بومبيو في مقال بوول ستريت جورنال: شراكتنا مع السعودية حيوية
كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية مقالًا لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بعنوان "الشراكة السعودية الأمريكية حيوية".
ويقول بومبيو في مستهل مقاله: "إن جهود إدارة الرئيس دونالد ترامب في إعادة بناء الشراكة الأمريكية السعودية غير معتادة في واشنطن، حيث استخدم السياسيون من كلا الحزبين سجل حقوق الإنسان السعودي للمطالبة بتقليل التحالف، وأدت عملية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا إلى خلافات في الكابيتول هيل (مقر الكونجرس الأمريكي) وتركيز وسائل الإعلام، ولكن سيكون التقليل العلاقات الأمريكية السعودية خطأ مميت للأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها".
وتابع وزير الخارجية في مقاله: "السعودية قوة كبيرة للاستقرار في الشرق الأوسط، وتعمل على ضمان ديمقراطية العراق الهشة وتبقي بغداد مقيدة بمصالح الغرب وليس بمصالح طهران، وتساعد الرياض في إدارة تدفق اللاجئين الهاربين من الحرب الأهلية في سوريا من خلال العمل مع الدول المضيفة والتعاون بشكل وثيق مع مصر وإقامة علاقات أقوى مع إسرائيل”.
وساهمت السعودية بملايين الدولارات في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى، كما أن إنتاج النفط السعودي والاستقرار الاقتصادي هما مفتاح الازدهار الإقليمي وأمن الطاقة العالمي، حسبما يقول بومبيو.
وتساءل بومبيو في مقاله: هل يصدق أن الناس تستخدم مقتل خاشقجي كسلاح ضد سياسات الرئيس ترامب تجاه السعودية هم نفس الأشخاص الذين دعموا تقارب باراك أوباما مع إيران -وهي الدولة التي قتلت الآلاف حول العالم، من ضمنهم أمريكيون - وتقوم بترويع سكانها؟ أين كانت هذه الاستجابة وتجسيدات حقوق الإنسان هذه عندما أعطى أوباما نظام الملالي نقودًا للاستمرار في عملهم كأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم؟
وقال بومبيو: السعودية مثل الولايات المتحدة وعلى العكس من منتقديها، مُدركة للخطر الهائل الذي تشكله جمهورية إيران على العالم، فإيران الحديثة -بحسب تعريف وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسينجر- ليست دولة، فأهدافها تتمثل في نشر الثورة الإسلامية من طهران إلى دمشق بهدف تدمير إسرائيل وإخضاع كل من يرفض هذا بدءًا من الشعب الإيراني نفسه، وإيران -إذا تحلت بالجرأة- ستنشر المزيد من الموت والدمار في الشرق الأوسط، وتشعل سباق تسلح نووي إقليمي، وتهدد طرق التجارة، وتثير الإرهاب حول العالم.
وأشاد وزير الخارجية بجهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مكافحة النظام الإيراني وقال: "كان أحد أول أعمال محمد بن سلمان محاولة استئصال النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في اليمن، حيث استولى المتمردون الحوثيون المدعومون من طهران على السلطة في عام 2015، وتؤسس طهران كيانًا يشبه حزب الله في شبه الجزيرة العربية: فالجماعة المتشددة ذات السلطة السياسية أصبح بإمكانها استهداف المراكز السكانية في السعودية بنفس الطريقة التي تهدد صواريخ حزب الله في جنوب لبنان إسرائيل.
وتابع "يحتل الحوثيون الأراضي السعودية واستولوا على ميناء رئيسي، وقاموا بمساعدة إيرانية بتحسين نظام الاستهداف في الصواريخ الباليستية حتى يتمكنوا من إطلاق النار على مطار الرياض الدولي، الذي يسافر عبره عشرات الآلاف من الأمريكيين، وفي هذه الأثناء، لم تظهر طهران أي اهتمام حقيقي بالحل الدبلوماسي للصراع في اليمن".
وأشار بومبيو، إلى أن إدارة ترامب اتخذت العديد من الخطوات للتخفيف من معاناة اليمن في الحرب والمرض والمجاعة، وتم بذل بذلنا جهود كبيرة لتحسين نظم الاستهداف السعودية لتقليل عدد الضحايا المدنيين، وحفزنا المساعدات الإنسانية من خلال النموذج الكريم الذي قمنا به.
وكشف وزير الخارجية، عن أن الولايات المتحدة سعيدة بأنها ستقدم ما يقرب من 131 مليون دولار من المساعدات الغذائية الإضافية لليمن، ليصل إجمالي المساعدات الإنسانية إلى أكثر من 697 مليون دولار خلال الـ 14 شهرًا الماضية، ويتم توفير الأموال لبرنامج الأغذية العالمي والمنظمات الأخرى التي تعمل على إطعام الشعب اليمني.
وقال بومبيو، إنه بدون جهود الولايات المتحدة، سيكون عدد القتلى في اليمن أعلى بكثير، لن يكون هناك وسيط نزيه لإدارة الخلافات بين المملكة العربية السعودية وشركائها في التحالف الخليجي، الذين تعتبر قواهم ضرورية لجهود الحرب. لا مصلحة لإيران في تخفيف المعاناة اليمنية، فنظام الملالي لا يهتم بالإيرانيين. السعودية استثمرت المليارات لتخفيف المعاناة في اليمن، في حين أن إيران استثمرت صفر.
وأكد بومبيو، أن اليمن أيضًا جبهة مهمة في الحرب على الإرهاب، وكانت كذلك خلال الإدارات المختلفة من كلا الحزبين، وأطلقت المجموعة المعروفة الآن باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أول هجوم كبير على الأمريكيين في أكتوبر 2000، عندما قصف عملاؤها المدمرة الأمريكية كول، وأسفر الهجوم عن مقتل 17 بحارًا و39 جريحًا، ورست المدمرة في ميناء عدن باليمن.
نفذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ ذلك الوقت عدة هجمات على الأراضي الأمريكية ومصالح حلفائها، من محاولة الإرهابي النيجيري عمر فاروق تفجير طائرة نورث آير لاين 253 المتجهة من أمستردام إلي ديترويت في 2009، إلى مذبحة شارلي أيبدو في 2015 بمدينة باريس الفرنسية، كما أن تنظيم داعش يحتفظ بوجود له على الأراضي اليمنية يحاول من خلاله الهجوم على الولايات المتحدة وحلفائها.
وقال بومبيو إن التخلي عن أو تخفيض التحالف السعودي الأمريكي لن يؤدي إلى دفع الرياض في اتجاه أفضل داخليًا، حيث لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لضمان الحريات التي تقف معها أمريكا والرئيس ترامب، وومع ذلك، فإن ولي العهد نقل البلاد في اتجاه إصلاحي، من السماح للنساء بقيادة السيارات وحضور الأحداث الرياضية، إلى الحد من الشرطة الدينية والدعوة إلى العودة إلى الإسلام المعتدل.
وأكد بومبيو، أن الولايات المتحدة لا تتغاضى عن مقتل خاشقجي، الذي لا يتفق بشكل أساسي مع القيم الأمريكية، وهو أمر أبلغته (على لسان بومبيو) للقيادة السعودية بشكل خاص وكذلك بشكل علني، واتخذ الرئيس ترامب إجراءً ردا على ذلك. وتم اعتبار 21 سعوديًا من المشتبه بهم في جريمة القتل غير مؤهلين لدخول الولايات المتحدة وتم إبطال تأشيرات دخولهم، وفي 15 نوفمبر، فرضت الإدارة عقوبات على 17 سعوديًا بموجب الأمر التنفيذي رقم 13818، والذي يعتمد على قانون ماجنيتسكي، وعملنا على تعزيز دعم هذا الرد، وقد حذت العديد من البلدان، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، حذونا، وستبحث إدارة ترامب المزيد من الإجراءات العقابية إذا برزت حقائق أكثر حول مقتل خاشقجي.
وأضاف بومبيو، أنه من المفيد أن يعيد منتقدو التحالف الأمريكي السعودي النظر في مقالة جين كيركباتريك عام 1979 والتي كانت تحت عنوان "الدكتاتوريات والمعايير المزدوجة"، التي حللت فشل إدارة كارتر في التمييز بين الحكام المستبدين الصديقين للمصالح الأمريكية وأولئك الذين يعارضونها بشدة، حيث أعمت الميول الأيديولوجية كارتر عن مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، وأعاقته من وضع مصلحة الولايات المتحدة أولًا.
وذكر بومبيو في ختام مقاله بجملة قالها عالم الاجتماع دونالد كيركباتريك: "المثالية الليبرالية لا يجب أن تكون متطابقة مع الماسوشية، ولا يجب أن تكون متعارضة مع الدفاع عن الحرية والمصلحة الوطنية"، معلقًا عليها بـ "يا له من تذكير في الوقت المناسب لمنتقدي مقاربة الرئيس ترامب الصحيحة بين الولايات المتحدة والسعودية اليوم".
فيديو قد يعجبك: