ناشيونال إنترست: ما مخاطر "الناتو العربي" الذي دعا إليه ترامب؟
كتب - هشام عبد الخالق:
"لا يحبذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ولكنه يريد إنشاء تحالف عربي (ناتو جديد) لمواجهة إيران".
كانت تلك مقدمة تقرير في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكي، التي وصفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها في حالة فوضى وتفتقر للقوة العسكرية اللازمة، ولا تستطيع تهديد الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال.
وتقول المجلة، إن الطريقة الوحيدة التي من الممكن إنجاح مثل هذا التحالف بها، هو أن تعمل الولايات المتحدة على "تخويف" الأعضاء الآخرين لقبول سيطرة وقيادة المملكة.
والأكثر من ذلك، بحسب المجلة، أن قدرات طهران العكسرية ضئيلة للغاية مقارنة بترسانة الأسلحة النووية الإسرائيلية، وكذلك بمقدار الأسلحة التي تشتريها السعودية والإمارات.
التحالف العربي الذي يريد ترامب إنشائه ستتولى السعودية قيادته، وهي الدولة التي انتقدها ترامب في حملته الانتخابية لاستغلالها الولايات المتحدة.
استضاف وزير الخارجية مايك بومبيو - في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير - الأعضاء المحتملين، وناقش نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي تيم ليندركينج الفكرة في دول الخليج، وإذا ما سارت الأمور على ما يرام، سيتم الإعلان عن التحالف في قمة تعقد بالولايات المتحدة في يناير المقبل.
وتقول المجلة، إن حلف شمال الأطلسي (الناتو الأصلي) كان ذو فائدة بعد الحرب العالمية الثانية وأثناء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وأمريكا، ولكن الآن، حتى الدول التي يمكن أن تهددها روسيا، تنفق 2% فقط من ناتجها الإجمالي على الجانب العسكري لديها، وتتوقع أن تنقذها الولايات المتحدة في آخر لحظة إذا ما نشبت حرب بينها وبين روسيا.
التحالف العربي المزمع إقامته، سيكون من شأنه زيادة العوائق التي تواجه الناتو الأصلي، بحسب المجلة، وذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أن هذا التحالف سيكون بمثابة "حصن ضد الهجمات الإيرانية والإرهاب، والتطرف، وسيجلب الاستقرار للشرق الأوسط".
الخطر الثاني من تكوين "التحالف العربي"، بحسب المجلة، سيكون عدم وجود اتفاق بين الدول التي تتوقع واشنطن انضمامها للمنظمة، فالسعودية والإمارات تحاولان فرض سيطرتهما على الدول المجاورة، بعد إصرار السعودية على عزل الدوحة المجاورة، وأعلن ليندركينج أن "الصراع الداخلي بين دول الخليج يمثل عائقًا طويل الأمد أمام فكرة تكوين التحالف العربي".
ليندركينج، أعلن أن الخطر الرئيسي الذي تم تكوين هذا التحالف بسببه هو مواجهة إيران، ولكن في الوقت الذي تهدف فيه السعودية والإمارات للحصول على الدعم الأمريكي لمواجهة إيران، إلا أنهما تنشدان أيضًا السيطرة الإقليمية، في الوقت الذي أصبحت فيه البحرين غاضبة أيضًا من إيران بسبب دعمها للشيعة في المنامة ضد حكم آل خليفة.
الكويت وعمان وقطر، يعاملن إيران بتوازن ولا عداء واضح معها، ومصر لا تخشى إيران، وإيران قلقة بشأن مشاكلها الداخلية أكثر من قلقها حول طهران.
الطريقة الوحيدة التي من الممكن إنجاح مثل هذا التحالف بها، هو أن تعمل الولايات المتحدة على "تخويف" الأعضاء الآخرين لقبول سيطرة وقيادة المملكة، وستكون واشنطن الأكثر عرضة للتلاعب، والتي من المتوقع أن تدعم السعودية بغض النظر عن أفعالها.
وتقول المجلة، ستستغل السعودية والإمارات "التحالف العربي" لتقديم أهدافهما الخاصة وليست أهداف الولايات المتحدة أو الأعضاء الآخرين، وستحاولان استخدام هذا التحالف الذي تدعمه السعودية لتخويف جيرانهما من دول الخليج.
الخطر الثالث، أن الخليج العربي ليس ذو أهمية كبيرة لأمريكا، ولم يكن كذلك على الإطلاق، وخاصة بعد تعدد مصادر إمدادات الطاقة حول العالم، وأصبحت الولايات المتحدة أكبر منتج للطاقة في العالم.
أكبر المشكلات التي تمر بها دول المنطقة العربية داخلية، وكان سببها في الغالب الولايات المتحدة، وفي الواقع، بحسب المجلة، واشنطن هي أكبر سبب في زعزعة استقرار المنطقة بعد أن دمرت كلًا من العراق وليبيا، وحاولت قلب نظام الحكم في سوريا، وتدفع لمحاولة تغيير النظام في إيران، ولم تثر أي دولة في المنطقة نصف المشاكل التي سببتها الولايات المتحدة.
السبب الرابع لاعتبار التحالف العربي خطرًا - حسب ما ترى المجلة - هو أن إيران ليست في موقف يسمح لها بالسيطرة على الشرق الأوسط، فهي تواجه العديد من التحديات على المستوى المحلي، حيث يتطلع شبابها إلى الغرب بدلًا من الاقتداء بكبار رجالاتها، والاقتصاد الإيراني معزول بنسبة كبيرة وضعيف، أما الجيش فلم يتعافَ بعد من الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه عام 1979.
أنفقت طهران ما يقرب من 16 مليار دولار على المعدات العسكرية العام الماضي، فيما أنفقت كلًا من السعودية والإمارات 77 مليار و25 مليار دولار على الترتيب، ولا يسمح موقف الجمهورية الإيرانية بشن هجوم خاطف على جيرانها، بالغضافة إلى الدول البعيدة مثل مصر.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، اعترف فيما سبق بأن "إيران ليست منافسًا حقيقيًا للسعودية، فجيشها ليس من ضمن أقوى خمس جيوش في العالم الإسلامي، والاقتصاد السعودي أقوى من الاقتصاد الإيراني، وهي بعيدة كل البعد عن أن تصبح منافسًا للسعودية"، ويتساءل تقرير المجلة، بعد هذا الاعتراف لماذا تحتاج الرياض، التي اتهمها دونالد ترامب بالاعتماد العسكري على الولايات المتحدة، إلى التعهد الأمريكي للدفاع العسكري عنها رسميًا؟
وسيضع التحالف العربي - إذا ما تم إنشائه - الجيش الأمريكي تحت خدمة الدول العربية، وسيجعل اعتماد دول الخليج على جيش الولايات المتحدة رسميًا كحراسهم الشخصيين، وهذا بالطبع ليس لمصلحة الولايات المتحدة، حسبما ذكرت المجلة.
وكان لتدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على مدار عقود نتائج عكسية وكارثية، بحسيب المجلة، فواشنطن دمرت العراق وليبيا بالتدخل فيهما، وكذلك الحروب الأهلية في لبنان وسوريا لم تؤد إلى نتائج جيدة، حتى الدعم الذي تلقته إسرائيل من الولايات المتحدة أدى فقط إلى تصاعد العنف ضد الأمريكيين في إسرائيل وخارجها.
وتقول المجلة في ختام تقريرها: "هذا سجل كارثي للولايات المتحدة، وعلى الرغم من ذلك فقد يقوي الناتو العربي من استراتيجية واشنطن الفاشلة في الشرق الأوسط، ويجب على الولايات المتحدة أن تتراجع وتخلي مسؤوليتها عن الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي تحول فيه حلف الناتو الأصلي إلى ثقل كبير على كاهل أمريكا، يتحول التحالف الجديد في الشرق الأوسط من سيء إلى أسوأ".
فيديو قد يعجبك: