إعلان

"مستشفى بلا دواء كجيش بلا ذخيرة".. كيف أثرت العقوبات الأمريكية على الإيرانيين؟

10:56 م الأربعاء 28 نوفمبر 2018

العقوبات الأمريكية على إيران

كتب - هشام عبد الخالق:

"على الرغم من الابتسامة التي تعلو محياها أثناء تجولها في سوق أرض المعارض بجبل توتشال المغطى بالثلوج بضواحي طهران، إلا أن الإيرانية لامال شينار قلقة من الداخل، فهي مثل العديد من أبناء دولتها ضحية للمحاولات الأمريكية لشل الاقتصاد الإيراني من خلال العقوبات التي فرضتها مؤخرًا".

شينار قلقة من شيئين أولهما كيفية إيجاد الأدوية التي تحتاجها أمها لعلاج أزماتها القلبية المتكررة، وكيفية تحويل أموالها إلى داخل أو خارج إيران.

وتقول شينار لصحيفة "الجارديان" البريطانية، "إيران لا تنتج العقاقير التي تحتاجها والدتي، ولكن لديّ أخ لديه تأشيرة عمل للسفر إلى فرنسا، ويعود بأكبر قدر ممكن من تلك الأدوية في كل مرة يسافر للخارج. نحن محظوظون فكثير من الناس لا يستطيعون الذهاب إلى الخارج ويذهبون من صيدلية إلى أخرى، وغالبا ما يعودون بدون الأدوية التي يحتاجونها. هذا مؤلم جدًا".

وذكرت الصحيفة، أن معظم الدخل الذي تحصل عليه شينار يأتي من عملها كمبرمجة لصالح إحدى الشركات في كندا، ولكن بما أنه لا يوجد بنك دولي واحد سيتعامل مع الأموال المتعلقة بالعقوبات الأمريكية على إيران، يجب عليها المخاطرة في السوق السوداء باحتمالية سحب أموالها بعيدًا. ونتيجة لذلك، تحول كميات صغيرة في كل مرة، مما يزيد من التكلفة.

وتقول زرحا تاليبي للصحيفة: "لدينا بعض أسوأ مستويات السرطان في العالم، وهذا يرجع إلى سببين أولهما هو النظام الغذائي والآخر هو التلوث، فبسبب انخفاض أسعار البترول أصبح في متناول الجميع القيادة".

وتضيف تاليبي، أن إيران تنتج الكثير من أدويتها، ولكن يوجد أيضًا نقص في بعض منها، ولا يقوم الكثير من الأشخاص بفحوصات طبية، حتى لو تم تشخيصهم بأمراض لا يمكنهم العثور على الدواء، متابعة بقولها: "الناس العاديون أصبحوا يعانون من تلك العقوبات الأمريكية على طهران".

وأشارت الصحيفة، إلى أن طهران تمتلك مستشفيات حديثة ممتازة، لكن مستشفى بلا دواء كجيش بلا ذخيرة، وتزداد قوائم انتظار المستشفيات مع عودة المرضى لمعرفة ما إذا كانت أدويتهم متوفرة أم لا.

صورة 1

نظرياً، تم إعفاء المشتريات الإيرانية للسلع الإنسانية مثل الأدوية من العقوبات الأمريكية، تمامًا كما كانت بموجب نظام العقوبات الدولي التي تم رفعها بعد الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، لكن يبدو أن الولايات المتحدة، المسؤولة الوحيدة الآن عن العقوبات التي تم فرضها مرة أخرى، اتخذت نهجًا غامضًا في كيفية عمل نظام إعفاءات المشتريات الإنسانية عمدًا، ويقول دبلوماسيون إنه تم تصميم حملة ترويجية دولية وضعها الأمريكيون في جميع أنحاء أوروبا لتوفير تحذيرات تقشعر لها الأبدان أمام الشركات والحكومات من عواقب خرق العقوبات، ونتيجة لذلك، تصرفت شركات الأدوية الأجنبية والمصارف الدولية بحذر محاولة تجنب المخاطر وفرض عقوبات عليها بصورة غير مقصودة.

العقوبات الأمريكية على طهران، بحسب الصحيفة، لا تؤثر على المواطنين فقط ولكن أيضًا شركات الشحن، ويزعم أحد المصادر الطبية في طهران أن شركة DHL (للشحن الدولي السريع) لم تعد تقوم بنقل عينات مرضى السرطان إلى الخارج. وتعني العقوبات الجديدة، أن بعض الأدوية يصعب العثور عليها. وأدى انهيار الريال الإيراني إلى ارتفاع تكلفة الأدوية بشكل كبير.

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قال للجارديان: "فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على إيران وعندما تريد تحويل الأموال، لا يسأل البنك عما إذا كان الأمر يتعلق بالطعام أو أشياء أخرى، ولهذا فالعقوبات تضر بالأغذية والأدوية".

وأضاف ظريف بقوله: "الولايات المتحدة لا تفي بوعودها، نحن نؤمن بأن العقوبات غير مشروعة في أي حال وضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لكن الولايات المتحدة لا تفي حتى بالالتزام الذي قطعته تجاهنا، وفي نهاية المطاف، تضر العقوبات بالناس العاديين، وهذا هو هدفهم".

ويقول مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، إن "هذه الضغوط مصممة لجعل إيران تخضع"، وذلك على الرغم من تصريحات برايان هوك، الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية لسياسات إيران، قال في إحاطات إلى المراسلين الأوروبيين إن الولايات المتحدة لم تستهدف أبدًا الأدوية أو الأجهزة الطبية، مضيفًا أن "محاولات النظام لسوء وصف هذه الإعفاءات الإنسانية هي جهد مثير للشفقة لصرف الانتباه عن فساد النظام الإيراني وسوء إدارته".

وأشارت الصحيفة، إلى أنه أياً كان السبب، فإن الأزمة الاقتصادية ممتدة في جميع أنحاء طهران، وخرجت أسعار المساكن عن السيطرة، وأصبحت نسبة التضخم السنوي حوالي 37٪، ونتيجة لذلك، يعيش الآن ما يصل إلى ثلاثة ملايين من عمال طهران على بعد أميال في المدن الجديدة بالقرب من العاصمة، مما يزيد من التلوث والضغط على الطرق في طهران.

صورة 2

وتضيف الصحيفة، أنه في البازار الكبير، يقول بائعو السجاد إن محالهم فارغة بسبب الانهيار التجاري للريال، لكنهم لا يزالون واقعيين.

ويقول أحدهم: "لقد نجونا من العقوبات لمدة 40 عامًا. لا يوجد شيء جديد. هذه طريقة عيشنا". كما أنهم يضحكون على فكرة أن حكامهم قد يجبرون على الخضوع للمحور السعودي الأمريكي. واتهم أحدهم المملكة المتحدة وأمريكا بمحاولة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، قائلًا: "سننظر إلى الشرق حيث توجد بلدان يمكننا أن نتاجر معها".

ولكن على الرغم من تلك القوة التي يظهرها بعض الإيرانيين، يوجد آخرون لا يظهرون سوى الخوف والألم، ويقول أمير علي الذي يدير مطعم للدواجن: "يريد الجميع هنا أن يغادر وأن يذهب إلى تركيا. نحن بائسون ولا توجد وظائف. وإذا ما تظاهرت فسوف يقتلونك".

ونقلت الصحيفة في ختام التقرير عن داريوش محمديون، مدرس لغة إنجليزية قوله: إنه "لا يرى أي دليل على أن العقوبات ستؤدي إلى اندلاع انتفاضة، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب متغطرس وغبي وجاهل، وسيكون الأمر قاسيًا هنا في العام المقبل، خاصة بالنسبة للشباب والعجائز الذين يحتاجون إلى الأدوية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان