نظرة قانونية ودبلوماسية في أزمة خاشفجي: من يعاقب الجاني؟
كتب - محمد الصباغ:
بدأت أزمة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي تأخذ مسارات جديدة مع اتفاق المملكة العربية السعودية وتركيا على السماح للمحققين الأتراك دخول قنصلية المملكة في إسطنبول وتفتيشها، وذلك كجزء من تحقيقات بدأتها أنقرة من أجل الوصول لحقيقة المزاعم حول مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده.
واختفى الصحفي السعودي في الثاني من أكتوبر الجاري، بعد دخوله قنصلية بلاده في اسطنبول، من أجل إجراء بعض المعاملات الورقية. وزعم مسؤولون أتراك أنه قُتل داخل القنصلية، وتنفي السعودية ذلك تمامًا.
وصرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في حوار بعد اختفاء خاشقجي مع شبكة بلومبرج، بأن الصحفي الذي تنشر مقالاته في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، دخل السفارة وخرج منها بالفعل.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فقد غادر القنصل السعودي في اسطنبول محمد العتيبي تركيا، الثلاثاء، قبل ساعات من تفتيش محل إقامته على يد مجموعة العمل التركية السعودية المشتركة بشأن التحقيق في اختفاء خاشقجي.
"إبداء حسن النية"
تنظم اتفاقية فيينا العلاقات القنصلية بين الدول والموقعة عام 1963، وتمنع إلا في حالة واحدة أن يتم تفتيش القنصليات بواسطة سلطات الدولة المستضيفة.
وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الإجراءات التركية بتفتيش مقر القنصلية السعودية في إسطنبول، ومنزل القنصل السعودي بالمدينة التركية، جاءت بالتراضي وتعد "تنازلا سعوديًا كبيرًا جدا" من أجل إثبات حسن نيتهم في أزمة اختفاء الصحفي جمال خاشقجي.
وأضاف بيومي في اتصال هاتفي مع مصراوي، الثلاثاء، أنه لا يمكن وفق الأعراف الدبلوماسية تفتيش مبنى القنصلية السعودية من قبل السلطات التركية، إلا في حالة موافقة وتنازل السعودية عن حقها وهو ما حدث بالفعل.
وأضاف أنه لا يمكن وفق الأعراف الدبلوماسية تفتيش مبنى قنصلية أو سفارة من جانب الدولة المستضيفة، إلا في حالة موافقة وتنازل الأخيرة عن حقها في ذلك.
وأوضح الدبلوماسي السابق أن الحالة الوحيدة التي يمكن أن تقتحم فيها دولة مقر سفارة أو قنصلية لدولة أخرى، أن يكون لديهم "يقين" بأن هناك جريمة ارتكبت بداخلها.
وكانت المفوضة العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ميشال باشليه، طالبت برفع الحصانة عن مسؤولين سعوديين قد يكونون متورطين في اختفاء خاشقجي.
وقالت باشليه، في بيان نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "أعتقد أن الحصانة الممنوحة إلى مسؤولين محليين أو موظفين معنيين بمعاهدة فيينا حول العلاقات القنصلية المبرمة في العام 1963، يجب أن ترفع فورًا".
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن، الثلاثاء، أمام الصحفيين في أنقرة، أن التحقيق في اختفاء خاشقجي "يبحث في أشياء كثيرة مثل المواد السامة والمواد التي تتم إزالتها من خلال إعادة طلائها".
كما قال مصدر تركي وصفته وكالة أسوشيتد برس برفيع المستوى، إن الشرطة عثرت على أدلة، أثناء عملية بحثهم في القنصلية السعودية، تؤكد أن الصحفي جمال خاشقجي قد قُتل هناك، فيما زعم مسؤول تركي آخر تركي لشبكة "سي إن إن" الأمريكية في نسختها الإنجليزية، اليوم الثلاثاء، إن جثة خاشقجي قُطعت بعد أن قُتل قبل أسبوعين، داخل القنصلية السعودية باسطنبول.
وبحسب مصدر قانوني، فإنه إذا ارتُكبت جريمة داخل سفارة أو قنصلية فإن البلد الذي يحتضن البعثة الدبلوماسية هي من تحقق في الجريمة وتحاكم المتهمين وفقًا لقوانينها.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه لمصراوي أنه إذا استطاع المتهمون الخروج من الدولة التي تحتضن القنصلية إلى أي مكان في العالم، فهنا تقع مسؤولية محاكمتهم على دولتهم التي يحملون جنسيتها.
ماذا تقول اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية؟
ويخضع هذا الأمر إلى اتفاقية فيينا المنظمة للعلاقات القنصلية بين الدول والموقعة عام 1963، وتنص على ضرورة حماية الدولة المستضيفة البعثة القنصلية وحماية أفرادها ومنع أي هجوم ضد أشخاصهم أو حريتهم أو كرامتهم.
وبقراءة المادة 41 من الاتفاقية، نجد أن فقرتها الأولى تنص على أن أفراد البعثات القنصلية لا يمكن القبض عليهم من الدولة المستضيفة أو احتجازهم انتظارا لمحاكمة، عدا في حالة ارتكاب جريمة "جسيمة" ويكون ذلك بقرار من السلطات القضائية المختصة.
كما نصت الفقرة الثانية من تلك المادة على أنه فيما عدا الحالة المذكورة سابقًا، لا يمكن سجنهم أو تقييد حريتهم بأي شكل إلا لتنفيذ حكما قضائيا نهائيًا.
في حال تطور الأمر إلى حد القبض على فرد من بعثة القنصلية داخل الدولة المستضيفة أو احتجازه في انتظار محاكمة، أو بدأت إجراءات جنائية ضده، فإن الدولة المستضيفة عليها إبلاغ رئيس البعثة بالأمر بشكل سريع، أما إذا كان رئيس البعثة هو المتورط، فحينها على الدولة المستضيفة التواصل بالطرق الدبلوماسية مع الدولة التي تنتمي إليها البعثة.
فيديو قد يعجبك: