الجارديان: استفتاء مقدونيا .. انتصار جديد لبوتين وخسارة للاتحاد الأوروبي والناتو
لندن (أ ش أ)
ذكرت صحيفة (الجارديان) البريطانية، اليوم الاثنين، أن إخفاق الناخبين المقدونيين في تغيير اسم بلدهم في الاستفتاء الذي أُجري أمس الأحد، قد يبدو للوهلة الأولى شأنا داخليا بحتا لكنه في واقع الأمر يعد انتصارا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخسارة أخرى للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي (ناتو).
وقالت الصحيفة إن نتيجة هذا الاستفتاء تعكس قدرة روسيا وإصرارها على التأثير على العمليات الديمقراطية موضحة أن مسؤولين غربيين حذروا قبيل الاستفتاء من أن موسكو تعمل على خفض نسبة المشاركة فيه بهدف إفشاله وهو ما حدث بالفعل إذ لم تتجاوز نسبة الإقبال 36% رغم أن أكثر من 90% من الذين شاركوا في الاستفتاء أبدوا تأييدهم لتغيير اسم بلدهم إلى مقدونيا الشمالية بما يفسح المجال لانضمام جمهوريتهم الضعيفة اقتصاديا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
وأوضحت الصحيفة أنه كان ينبغي ألا تقل نسبة المشاركة عن 50% حتى يُحال الاستفتاء إلى البرلمان حيث كان سيواجه رئيس الوزراء زوران زاييف مقاومة عنيفة من القوميين.
ويقول محللون غربيون إن زيادة عدم الاستقرار والانقسامات جاءت مواتية للخطة الروسية موضحين أن هذا الاستفتاء لو كان كلل بالنجاح لسوى خلافا مع اليونان طالما حال دون انضمام مقدونيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
وقالت الصحيفة إن روسيا تبدو عازمة على منع توسع النفوذ الغربي في دول أخرى في منطقة غرب البلقان وتحديدا صربيا وكوسوفو والجبل الأسود.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا انتهجت في مقدونيا نفس الأسلوب الذي انتهجته في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة من حملات لنشر معلومات مغلوطة وحروب الكترونية وتسلل ونشر حسابات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر وحتى دفع الأموال سرا.
وقالت الصحيفة إن روسيا تنفي التدخل لكن مسؤولين غربيين يرون أنه في الشهر الأخير كان يتم رصد 40 منشورا يوميا على موقع فيسبوك يُشجع على مقاطعة الاستفتاء وأحد هذه المنشورات كان موجها للمقدونيين ويسألهم "هل ستتركون الألبان يغيرون اسماءكم" في محاولة واضحة لإزكاء التوتر مع الأقلية الألبانية في مقدونيا ذات الغلبية السلافية.
وقالت الصحيفة إنه في واقعة أخرى خاض مشجعون لكرة القدم، يعارضون تغيير اسم بلادهم، معركة مع الشرطة في العاصمة سكوبيا واعترف بعضهم فيما بعد بأنهم تلقوا أموالا من شخصيات غامضة بهدف إثارة المشاكل.
وقال رئيس الوزراء المقدوني إنه تلقى تقارير عديدة تفيد بأن رجال أعمال يونانيين يتبنون القضية الروسية دفعوا أموالا للجماعات القومية اليمينية تقدر بنحو 21 ألف دولار مقابل قيامها بأعمال عنف وصدق على قوله وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الذي أعلن خلال زيارة لسكوبيا أنه "دون شك حولوا (أي الروس) أموالا وينفذون حملات أوسع للتأثير".
وقالت الصحيفة إن محاولة ماتيس لدفع التصويت "بنعم" في الاستفتاء صاحبها تمويل من الكونجرس قدره 8 ملايين دولار وزيارات متعاقبة على مقدونيا من قبل المستشارة الألمانية ميركل وأمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرج ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأمر بدا وكأنه سعي من هذه الدول للتأكيد للمقدونيين أن مستقبل أمنهم وازدهارهم أفضل بالانضمام مع الغرب لكن على الأرض كانت روسيا هي المتفوقة والأفضل تفكيرا وتمويلا ومناورة.
وربط ماتيس الأحداث في مقدونيا بتدخل روسيا في السابق في عمليات التصويت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا وقال " لا نريد أن نرى روسيا تفعل في مقدونيا ما حاولت فعله في العديد من الدول الأخرى". وقال ينس ستولتنبرج "لطالما رأينا روسيا تحاول التدخل في العمليات الديمقراطية في المنطقة لسنوات كثيرة".
وقالت الصحيفة إن تدخل روسيا امتد إلى شمال اليونان حيث تم طرد أربعة دبلوماسيين في يوليو لمحاولتهم إزكاء المشاعر المناهضة لمقدونيا في ثيسالونيكي. وفي عام 2016 اتهمت موسكو بمحاولة دفع انقلاب في جمهورية الجبل الأسود لمنعها من الانضمام إلى الناتو.
وأشارت الصحيفة إلى أن حملة التدخل الروسي في مقدونيا استغلت مشاعر التيار اليميني الشعبوي ورؤيتهم للاتحاد الأوروبي كتكتل متعجرف ومتغطرس.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: