"التعاطف الشعبي والهجمات الأخيرة".. هل تؤدي كل الدلائل إلى عودة داعش للعراق؟
كتب - محمد عطايا:
مع بداية الغزو الأمريكي لبغداد، وسقوط نظام صدام حسين؛ ظهرت الميليشات بشكل واسع في العراق كجبهة شعبية تواجه "قوات الاحتلال" التي فتكت بمقدرات بلادهم.
لم تتمكن الولايات المتحدة من السيطرة على الأوضاع في العراق، وظلت باقية طوال 8 سنوات في محاولة إعادة الأمن مرة أخرى، إلا أن "القاعدة" كان قد انتشر بالفعل وسط دعم أهلي، ونتج عنه في العام 2014 تنظيم هو الأخطر والأكثر وحشية في العالم.
وبدأ ظهور تنظيم داعش الإرهابي في المناطق الكردية بالعراق، نتيجة ضعف قوات البيشمركة الكردية، وعدم جاهزيتها في تلك الفترة لمواجهة تلك القوى، والفقر المدقع الذي يسود المنطقة، والفساد المستشري، وذلك وفقًا لما ذكره كفاح محمود سنجاري، الكاتب والباحث السياسي الكردي، في تصريحات لـ"مصراوي".
انتشر داعش من المناطق الكردية إلى باقي البقاع في العراق، وتمكن من السيطرة على أهم المناطق والمحافظات النفطية، وفي 2015، شن هجمات في أوروبا وأمريكا، ما أجبر الولايات المتحدة بالتعاون مع عدد من القوى الدولية، على تشكيل التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
مطلع العام الجاري أعلنت الحكومة العراقية القضاء على تنظيم داعش في بلادها، إلا أنه منذ ما يقرب من شهر مضى، شن هجمات نوعية على عدد من المحافظات معظمها كردية.
هل يتعاطف الشعب العراقي مع داعش؟
عودة الهجمات على العراق بعد إعلان القضاء على التنظيم، أثار استنكار المجتمع الدولي، واتجهت الأنظار إلى أسباب استمراره "بقوة" هناك.
وانتشرت -مؤخرًا- العديد من التقارير الإعلامية عن احتمالية عودة تنظيم داعش إلى العراق مرة أخرى، استنادًا على الهجمات التي شنها في الآونة الأخيرة، خاصة في كركوك، والموصل، ونينوى، ومناطق أخرى.
ونتيجة للهجمات الأخيرة، أعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي -أمس الثلاثاء- تسجيل نشاط متزايد للتنظيم في محافظة نينوى والمناطق الواقعة غربي البلاد على حدود سوريا، في اعلان يأتي بعد يوم من مطالبة عصائب أهل الحق الشيعية العراقية الموالية لإيران بدور أكبر للحشد الشعبي في تأمين الحدود مع سوريا.
يرى المحلل السياسي والأكاديمي عبد الكريم الوزان، في تصريحات لـ"مصراوي"، وجود تعاطف بسيط من قبل العراقيين مع التنظيم، "بل أن بعض أولادهم مقاتلين داخله".
فيما أكد سنجاري أنه "ربما تظهر أجيال أكثر وحشية من داعش" إذا لم يتغير شيء من المفاهيم الدينية المغلوطة المنتشرة، موضحًا أن التطرف والجهل والفقر لا يزال مستمرًا هناك.
يبدو أن من بين أسباب استمرار التنظيم في العراق بحسب الوزان، الوضع الداخلي المتفكك، بالإضافة إلى البطالة، ومسألة المصالحة الوطنية، وعودة المهجرين، وتعاون دول الجوار والكبرى بشكل حقيقي مع العراق لمكافحة الإرهاب.
ولفت إلى أن الهجمات التي يشنها التنظيم حاليًا عبارة عن نتاج للخلافات، وعدم وجود جدية دولية للتعامل معهم بالتعاون مع العراق لمكافحة الإرهاب، والتطرف، سواء التطرف من داخل العراق أو تنظيم مخابراتي خارج.
واستطرد الأكاديمي العراقي، أن داعش أصبح تنظيم دولي مخابراتي، ولكن يمكن إنكار أن له أرضية في البلاد، وبخاصة في المحافظات السنية، فهناك "تعاطف بسيط" من قبل السكان مع التنيظم.
فيما يؤكد سنجاري أن البيئة التي نمت فيها داعش لا تزال كما هي، فلا يزال العراق يشهد فقر مدقع، وفساد مستشري، بالإضافة إلى فشل الحكومة في اقناع الغالبية العظمى من السكان بأنها ستقدم الخدمات للمواطنين، هذا بجانب النظام الطائفي الذي ساهم في ترعرع الأفكار والعقائد المتطرفة.
هل يعود داعش إلى العراق؟
يرى الباحث السياسي الكردي، أن تواجد ميليشيات الحشد الشعبي في بعض المناطق الكردية، كان له أبلغ الأثر في إضعاف قوات البيشمركة، وما تشهده البلاد من هجمات متتالية.
وأكد أن ما حدث في كركوك وبعض المدن الكردية، كانت صفقة بين القوات الكردية وحيدر العبادي، لدخول قوات الحشد الشعبي وتسليم المدن لهم، قائلًا "الآن يواجهون خطر الإرهاب. وبدأ نشاط الخلايا من الغرب والجنوب الغربي وحتى الموصل، وتحديدًا في سنجار، التي بدأت تعاني من ظهور عمليات انتحارية وتفجير سيارات".
واستكمل أن وجود الحشد الشعبي في المناطق المتنازع عليها سيشجع الخلايا، ويجعلها أكثر قابلية لاستهداف القوات المتواجدة للحماية.
واستطرد أنه بدون تنسيق بين قوات البيشمركة والجيش العراقي، هناك أكثر من فرصة في إعادة داعش تنظيم أوضاعه في تلك المناطق، وكلما زاد الخلاف بين بغداد وأربيل، واتسعت الهوة، يتيح ذلك عودته إلى العراق مرة أخرى.
في المقابل، نفى عبدالكريم الوزان، أن يكون للحكومة العراقية أي دور في إضعاف أو تدمير قوات البيشمركة، لافتًا إلى أنها لا تزال بكامل إمكانياتها وقوتها ومدعومة من أمريكا، مؤكدًا "تلك النقطة لا أساس لها". وأرجع الأمر إلى كيفية تعاون الأكراد بجدية مع حكومة بغداد، وحماية الحدود فيما بينهما، وتغليب مصالح العراق.
الوزان أكد أن ما يحتاجه العراق هو وحدة صف وسياسة واضحة، وإصلاح الشأن الداخلي، والقضاء على الفساد الذي أصبح بموازاة الإرهاب، فهناك رؤوس كبيرة بمستوى عال من التسلسل الوظيفي هم من يرعون الإرهاب.
واستكمل: "لا بد من عودة النظر في الجيش والأمن بحيث يكون لهما إيمان عقائدي، ولا بد أن يكون للعراق سياسية واضحة مع دول الجوار، ودبلوماسية حقيقية وراقية مع الدول الخارجية، بالإضافة إلى وضع حد للتدخل الخارجي، سواء من أمريكا أو غيرها".
فيديو قد يعجبك: