إعلان

أسعار الوقود تُشعل الشانزلزيه.. ماذا يحدث في باريس؟ (صور وفيديوهات)

12:53 م الأحد 25 نوفمبر 2018

كتبت- رنا أسامة:

حالة من العنف والفوضى تشهدها العاصمة الفرنسية باريس منذ أسبوعين، إثر تظاهرات نظّمها مواطنون غاضبون تنديدًا بارتفاع أسعار الوقود والسياسات الاقتصادية للرئيس إيمانويل ماكرون، فيما عُرِفت باحتجاجات "السُترة الصفراء"، أوقعت حتى الآن قتيلين وأسفرت عن إصابة واعتقال المئات.

واندلعت اشتباكات في منطقة الشانزليزيه، أمس السبت، حيث تجمّع نحو 5 آلاف متظاهر وحاول بعضهم اختراق طوق أمني فرضته الشرطة حول مواقع حساسة. واعتقلت السلطات ما لا يقل عن 18 شخصًا بعد الاشتباكات.

ووصف المنظمون احتجاجات السبت بأنها "المرحلة الثانية" من حملتهم المتواصلة. واعتبرت وكالة فرانس برس أن هذه الاحتجاجات بمثابة "اختبارٍ عسير" لقدرة ماكرون على إدارة الأزمات الاجتماعية.

واصطدم آلاف المتظاهرين في الشانزليزيه بحواجز معدنية ومتاريس نصبتها الشرطة، لحيلولتهم دون السير باتجاه مواقع حساسة، مثل المقر الرسمي لإقامة ماكرون. ورشقوا أفراد الشرطة بالحجارة والألعاب النارية.

وفي شارع دو فريدلوند، أطلقت الشرطة كرات مطاطية للسيطرة على المتظاهرين. وردّد بعض المحتجين النشيد الوطني شعارات تطالب رئيس الحكومة بالاستقالة، بينما رفع آخرون لافتات كُتب عليها "الموت للضرائب"، و"ماكرون، استقالة" و"ماكرون، لص"، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

في تلك الأثناء، تحوّلت منطقة الشانزلزيه إلى ساحة مواجهات بين المتظاهرين وأفراد الشرطة الذين حاولوا بدورهم فضّ التظاهرات باستخدام الغاز المسيّل للدموع ومدافع المياه، وفق فرانس برس.

وقال وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستنير، إن المتظاهرين متأثرون بمارين لوبان زعيمة حزب "المسيرة الوطنية" اليميني المتطرف. لكن لوبان اتهمت وزير الداخلية بعدم الأمانة.

وبحلول مساء السبت، استمر الوضع الفوضوي في الشانزلزيه كما هو عليه، حيث ظلت عدة حرائق مشتعلة. وخرجت مظاهرات في مدن أخرى بأنحاء فرنسا، منها ليل وليون وبوردو. وأفادت تقارير باندلاع عدد من الاشتباكات.

بحسب وزارة الداخلية الفرنسية، بلغ عدد المتظاهرين المُشاركين بالاحتجاجات في مُختلف أنحاء البلاد 81 ألفًا. ونقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن متحدث باسم الوزارة إنه "جرى اعتقال 130 شخصاً في باريس وباحتجاجات في أنحاء أخرى من البلاد".

ما سبب التظاهرات؟

بدأت التظاهرات السبت قبل الماضي، إذ خرج نحو 300 ألف متظاهر في أكثر من ألفيّ موقع في شتى أنحاء فرنسا. وقُتِل شخصان وأصيب أكثر من 600 آخرين.

جاء ذلك بعد دعوة أطلقتها حركة شعبية تطلق على نفسها اسم "السترات الصفراء"، لإغلاق الطرق والمطارات والمحطّات وعدد من المواقع الأخرى احتجاجًا على إجراءات حكومية تسببت في تراجع القدرة الشرائية للفرنسيين.

وذكرت البي بي سي أن أسعار الديزل، وهو الوقود الأكثر استعمالًا في السيارات الفرنسية، ارتفعت بنسبة تقارب 23 في المائة على مدى الشهور الـ12 الماضية، حيث بلغ سعر اللتر 1.51 يورو، وهو أعلى سعر يصله منذ عام 2000.

وكانت أسعار الوقود قد ارتفعت في الأسواق العالمية ثم عادت للانخفاض، لكن حكومة ماكرون رفعت ضريبة الهيدروكربون هذه السنة بقيمة 7.6 سِنت للتر الواحد للديزل و 3.9 سنت للبنزين، في إطار حملة لتشجيع استخدام السيارات تلويثًا للبيئة.

وينظر المحتجون إلى قرار فرض زيادة أخرى بقيمة 6.5 سِنت على سعر الديزل و2.9 سنت على سعر البنزين على أنه "القشّة التي قصمت ظهر البعير"، وفق البي بي سي.

وألقى ماكرون باللوم على ارتفاع أسعار النفط في ثلاثة أرباع القيمة التي ارتفعت بها أسعار الوقود. كما أشار إلى وجود ضرورة لفرض مزيد من الضرائب على الوقود الأحفوري لتمويل الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة.

ما هي حركة "السُترات الصفراء"؟

حركة "الستُرات الصفراء" أُطلِق عليها هذا الاسم نسبة إلى السُترات الصفراء العاكسة للضوء التي يرتديها أعضاؤها.

وُلِدت الحركة في نهاية شهر أكتوبر الماضي على خلفية ارتفاع الرسوم على المحروقات، ففي غضون عام ارتفعت 23 بالمائة على الديزل و14 بالمائة على البنزين، غير أن حكومة إدوارد فيليب ترغب في رفع الرسوم من جديد في مطلع العام المقبل، وهي خطوة يعتبرها كثيرون أنها "مُجحفة" بحسب فرانس برس.

انطلقت الحركة بعريضة في شهر مايو الماضي، ثم انتشرت على شبكة الانرتت من خلال انشاء عدة صفحات على فيسبوك وموقع الكتروني خاص بالتظاهر الاحتجاجي.

وقد حظيت هذه الحركة غير السياسية، حتى الآن، بدعم أحزاب من اليمين مثل الجمهوريين واليمين المتطرف مثل "التجمع الوطني"، إلى جانب حزب "فرنسا الأبية" اليساري، بقيادة النائب جان لوك ميلانشون، الذي أعلن دعمه للحركة، وفق فرانس برس.

أما زعيم حركة "الجيل سين" اليسارية، بونوا هامون، فأعلن دعمه مطالب المعتصمين، لكنه رفض الدعوة للانضمام إليهم في الشوارع، معتبرًا أن حركته اليسارية "لا تشارك بتحركات يستغلها اليمين المتطرف لمصلحته الخاصة"، بحسب قوله.

وعبّر بعض المتظاهرين المُنتمين إلى الحركة عن غضبهم من إجراءات الحكومة عبر مقاطع فيديو مُستوحاة من فيديو جاكلين مورو، إحدى رواد هذه الحركة.

من جهتهتا اكتفت الحكومة الفرنسية في البداية بالصمت، وبعدها خرج رئيس الوزراء، إدوار فيليب، يُعلن عدم تراجع حكومته عن دعم خطط زيادة الضرائب على الوقود. وقال لتلفزيون فرنسا 2 إن "المسار الذي رسمناه هو الصحيح وسنلتزم به".

وفي محاولة للتخفيف من حِدة الغضب الشعبي، أطلقت الحكومة حملة لإقناع الناس بأن الرسوم على الوقود ستُرفع للضرورة البيئية؛ فأعلن فيليب عن تدابير إضافية للتخفيف عن ارتفاع أسعار المحروقات، بما في ذلك تأمين مساعدة كبيرة لتأمين سيارات سيارات كهربائية أو صديقة للبيئة لأعداد كبيرة من الأسر.

وأبدى ماكرون تفهّمه لغضب المحتجين، لكنه وجّه الشكر لقوات الشرطة على "شجاعتها وكفاءتها المهنية" في التعامل مع المتظاهرين. وقال ماكرون في تغريدة عبر تويتر: "العار على من هاجموهم... لا مجال لهذا العنف في الجمهورية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان