بين "الاحتجاز" و"القتل".. روايات متضاربة حول اختفاء جمال خاشقجي
كتبت- رنا أسامة:
سيناريوهات متضاربة تُخفي وراءها لغز اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي شوهِد آخر مرة داخل قنصلية بلاده في تركيا منذ 6 أيام، بين روايات تركية تزعُم تارة أنه اختُطِف واعتُقِل، وتارة أخرى أنه قُتِل بمدينة إسطنبول، يقابلها نفي رسمي سعودي وتأكيد بخروج خاشقجي من مبنى القنصلية.
واختفى خاشقجي، الثلاثاء الماضي، بعد دخوله مقر القنصلية السعودية في إسطنبول، بصُحبة خطيبته التركية خديجة أزرو، التي كانت تنتظره خارج المبنى، لتوثيق طلاقه حتى يتسنّى له الزواج منها؛ إذ لا يسمح القانون التركي بتعدّد الزوجات.
ومع مرور نحو أسبوع على غياب خاشقجي، تبقى التكّهنات غير مؤكّدة فيما تواصل الرياض وأنقرة التمسّك بروايتهما المتناقضتين عن مكان وجوده، سواء خارج القنصلية أو داخلها.
سيناريو الاحتجاز
تعتقد السلطات التركية أن خاشقجي لا يزال داخل القنصلية، وتزعم أنها "تملك معلومات بأن خاشقجي لا يزال داخل قنصلية السعودية في إسطنبول"، حسبما نقلت هيئة الإذاعة التركية والتليفزيون التركية (تي آر تي) عن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الأربعاء الماضي.
وقالت خديجة أزرو، خطيبة خاشقجي، إنه "دخل إلى مبنى القنصلية في الواحدة ظهر الثلاثاء (بتوقيت جرينتش) ولم يخرج إلى الآن"، مُعربة عن مخاوفها من أن تكون السلطات السعودية قد نجحت في اختطاف خاشقجي ونقله إلى بلاده بطريقة ما- على حد تعبيرها- بسبب انتقاده للحكومة.
في المقابل، نفت القنصلية العامة للمملكة في إسطنبول أن يكون خاشقجي موجودًا داخل مقرها، مُوضحّة أنه "غادرها بعد فترة قصيرة من دخوله المبنى"، حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، الخميس.
وقال مسؤول سعودي لرويترز "السيد خاشقجي زار القنصلية لطلب أوراق متعلقة بحالته الاجتماعية وخرج بعد فترة قصيرة.. هو ليس في القنصلية ولا تحتجزه السعودية".
وكذلك أكّد الأمير محمد بن سلمان أن "الإعلامي السعودي غادر مبنى القنصلية منذ فترة طويلة".
وقال بن سلمان في حوار مع وكالة "بلومبرج" الأمريكية نُشِر السبت، إن "خاشقجي دخل وخرج بعد دقائق أو ساعة"، مُشيرًا إلى أن "خاشقجي مواطن سعودي وأنه سيستمر في الحوار مع الحكومة التركية لمعرفة ماذا حدث له هناك".
وأبدى ترحيبه بالحكومة التركية لدخول القنصلية والبحث في المبنى، على الرغم من أن مباني القنصلية تعتبر أرضًا أجنبية، ولا يوجد لدينا ما نخفيه، بحسب قوله.
بعد ساعات من تصريحات بن سلمان، أعلنت السلطات التركية فتح تحقيقًا حول "ادعاءات احتجاز خاشقجي"، حسبما ذكرت وكالة الأناضول التركية.
بالتوازي، فتح القنصل السعودي باسطنبول، محمد العُتيبي، مقر بعثته أمام صحفيي وكالة "رويترز"، لتفنيد مزاعم احتجاز خاشقجي في مقر البعثة، مؤكدًا أن "الحديث عن اختطاف لا يستند إلى أساس".
وقال العتيبي، خلال مقابلة في القنصلية: "أؤكد أن المواطن جمال غير موجود في القنصلية ولا في السعودية".
وأوضح أنه بالرغم من تزويد القنصلية بكاميرات إلا أنها لم تسجل أي لقطات، ومن ثم من غير الممكن استخراج صور لدخول خاشقجي أو مغادرته للقنصلية التي تطوقها حواجز الشرطة وتحيط بها أسوار للتأمين تعلوها أسلاك شائكة، بحسب رويترز.
ووصف تصريحات بعض المسؤولين الأتراك حول تواجد خاشقجي داخل القنصلية إلى الآن بأنها "كاذبة وليست مبنيّة على حقائق أو وقائع".
سيناريو القتل
في تصعيد جديد يُضفي مزيدًا من الغموض على قضية اختفاء خاشقجي، زعم مصدران تركيان، السبت، أن "الصحفي السعودي البارز قُتِل داخل القنصلية"، حسبما نقلت عنهما وكالة رويترز. الأمر الذي نفته السعودية جملة وتفصيلًا.
وقال أحد المصدرين وهو مسؤول تركي لرويترز- لم تُسمه- "التقييم الأولي للشرطة التركية هو أن السيد خاشقجي قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول. نعتقد أن القتل مُتعمّد. وأن الجثمان نقل إلى خارج القنصلية".
ولم يذكر المصدران الطريقة التي يعتقدان أنها تمت لقتله.
في المقابل، نفى مصدر مسؤول في القنصلية العامة للمملكة باسطنبول تلك المزاعم التي استهجنها بشدة، واصفًا إيّاها بأنها "اتهامات عارية عن الصحة"، وفق وكالة الأنباء السعودية (واس).
وشكك المصدر- الذي لم تُسمه (واس)- بأن تكون هذه التصريحات صادرة عن مسؤولين أتراك مطلعين أو مخول لهم التصريح عن الموضوع.
وكشف أن "وفدًا أمنيًا مكون من محققين سعوديين وصلوا السبت الماضي لاسطنبول، بناءً على طلب الجانب السعودي وموافقة الجانب التركي الشقيق مشكورًا للمشاركة في التحقيقات الخاصة باختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي".
وأكد المصدر حرص المملكة على سلامة مواطنيها أينما كانوا ومتابعة السلطات السعودية المختصة لهذا الشأن ومعرفة الحقيقة كاملة.
فيديو قد يعجبك: