الصحفي الشهري في 14 ديسمبر الماضي، بل كان أغلب الحديث عن سوريا.
وأضاف أن الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني يعتبران أن نصر بوتين "المزعوم" في الشهر الماضي كان غير مضمون، بالأول يعتبر الانتصار أمر واقع بهزيمة وحدات حماية الشعب الكردية، بينما روحاني يرى أن النصر يتحقق بانسحاب كامل للقوات الأمريكية من سوريا. ولم يحدث أي من الأمرين السابقين.
يتابع التحليل أنه من المحتمل أن بوتين أراد ببساطة أن يهزم الآخرين إلى إعلان النصر، على الرغم من الوضع الغامض. وكانت بغداد أقامت عرضًا عسريًا في العاشر من ديسمبر احتفالا بالانتصار على تنظيم داعش في العراق، وكان إيذنًا بنهاية أولى خطواتها الاستراتيجية الأمنية، وتوقع الكريملن أن المهمة انتهت في سوريا والعراق. بالفعل خسرت الخلافة المزعومة معظم المدن والمناطق التي في العراق وسوريا، وفي الأخيرة خسرت فيها داعش الأراضي لصالح قوات الحكومة السورية، ما جعل الرئيس بوتين يراها لحظة مناسبة لإعلان النصر المزعوم.
وبالنظر إلى أهداف سوريا قبل اشتراكها في الحرب السورية، فقد تحقق جزء منها ولم يتحقق الآخر. فبحسب التحليل للمعهد الأمريكي، رغبت موسكو في الإبقاء على حليفها بشار الأسد في السلطة، بجانب إحكام سيطرته على كافة الأراضي السورية.
تحقق الهدف الأول إلى الآن، بينما الثاني لم تصل إليه حيث تسيطر قوات مستقلة كردية على أجزاء من الدولة السورية، كما أن محافظة إدلب في أيدي مجموعة من المعارضين من فصائل مختلفة، وأيضًا مناطق خفض التصعيد في جنوب درعا هي بعيدة عن قبضة القوات الحكومية.
مع الاحتفال بالقوات الروسية العائدة من سوريا، تخشى وزارة الدفاع الروسية من تبعات الانسحاب الجزئي، والذي يجعل موقف القوات المتبقية أضعف. وأضاف التحليل أن المليشيات الشيعية التي تدربها إيران أكثر أهمية الآن من حيث ضمان قبضة الأسد على السلطة مقارنة بالدعم الروسي للجيش السوري.
وهنا يتعارض تمدد النفوذ الإيراني مع الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة. وفي الوقت نفسه تسعى موسكو لأن تكون مفيدة في خطوات ترامب المحتملة لكن أيضًا تعمل على تأكيد ضمان استمرار وضع طهران.
وبحسب التحليل، فقد استخدم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كل "النفاق" من أجل محاولة توضيح أن بلاده مع أمريكا في السعي نحو إبعاد كل الفصائل المسلحة غير السورية خارج سوريا، بجانب إبعاد أي قوات إيرانية عن هضبة الجولان.
هذا الغموض لا تقبله إسرائيل، والتي زادت من ضرباتها الجوية ضد أهداف إيرانية في سوريا. وتوقفت روسيا عن إدانة هذه الضربات، مع محاولة بوتين لصنع علاقات مثمرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويرى التقرير أنه من الطبيعي ألا يمتلك خطة فعالة لمواجهة هذا التعقيد، والفوضى في سوريا. ولكنه ربما بدأ في ترويض بعض المجموعات المعارضة.
وأضاف التقرير أن أنقرة وطهران تتشككان في نوايا موسكو الحقيقية بشأن مطالبهما حول الأكراد وإسرائيل، ولا يمكن لبوتين أن يبعد هذه الشكوك.
فيديو قد يعجبك: