مذبحة بتسبرج توضح الانشقاق في السياسة الأمريكية
كتب - هشام عبد الخالق:
"تأتي الانتخابات النصفية الأمريكية، المقررة الشهر المقبل، دون أي شيئ جديد يميزها سوى حادثة القتل الجماعي التي شهدتها أمس السبت مدينة بتسبرج بولاية بنسلفانيا، مخلفة 11 قتيلاً"، بهذه المقدمة بدأت مجلة "ذي إيكونوميست" تقريرًا لها عن نتائج حادث إطلاق النار في المدينة الأمريكية.
وتقول المجلة إن "تلك الحادثة وقعت في دولة من دول العالم الأول ولكن معدل جرائم القتل باستخدام الأسلحة النارية بها يكاد يماثل نظيره في دول العالم الثالث، وأدى الحادث لتسييس الجريمة في الولايات المتحدة، حيث يدعو الحزب الجمهوري الذي يمثله الرئيس دونالد ترامب، إلى عدم فرض قوانين صارمة على ترخيص الأسلحة، في الوقت الذي يحاول فيه الديمقراطيون تضييق الخناق عليهم، وأدت إدارة دونالد ترامب لتعميق أزمة العنف التي تمر بها الولايات المتحدة".
وتضيف المجلة أن هذا كان في الغالب بسبب ترامب وتحريضه على إشعال تلك الأزمة، ولا توجد سابقة في تاريخ السياسيين البارزين أن قام رئيس بمثل هذا، واقترح ترامب من قبل أن يتم ضرب المحتجين الذي يعارضون مؤتمراته الانتخابية، ومدح المتطرفين البيض، وقلل من شأن المهاجرين واصفًا إياهم بـ "الحيوانات"، ووصف معارضيه السياسيين بالخونة، والصحفيين بأنهم "أعداء الشعب".
المدافعون عن الرئيس ترامب واليمين الغاضب الذي يتحدث لهم دائمًا لا يعني بالضرورة أن اليسار على حق أو لم يخطئ من قبل، حيث قام أحد مؤيدي السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز بإطلاق النار على أحد رجال الكونجرس الجمهوريين العام الماضي، ولكن من يزعم أن هناك توازن بين اليسار واليمين في هذه القضية ليس ملمًا بالحرب التي تندلع بينهما، وكان آخر مثال على ذلك أحد أبرز المؤيدين لترامب وهو سيزار سايوك الذي أرسل 14 طردًا مفخخًا بالبريد إلى معارضين للرئيس.
وكان من ضمن من تم إرسال الطرود المفخخة إليهم، الرئيس السابق باراك أوباما، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، وشبكة "سي إن إن"، ومدير المخابرات المركزية السابق جون برينان، وقبل أن يتم اعتقال سايوك شكك ترامب في وجود مؤامرة من الأساس، وكتب على تويتر أنه محض خيال يهدف لإيذاء الجمهوريين قبل الانتخابات النصفية، وبعد القبض عليه واكتشاف أنه أحد مؤيدي الرئيس، أنكر ترامب أن يكون ارتكب أي شيئ خطأ.
المهاجم الذي قتل 11 شخصًا أمس في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، لم يكن من مؤيدي الرئيس، لذا فهو لا يتحمل مسؤولية هذا الهجوم، ولكن ردود فعله بعد الهجوم تكشف الكثير، فمن المفترض أن يكون الرئيس مثالًا يقتدى به ليس فقط من الناحية السياسية ولكن من الناحية الأخلاقية أيضًا، ولكن ما قام به تجاه هذا الهجوم لا يدل على ذلك.
كان أول رد فعل لترامب على الهجوم الدامي، بحسب المجلة، محاولة استغلال هذا لصالحه من الناحية السياسية، حيث قال للصحفيين: "إذا توفرت لهم بعض الحماية داخل الكنيس اليهودي، كان سيكون الأمر مختلفًا"، ولكن كان من ضمن الجرحى أربعة رجال شرطة.
وتقول المجلة في ختام تقريرها: "ترامب لم يكن ملهمًا لتلك الجريمة الكريهة في بتسبرج، ولكنه لا يوفر أملاً على إمكانية تجنب مثل تلك الكوارث في المستقبل".
فيديو قد يعجبك: