إيكونوميست: بعد عام على انطلاقها.. ماذا حققت "أنا أيضًا"؟
كتب - هشام عبد الخالق:
منذ عام مضى، فُضح المنتج السينمائي هارفي وينستون ووُصف بأنه "معتدي جنسيًا"، وحتى ذلك الوقت كانت معاملته مع النساء سرًا تقتصر معرفته على العاملين في مجال صناعة السينما والمحامين والصحفيين، وكان ما حمى وينستون هو الافتراض الخاطئ بأن الرجال ذوو السلطة يستطيعون تطبيق قوانينهم الخاصة.
ولكن خلال العام الماضي كُسر هذا الافتراض تمامًا، وقوبل هذا برد فعل مريح حول العالم، وأصبح بالإمكان إخراج الرجال ذوو السلطة من مناصبهم، وهذا ليس في الولايات المتحدة فقط، ومن الممكن أن تنخفض فرص المرشح بريت كافانو في الحصول على مقعد بالمحكمة الأمريكية العليا بسبب مجموعة من الاتهامات بالاعتداء الجنسي منذ عدة عقود، وأصبح ما بدأ على أريكة تصوير في عهد وينستون الآن في قاعة المحكمة العليا.
وتقول مجلة "إيكونوميست" البريطانية، في تقرير لها بنسختها المبطوعة لهذا الأسبوع: "لا يزال منصب كافانو في المحكمة العليا وحركة )أنا أيضًا( معلقتين في الهواء حتى الآن، وانتشر الأمر في الولايات المتحدة وكان لها التأثير الأكبر في تلك الدولة، ولمعرفة أسباب هذا، يجب عليكم النظر إلى قضية كافانو، والخبر الجيد هنا أن الميل للتغيير موجود وعميق، والخبر السيء أن تعدي الرجال على النساء يتجه الآن للغدو معركة كبرى في جميع النواحي الثقافية في الولايات المتحدة".
وتضيف المجلة، بفضل حركة "أنا أيضًا"، أصبح يُنظر إلى شهادات النساء في قضايا الاعتداء الجنسي بشكل أكثر جدية، ولم يكن هذا الحال في الماضي، فعندما كانت تهم امرأة بالاعتراف بتعدي رجل عليها، كان يُلقى اللوم عليها.
قضية كافانو حتى الآن لم تشهد أي تشكيك في أخلاق الطبيبة التي تتهمه بمحاولة الاعتداء الجنسي كريستين فورد، ولكن هذا ليس بسبب أخلاق فريق الدفاع لدى كافانو، ولكن بسبب أن الناخبين الأمريكيين لن يجدوا هذا مقبولًا في 2018.
أصبح الاعتداء الجنسي يؤخذ بشكل أكثر جدية، فهذا الأسبوع تم حبس الممثل بيل كوسبي لكونه معتدى جنسيًا، وبفضل حركة "أنا أيضًا"، أصبح بإمكان النساء والسيدات العاملات في كل مكان الإبلاغ عن حوادث الاعتداء الجنسي التي يتعرضن لها ومعاقبة المعتدين.
وتعكس هذه التحولات تغيرًا اجتماعيًا واضحًا، فقبل 2016 طلبت 920 امرأة فقط مساعدة شركة "قائمة إيميلي" - التي كانت مهمتها التوعية بأهمية انتخاب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وكذلك انتخاب النساء الأخريات في مجالات مختلفة- ولكن هذا الرقم ارتفع بعد انتخاب دونالد ترامب ليصبح 42000 امرأة.
أحد المخاوف هنا، بحسب المجلة، هو أنه قد تكون هناك فجوة بين خطاب الشركة (قائمة إيميلي) والواقع، وآخر هو عدم اليقين حول ما يمكن استخدامه كدليل، هذا يكون بسبب أن الدليل على حدوث سوء معاملة غالبًا ما يكون شيئًا حدث خلف الأبواب المغلقة، وفي الغالب منذ فترة طويلة.
تحقيق التوازن بين المُدعي والمُدعى عليه صعب للغاية، وكان لبريت كافانو الحق في أن يُسمع بشكل كامل مثل كريستين فورد التي تتهمه بالاعتداء عليها، وفي هذه القضية أصبحت سمعة كافانو على المحك، وكذلك سمعة المحكمة العليا، وعند تقييم هذه الإدعاءات المتعارضة، يجب أن يكون دليل الإثبات معقولًا.
كافانو هنا لا يواجه محاكمة قد تكلفه حريته، ولكن مقابلة للحصول على منصب قاضي بالمحكمة العليا، ولا يجب التسرع في إصدار أحكام على أي من كافانو أو فورد.
أصبحت حركة "أنا أيضًا" مثالًا أيضًا للتحزب أو الانتماء لحزب دون آخر، وأظهر استطلاع حديث لمركز بيو للأبحاث واستطلاعات الرأي، أن 39% من النساء الجمهوريات يعتقدن أن هروب الرجال من المضايقات والاعتداءات الجنسية مشكلة، بالمقارنة بـ 66% من الديمقراطيات، فيما يعتقد 21% من الرجال الجمهوريين أن عدم تصديق النساء في تلك القضايا يمثل مشكلة، مقارنة بـ 56% من الرجال الديمقراطيين.
ومن المتوقع، حسبما تذكر المجلة، أن يؤدي التحقيق مع كافانو - بغض النظر عن نتيجة قبوله في المنصب أم لا - إلى توسيع هذا الخلاف بين الحزبين.
وتضيف المجلة، إذا ما أصبحت حركة "أنا أيضًا" يتبعها الديميقراطيون فقط، فسوف تتراجع هذه الحركة للوراء، وهذا سيدفع بعض الرجال لتبرير سلوكياتهم على أنها تشجيع لليسار ضد الجمهوريين، وسيصبح من الصعب الحصول على أدلة، أو تحقيق العدالة أو إعادة تأهيل المتضررين نفسيًا من تلك الاعتداءات.
يتطلب الأمر أكثر من عشر سنوات لتغيير مفاهيم السلوك الاجتماعي، ولم يمض على حركة "أنا أيضًا" سوى عام واحد، وهي لا تتمحور حول الجنس بقدر ما تتمحور حول السُلطة واستغلالها، وكيف يمكن محاسبة المسؤولين في حالة سوء استغلال السلطة، ومما لا شك فيه أن الحركة "أنا أيضًا" سوف تتحول إلى نقاشات حول غياب النساء من المناصب الكبرى في الشركات، والفجوة في متوسط الدخل بين العمال الذكور والإناث، وسيكون في هذا حماية للنساء في مقتبل حياتهن العملية وأنهن سيجدن في بيئة العمل نساء أخريات يحافظن على تلك البيئة.
وتضيف المجلة في ختام تقريرها: "غالبًا ما ينتقد المحافظون هوليوود ويلقوا عليها باللوم في تقويض الأخلاق، ولكن هوليوود دعت مؤخرًا - عن غير قصد - لتعزيز المساواة، ومن الممكن أن تتحول هذه الحركة لتصبح أقوى حركة للمساواة بين الرجل والمرأة منذ حق المرأة في التصويت".
فيديو قد يعجبك: