"اتصال من الموساد".. 10 دقائق من "الرعب" قبل قصف قناة الأقصى بغزة
كتب - إسلام ضيف وأحمد جمعة:
لم يكن يومًا عاديًا مر مثيله على سليم الشرفا، مقدم البرامج والمعد بقناة الأقصى الفلسطينية؛ فهو منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة يتابع الأحداث دون توقف، قبل أن يباغته اتصال مجهول في تمام الثامنة والنصف مساء الاثنين الماضي. ردّ عسى أن يكون خبرًا جديدًا سيذيعه للتو على محطته، لكنه كان غير ذلك، إذ بضابط في الاستخبارات الإسرائيلية يخبره على عجل بضرورة إخلاء مبنى الفضائية "لأن جيش الاحتلال سيقوم بقصفه بعد 10 دقائق".
فزع الرجل وانطلق في همة لتحذير زملاءه بمبنى القناة المكوّن من 5 طوابق، ونشر الخبر بسرعة "بعد 10 دقائق بدأت الطائرات في قصف المبنى بصواريخ تحذيرية، وبعد نصف ساعة قُصف المبنى بصواريخ طائرات F16 ليُهدم بشكل كامل".
وشهد قطاع غزة عدوانًا إسرائيليًا منذ ليل الأحد الماضي، بعد أن قامت دورية إسرائيلية باغتيال القيادي بكتائب القسام نور بركة.
"عصيبة وصعبة" هي العشرة دقائق التي تم خلالها إخلاء المبنى من العاملين بالقناة. كانت سريعة للغاية لدرجة أن سليم و زملاؤه بالقناة لم يشعروا خلالها بأنفسهم "كنا ننادي على بعضنا من الطوابق، ونفتش الغرف، ونطرق أبواب الحمامات، ونفتح الاستوديوهات ونخرج من كان بالفضائية بشكل سريع".
استطاع أكثر من 250 موظفًا وعاملًا بالقناة ممن يعملون بدوائر وأقسام إخبارية وهندسية وفنية وإدارية، الخروج قبل القصف الإسرائيلي دون إصابات.
خشي سليم وعدد من زملاؤه على قاطني العمارات القريبة من مقر القناة، بادروا بمناشدتهم في إخلاء هذه المباني سريعًا: "ناشدنا الناس بالابتعاد وإخلاء منازلهم بمكبرات صوت المسجد القريب".
وانقطع بث القناة بعد الغارة الإسرائيلية، وبعد دقائق أوقفت برامجها، وبثت صورة ثابتة لشعارها. وبعد ذلك بقليل سمع دوي ثلاثة انفجارات، واكتست شاشة القناة باللون الأسود.
استهداف قوات الاحتلال لمقر الفضائية التابعة لحركة حماس، والعاملين بها لم يكن الأول. يقول سليم الشرفا أنه "أثناء عدوان 2014، قصف الاحتلال جميع مباني القناة بالكامل، وهذا ما حدث كذلك في حرب 2012 عندما قصف الاحتلال سيارة تابعة للفضائية أسفر عن استشهاد 2 من الزُملاء، وقبل ذلك في حرب 2009 قصفت قوات الاحتلال مبنى القناة، وإذاعة صوت الأقصى".
خلال الأشهر الماضية حدثت الكثير من جولات التصعيد العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، لذا بدا استهداف القناة التابعة لحركة حماس أمرًا غريبًا ومُفاجئًا على سليم: "أول مرة يبدأ العدوان الإسرائيلي علينا باستهداف مبنى قناة الأقصى، وهذا يدل على أن الإعلام الفلسطيني يؤثر ويفضح الاحتلال، واستطاع أن يكون شوكة في حلقه لأنه ينقل جرائمه بشكل متواصل".
بعد 20 دقيقة من قصف مقر القناة عاد بثها من جديد بترددات جديدة عبر الأقمار الصناعية "الفضائية كانت تعلم أنها مستهدفة، ويمكن أن تُقصف في أي لحظة، لذا كان هناك قرارًا بأن نكون جاهزين لأي سيناريو، ولو قُصفنا كنا مخططين للعودة في مدة بين 10 دقائق وربع ساعة وهذا ما حدث تقريبًا، لأنها المدة الطبيعية التي يمكن أن يعود فيها البث".
للقناة الفضائية بشكل خاص تاريخًا حافلًا مع الاحتلال، ففي مقرها السابق بالضفة الغربية لاحقها الاحتلال، واعتقل صحفييها وموظفيها، وأغلق المكاتب ومنع العمل فيها واعتبرها محظورة "لأنها تغطي جرائمه وتنقل الصورة أولًا بأول عن كل ما يحدث في الضفة والقطاع".
عدة أسباب سردها سليم توضح سبب استهداف قوات الاحتلال للقناة الفضائية "القناة ترفع شعار المقاومة، وتنادي بالحرية والكرامة لشعبنا الفلسطيني، والاحتلال لا يريد لهذا الصوت أن يبقى ويريد أن يطمس الحقائق، ولا يريد لصوت المقاومة أن يكون ولا يريد للإعلام أن يفضح الاحتلال ويمجّد المقاومة لهذا تم قصفها".
طال القصف الإسرائيلي 6 بنايات أخرى بالقطاع، بعد القصف المُفاجيء على مقر القناة الفضائية مساء الاثنين وحتى بعد منتصف الليل، الأمر الذي دفع المقاومة بقطاع غزة للتصعيد وإطلاق مئات الصواريخ على مدينتا عسقلان والمجدل ومستوطنة سديروت وغيرها، "أصابت الصواريخ مبانٍ وعمارات سكنية مشابهة للمباني التي قُصفت في غزة".
بعد أخذ الوضع بين القوات الإسرائيلية والمقاومة الفلسطينية منحنًا تصاعديًا سريعًا، أعلنت الفصائل الفلسطينية في القطاع، الثلاثاء هدنة مع إسرائيل، بجهود مصرية "الآن الأجواء بالقطاع هادئة نوعًا ما، لا يوجد إطلاق للصواريخ، لكن يوجد استمرار لتحليق الطائرات بين الحين والآخر" يصف سليم.
وعلى إثر هذه الأحداث، قدم وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، استقالته يوم الأربعاء؛ احتجاجا على قبول هدنة لإنهاء يومين من القتال مع الفصائل الفلسطينية مع غزة، والذي تسبب في استشهاد 15 فلسطينيًا حتى اليوم، مع إطلاق الفصائل الفلسطينية 460 صاروخا صوب إسرائيل وقصف القوات الاسرائيلية 160 هدفا في غزة.
"القصف الإسرائيلي للقناة -رغم مُفاجئته- لن يُخرس صوتها الإعلامي الذي يعد من أكبر الفضائيات في غزة وفلسطين، والقناة مستمرة في نقل ما يحدث بالضفة الغربية والقدس، وتغطية أي عملية فدائية، والتشجيع على المقاومة في غزة ونقل أخبار المقاومة وفصائلها في غزة" يؤكد سليم.
فيديو قد يعجبك: