إعلان

معهد "ESRI" البحثي: أيرلندا أكبر المتضررين من "بريكسيت".. وقد تواجه أزمة مالية (حوار)

07:16 م الثلاثاء 27 نوفمبر 2018

رسمة من "الإندبنديت" عن تأثير بريكسيت على أيرلندا

دبلن/ حوار- أحمد الليثي:

بعد 18 شهرًا من المفاوضات، وافق قادة الاتحاد الأوربي -17 عضوًا، أول من أمس، على اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد، وفي ظل صدى القرار المنتظر تنفيذه في مارس 2019، لن تتوقف تبعات الخروج عند حدود بريطانيا فحسب، بل يمتد التأثير لدول الجوار وعلى رأسها "أيرلندا".

ومنذ تصويت البريطانيين -52% صوتوا بنعم- على استفتاء المادة 50 بخروجهم من زمرة دول الاتحاد في 2016، وهناك العديد من الدراسات والأبحاث التي تجريها مراكز الأبحاث الأيرلندية في محاولة لوضع قراءة جيدة وخطط بديلة، منها معهد ESRI - منظمة غير هادفة للربح- المعني بالأبحاث والدراسات التي تساعد على فهم أوضح للاقتصاد والتغييرات الاجتماعية؛ ما يساعد صناع القرار في المجتمع المدني وقطاع رجال الأعمال والمستثمرين، ويعد ESRIامتداداً لمعهد البحوث الاقتصادية الذي تم تأسيسه في يونيو 1960 بواسطة مجموعة من كبار الأكاديميين والموظفين العموم.

يشرح البروفيسور كيران ماك كوين، الباحث والمحلل الاقتصادي لدى مؤسسة ESRI، في حوار خاص لـ"مصراوي"، الآثار المجتمعية المتوقعة بعد التصديق النهائي على اتفاقية الخروج، وكذا دور مؤسسته في تحليل الوضع الراهن، وآخر إصدارات ESRI في هذا الشأن، وكذلك يتحدث عن دور المؤسسة؛ في التواصل مع جمهور الأعمال، تطور فكرتها واعتمادها على شباب الباحثين.. وإلى نص الحوار:

1

كيف ترون الآثار المجتمعية المترتبة على بريكست.. وكيف سيؤثر ذلك على طبيعة الشعب الأيرلندي؟

الاتجاه التصاعدي الذي لاحظناه سابقاً فيما يتعلق بالتطلعات المستقبلية للنمو الاقتصادي وتوقعات تحسن الظروف المالية قد توقف تماماً.

هناك تأثير كبير في التبادل التجاري بين أيرلندا والمملكة المتحدة، والذي يصل إلى 1،2 مليار يورو أسبوعيًا، وإحدى القضايا الرئيسية مع بريكست هي التأثير المحتمل الذي يمكن أن تحدثه على الحدود بين جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية. لقد حذر السياسيون الأيرلنديون الحكومة البريطانية باستمرار من التأثير السلبي الذي يمكن أن يحدثه ذلك على كل من الجمهورية وأيرلندا الشمالية من منظورين اقتصادي واجتماعي، مع زيادة التوتر حول الحدود.

في استطلاع حديث للرأي أجرته شركةIPSOS MRBI ، تبين أن أكثر من نصف المستجيبين في أيرلندا قالوا إنهم "قلقون للغاية" من أن أي حدود جديدة تفرض بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي قد تهدد عملية السلام في أيرلندا الشمالية، في حين قال 25٪ منهم سيكون "قلقًا إلى حد ما"، بحسب الاستطلاع.

حدثنا عن آخر إصداراتكم بشأن الوضع الاقتصادي الأيرلندي وبخاصة بعد أزمة البريكست؟

يوجد حاليًا عدد من المشكلات الصعبة التي تواجه الاقتصاد الأيرلندي، محليًا ودوليًا على حد سواء، والتي نضع لها "روشتات" عمل أو تحليل لجمهور المتابعين.

أبرز ما تم رصده هو حصة إنفاق الأسرة على الغذاء من العوامل الرئيسية المحددة للتأثير. تقدر الدراسة زيادة قدرها 892 يورو إلى 1،360 يورو في متوسط الإنفاق السنوي نتيجة لمساهمة في التضخم تتراوح بين 2 و3.1 في المائة.

ومن المرجح أن تضعف قوة الإنفاق على التجارة والأسر نتيجة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

إحدى أكبر القضايا الداخلية تتعلق على المدى الطويل في إطار العرض من المساكن والانتعاش البطيء لقطاع البناء في حقبة ما بعد الأزمة. ومع استمرار الطلب على تفوق العرض، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 54% بين عامي 2013 و2017.

وهناك قضية فريدة أخرى تواجهها أيرلندا، وهي وجود شركات كبيرة متعددة الجنسيات. وهو ما يجبر المكتب المركزي للإحصاء على إصدار مقاييس بديلة للنشاط المحلي تفرق بين الشركات الوطنية والأخرى ذات الجنسيات المتعددة؛ حتى نتفادى المشكلات الخاصة بتحديد مقياس دقيق للنمو.

متى تتوقعون أن يتعافى الاقتصاد الأيرلندي -الذي يعتمد بشكل كبير على المملكة المتحدة- من هذه التبعية وينفتح بشكل كامل على العالم؟

يبدو أن التركيز الحالي على السياسة يستعد للصدمة الأولية من أضرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولكن هناك بعض الخطط بدأنا انتهاجها؛ ففيما يتعلق بالتجارة، على سبيل المثال، واصلت أيرلندا تنويع الشركاء التجاريين بعيدا عن المملكة المتحدة، والذين تربطنا بهم علاقات قوية على مدى العقد الماضي.

.. وماذا عن الخطوات الأخرى التي تنتهجها أيرلندا للنهوض اقتصاديا خلال الفترة المقبلة؟

في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن الخطوات المتخذة لحماية الاقتصاد الأيرلندي ومساعدتها في تعافيها من تلك الصدمة تشمل إعداد صندوق "يوم ممطر" والذي يشمل مساهمة مالية عامة بقيمة 500 مليون يورو في مخزن مالي عام. في حين يهدف هذا البند في المقام الأول إلى حماية الاقتصاد الأيرلندي من الصدمات الاقتصادية الرئيسية، فإن توفر هذه الأموال سيخفف بعض الشيء من الضغوط على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وكذا نسعى لاعتماد أيرلندا مركزًا للتجارة الاقتصادية الأوروبية واستبدال الواردات بعيدًا عن السلع البريطانية تجاه المنتجات الإيرلندية. والدعم المستمر نحو تنويع وجهات الصادرات الأيرلندية سيحسن بقوة من تنوع البلاد فيما يتعلق بسيناريو بريكست غير المرغوب فيه.

والاهتمام بقطاع السياحة بصورة أكبر، وبعض المؤشرات تقول إن الولايات المتحدة أصبحت شديدة الأهمية لبرامج السياحة الأيرلندية.

من خلال استطلاعاتكم.. إلى أي مدى يتخوف الأيرلنديون من البريكست وآثاره.. وهل لديهم الثقة الكاملة في الحكومة لتجاوز الأزمة بسلام؟

بالطبع هناك تخوف كبير، وقد أظهر مسحنا لمؤشر الثقة الاقتصادية لدينا ضائقة كبيرة بين المستهلكين الأيرلنديين، شهد مؤشر ثقة المستهلك الأيرلندي أكبر انخفاض له منذ منتصف عام 2011 (منخفضًا بما يقرب من 10 نقاط من 105.8 نقطة في سبتمبر 2017 إلى 96.4 نقطة في سبتمبر 2018).

وبخصوص الحكومة فإن قدرتها بالتغلب على الخسائر الناتجة عن قرار المملكة المتحدة بمغادرة الاتحاد الأوروبي يشكل تحديًا كبيرا ربما يخرج عن سيطرتها تمامًا، مثل محاولة منع حدوث أزمة مالية عالمية من التأثير في الاقتصاد الأيرلندي.

بخصوص ESRI.. ما أبرز المجالات التي تقدمون فيها الدعم بالأبحاث والاستشارات؟

تنقسم مجالات أبحاثنا إلى 12 مجالًا رئيسيًا: الاقتصاد الكلي، الاقتصاد السلوكي، الأطفال والشباب، التعليم، الإدماج الاجتماعي والمساواة، الصحة ونوعية الحياة، الرعاية الضريبية والمعاشات، التدويل والتنافسية، الطاقة والبيئة، الاتصالات والنقل، أسواق العمل والمهارات، بالإضافة إلى الهجرة والتكامل والديموغرافيا.

هناك معهد للبحوث الاقتصادية والاجتماعية بأيرلندا منذ 1960.. فكيف تطورت فكرة مشروعكم؟

بالنظر إلى الوراء وعلى مدار الستين سنة الماضية من وجود ESRI في أيرلندا، فإن مساهماتنا نحو تحسين إعلام صانعي السياسة والمجتمع المدني قد تحسنت باستمرار. وقد كان الدافع وراء هذا الهدف الرئيسي لمنظمتنا هو الحفاظ على أعلى معايير البحث. كما كانت مدفوعة بزيادة المنافسة في مجال البحوث الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

على سبيل المثال في عام 2006، بدأت دراسة النمو في أيرلندا . تجمع هذه الدراسة المشتركة بين ESRIوكلية Trinity College Dublin بيانات حول جميع جوانب حياة جماعتين من الأطفال، مجموعة تبلغ من العمر 9 سنوات والمجموعة الأخرى التي كان عمرها 9 أشهر عندما بدأت الدراسة. يتم استقصاء مجموعتي الأطفال على فترات منتظمة سنوية ويتم جمع البيانات حول مجموعة من القضايا من الأداء التثقيفي إلى الصحة الجسدية والرفاهية العقلية. وقد وفر ذلك مجموعة بيانات طولية كبيرة حول نتائج هؤلاء الأطفال وأصبح مورداً لا يقدر بثمن لتحديد حالة رفاهية الطفل في البلاد وكيف يمكن استخدام السياسة لتحسين الحياة.

2

ما المعايير التي تعتمدون عليها في رصد التغييرات السياسية والاقتصادية؟

لا يزال يتم تكليفنا من قبل إدارات حكومية مختلفة لإجراء الأبحاث ولكننا نحافظ على موضوعيتنا في هذا البحث، ولدينا العديد من الضوابط ومجموعات التوجيه لضمان بقاء البحث مستقلاً. بمجرد أن نبدأ البحث في مشروع، سننشر دائمًا النتائج التي توصلنا إليها بغض النظر عن النتائج. وإلى أي مدى سيرضى عنها الأطراف المعنيون، ما يشغلنا هو الحقيقة بكل موضوعية.

من هو الجمهور المستهدف لديكم؟

في الأساس ننشر مشاريعنا المختلفة بالمجلات الأكاديمية، وكذا ننشر نسخًا من هذه المواد على موقعنا العام. جمهورنا الرئيسي هم صانعو السياسة، ولكن نظرًا لمصالحنا في المساهمة بالأدلة من أجل الحوار العام، فإن جمهورنا المستهدف لا يزال مفتوحًا على نطاق واسع.

اشرح لنا طبيعة العاملين في مؤسستكم.. وما دور شباب الباحثين فيها؟

يضم طاقمنا 114 شخصًا.. يحتفظ المعهد بقائمة جيدة من المواهب من خلال توفير عقود ثابتة قصيرة الأجل تسمح للأفراد بالقيام بأفضل ما لديهم قبل الانتقال إلى مستقبلهم المهني. وبالنظر إلى اهتمام ESRI الخاص بزراعة المواهب الشابة في أيرلندا، فإننا نوظف أيضًا الخريجين الجدد من حملة ماجستير كمساعدي أبحاث بالإضافة إلى متدربين صيفيين في مرحلة ما قبل التخرج.

ما مصادر تمويلكم الأساسية؟

يشمل مموّلو المعهد العديد من الإدارات الحكومية والهيئات الحكومية والمنظمات الخاصة في أيرلندا. كما عملت على نطاق واسع للهيئات الدولية مثل المفوضية الأوروبية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وتمثل إيرادات الأبحاث نصف إجمالي التمويل في ESRI، حيث تم قياسها بمبلغ 6.1 مليون يورو في عام 2015. وتشمل قنوات الدخل البحثي، البحوث المكلفة، المنح البحثية، برامج الأبحاث وتمويل مسح GUI. كما يتلقى المعهد منحة سنوية مقدمة من وزارة المالية لدعم عناصر الاهتمام العلمي ولأنشطة المعهد العامة. وهذا يمثل أكثر من 20٪ من التمويل، بمبلغ ثابت عند 2.5 مليون يورو.

3

هل يحقق مشروعكم أي عوائد مادية تسهم في التمويل والدعم؟

ESRI وهي منظمة غير ربحية ومسجلة كمؤسسة خيرية، فإن الهدف الوحيد للمعهد هو السماح بتوفير الأموال بطريقة تمكننا من النمو باستمرار لاستيعاب الأبحاث لتطوير قضايا السياسة في أيرلندا.

كيف ساهم مشروعكم في تغيير سلوكيات المشاركين في السوق الاقتصادي؟

يتم إعداد مؤشر ثقة المستهلك على أساس شهري. يقيس هذا المؤشر التغيرات في وجهات النظر فيما يتعلق بالتمويل الشخصي والتوقعات الاقتصادية وسلوك الإنفاق. يتم الإعلان عن هذا المؤشر بقوة في أيرلندا وبالتالي يسهم بشكل أساسي في مواقف المشاركين في السوق من خلال المساعدة على تكوين توقعات مختلفة.

تقدمون الدعم لشركاء داخل أيرلندا والاتحاد الأوروبي.. ماذا عن التعاون مع شركاء خارج ذلك الإطار؟

بالفعل يتعامل المعهد مع هيئات خارج أيرلندا والاتحاد الأوروبي. على سبيل المثال، في عام 2017، أجرى فريق أسواق العمل دراسة استطلاعية لتطوير نموذج تحديد ملامح إحصائية لسوق العمل في الفلبين نيابة عن بنك التنمية الأسيوي.

ما حجم التأثير الذي أدخلتموه بفعل أبحاثكم واستطلاعاتكم؟

يتمثل الناتج الرئيسي للمعهد في المعارف التي يتم نشرها على نطاق واسع من خلال الكتب والأبحاث والمقالات الصحفية والتقارير والعروض العامة.

ﯾﻌﻣل اﻟﻣﻌﮭد ﺑﺻورة ﻣﻧﺗظﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻟف وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم، وﻟﮐﻧﮫ ﯾﺳﺗﻣر ﻓﻲ ﺗوﺳﯾﻊ ﻧطﺎﻗﮫ ﻣن ﺧﻼل ﺗﻧوﯾﻊ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺑﺣث واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﻧوات اﻟﻧﺷر. في عام 2015، جمعنا ما يقرب من 400 ذكر في جلسات البرلمان، أكثر من 1000 إشارة في الصحف. إننا نقوم بانتظام بإطلاع صانعي السياسة الأيرلنديين على التحديات والفرص التي تواجه الاقتصاد والمجتمع في أيرلندا. لقد استضفنا مؤخرا وزير المالية في إحاطتنا الإعلامية الأولى بشأن بريكست. كما شاركنا في تقديم المشورة المباشرة إلى وزير المالية السابق الراحل برايان لينيهان خلال الأزمة المالية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان